زاوية عربي

من عبدالقادر رمضان، الصحفي في موقع زاوية عربي

قرض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 5.2 مليار دولار في الطريق إلى مصر وهو ما سيرفع إجمالي التمويلات التي دبرتها الحكومة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا إلى حوالي 13 مليار دولار من صندوق النقد وسندات دولية.

ويأتي توسع مصر في الاقتراض من الخارج في هذا الوقت بعد الضربة التي تعرض لها اقتصادها بسبب انهيار إيرادات السياحة ونزوح استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية وتراجع الأنشطة الاقتصادية بسبب فيروس كورونا.

وبحسب خبراء تحدثت معهم زاوية عربي، فإن هذه التمويلات كانت ضرورية من أجل تعويض النقص الكبير في إيرادات البلاد من العملة الصعبة، لكنهم أكدوا على ضرورة أن تحسن الحكومة الاستفادة منها لإنعاش الاقتصاد بما يمكنها من سداد هذه الديون المتفاقمة.

تفاصيل القروض الجديدة

حصلت مصر في مايو الماضي على تمويل طارئ من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.77 مليار دولار، ضمن حزمة تمويلية طلبتها من الصندوق تشمل قرض آخر بقيمة 5.2 مليار دولار، وهو مرتبط ببرنامج إصلاح اقتصادي مدته عام واحد، بحسب بيانات سابقة من صندوق النقد الدولي.

للمزيد: مصر تتفق مع صندوق النقد الدولي على قرض جديد ب5.2 مليار دولار لمواجهة تداعيات كورونا

وباعت مصر سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار الشهر الماضي لتوفير جزء من التمويلات المطلوبة للعام المالي المقبل 2020- 2021 الذي يبدأ أول يوليو المقبل، بحسب بيان سابق من وزارة المالية.

وفي حالة موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض الاستعداد الائتماني فإن إجمالي التمويلات الخارجية التي دبرتها مصر ستصل إلى حوالي 13 مليار دولار.

وبحسب تقرير لوكالة بلومبرج الشهر الماضي فإن مصر تسعى للحصول على 4 مليارات دولار إضافية من مؤسسات دولية أخرى.

خلفية سريعة عن تأثير كورونا على مصر

تضررت مصر التي تأكد بها إصابة أكثر من 32 ألف مواطن بفيروس كورونا بشدة بسبب تداعيات انتشار الفيروس والتي أدت لانهيار قطاع السياحة المهم لإيرادات البلاد من العملة الصعبة والتوظيف، إضافة إلى تراجع الأنشطة التجارية مع إجراءات الإغلاق وفرض حظر ليلي على التجوال.

وخسر احتياطي النقد الأجنبي للبلاد ما يقرب من 21% من قيمته خلال الثلاثة شهور الماضية بعد ان سجل حوالي 36 مليار دولار في مايو، مقابل 45.5 مليار دولار في فبراير، بحسب بيانات البنك المركزي.

وأظهر نشاط القطاع الخاص بعض التحسن في مايو الماضي بحسب ما أظهره مؤشر مديري المشتريات الذي أعلنته مجموعة IHS Markit  الأربعاء الماضي، لكنه لا يزال يعاني من الانكماش.

أراء الخبراء

قالت منى بدير كبيرة الخبراء الاقتصاديين في شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية المصرية، في اتصال هاتفي مع زاوية عربي من القاهرة إن اقتراض مصر من الخارج كان ضروريا لتعويض التراجع الكبير في موارد البلاد من العملة الصعبة ووصفتها بأنها خطوات استباقية من الحكومة لسداد الفجوة التمويلية والتصدي لأي ضغوط في الفترة الحالية.

وأضافت منى أن مصر تسعى لتأمين أكبر قدر من التمويلات في مواجهة أزمة كورونا، في ظل الضغوط الكبيرة على مصادر العملة الأجنبية.

"لم يكن أمام مصر خيارات كثيرة.. فمع خروج استثمارات الأجانب الكبير وتراجع إيرادات السياحة..كانت هناك حاجة ضرورية لتعويض هذه الفجوة،" بحسب منى.

وأشارت منى إلى التأثير السلبي لأزمة كورونا على تحويلات المصريين العاملين في الخليج وإيرادات السياحة التي توفر فرص عمل لملايين من المصريين، في الوقت الذي تحتاج مصر العملة الصعبة لسداد التزاماتها الخارجية واستيراد السلع الأساسية.

وقالت عالية المهدي أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، في اتصال هاتفي مع زاوية عربي من القاهرة، إن مصر كغيرها من دول العالم تعاني من تداعيات فيروس كورونا على اقتصادها، وبالتالي كانت هناك حاجة لتعويض مصادر العملة الأجنبية التي تضررت، "لكن المهم هو كيف نستخدم هذا التمويل وخطتنا لسداده؟".

استخدامات القرض الجديد

قالت عالية إن الحكومة المصرية عليها أن تضع خطة واضحة لاستخدام القروض الخارجية الجديدة بحيث توجه لدعم قطاعات إنتاجية مستدامة تمكنها من إنعاش الاقتصاد وزيادة قدرته على توليد الموارد اللازمة لسدادها.

وأضافت أنه من الضروري أيضا أن تضع الحكومة تصور محدد لكيفية سداد هذه الديون.

"تحفيز القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة وتقديم حوافز وتسهيلات للقطاع الخاص وتحسين مناخ الاستثمار ضروري في ظل الكساد التي تعاني منه الشركات حاليا،" بحسب ما قالته عالية.

وهو ما اتفقت معه منى التي قالت إن الحكومة أمامها فرصة لتطوير وتوطين الصناعة في مصر وخصوصا تلك التي تصدر للخارج، بما يقلل الواردات، ويقلل من إنفاق العملة الصعبة على الاستيراد.

وقالت عالية إن السوق المصري كبير ويمكنه استيعاب كثير من الصناعات المنتجة محليا ويقلل الطلب على الواردات.

تعليق صندوق النقد

كان صندوق النقد الدولي قال في بيانه يوم الجمعة الماضي بخصوص الموافقة المبدئية على قرض جديد لمصر بقيمة 5.2 مليار دولار، إنه "يهدف لدعم الإنفاق الصحي والاجتماعي، وتحسين شفافية المالية العامة، وتحقيق تقدم أكبر في الإصلاحات الرامية إلى تحفيز النمو وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص".

تعليق حكومي

قالت هالة السعيد وزيرة التخطيط المصرية، في مايو الماضي في مؤتمر عبر الإنترنت مع غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة إن محادثات مصر مع صندوق النقد الدولي بشأن القرض الجديد ستركز على "إصلاحات هيكلية لإلغاء قيود على شركات القطاع الخاص، وحددت بعض الأولويات في هذا الشأن من بينها التحول الرقمي والصناعة والزراعة والخدمات اللوجستية، بحسب تقرير لوكالة رويترز يوم 19 مايو الماضي.

تأثير القروض الجديدة على الدين الخارجي

وقالت عالية إن القروض الأجنبية الجديدة ستؤدي لزيادة الدين الخارجي لمصر الذي تفاقم في السنوات الأخيرة.

وهو ما اتفقت معه منى التي توقعت أن يصل الدين الخارجي إلى 124 مليار دولار بنهاية العام الجاري.

خلفية عن الدين الخارجي لمصر

ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى حوالي 112.7 مليار دولار في نهاية 2019، وهو ما يمثل حوالي 33.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب النشرة الشهرية للبنك المركزي لشهر أبريل الماضي.

تأثير قرض الصندوق على سعر الصرف

وقالت محللة برايم إن القروض الخارجية التي دبرتها مصر خلقت للبنك المركزي مساحة للسيطرة على سعر الصرف وصد الضغوط التي يتعرض لها الجنيه المصري.

وتتوقع منى أن يحافظ المركزي على مرونة سعر الصرف مع درجة من السيطرة على تحركاته في ظل التدفقات الدولارية الجديدة التي حصل عليها من الخارج.

"نحن نتوقع انخفاض محدود في سعر الجنيه بنحو 4% عن مستواه الحالي بحيث لا يتخطى مستوى 17 جنيها حتى نهاية العام الجاري،" بحسب ما قالته منى.

وكان الجنيه المصري شهد موجة من الانخفاض منذ منتصف مايو الماضي بعد فترة من الاستقرار ليصل إلى أقل مستوى له في أكثر من 7 أشهر عن مستوى يقترب من 16.28 جنيه بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

(ويعمل عبدالقادر في موقع مصراوي المصري كما انه عمل سابقا في عدة مؤسسات منها، موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وجريدة البورصة المصرية، وقناة سي بي سي الفضائية المصرية)

(تحرير: تميم عليان، للتواصل: Yasmine.Saleh@refinitiv.com)

© ZAWYA 2020

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـا