24 12 2018

«دبي للصادرات» تفتح أبواب أضخم أسواق أفريقيا أمام مصدري الدولة

أكد رجال أعمال ومسؤولون نيجيريون أن بلادهم تزخر بالفرص الواعدة أمام الشركات الإماراتية، بوصفها أضخم أسواق أفريقيا من حيث التعداد السكاني، إذ يصل عدد سكانها إلى أكثر من 195 مليون نسمة، يشكل كل منهم فرصة استهلاكية لمختلف المنتجات والخدمات، إضافة إلى الفرص الاستثمارية المتمثلة في حاجة البلاد لتطوير البنية التحتية، بما يشمل الطاقة والطرق والمياه والصحة وغيرها.

جاء ذلك خلال فعاليات منتدى التجارة بين دبي ونيجيريا، الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة لاغوس العاصمة الاقتصادية لنيجريا، ويأتي المنتدى ضمن فعاليات بعثة تجارية موسعة نظمتها مؤسسة دبي لتنمية الصادرات، إحدى مؤسسات اقتصادية دبي، إلى لاغوس بالتعاون مع سفارة الدولة في نيجيريا، وشارك في البعثة 17 شركة إماراتية تعمل في مجموعة متنوعة من القطاعات.

تعاون تجاري

وخلال كلمة ألقاها خلال المنتدى، أكد فهد التفاق سفير الدولة لدى نيجيريا أن البعثة التجارية، التي تقودها مؤسسة دبي لتنمية الصادرات تسهم في تمهيد الطريق للمزيد من التعاون التجاري والاستثماري بين الطرفين. ودعا الحضور إلى بحث الفرص وبناء شراكات مثمرة مع اعتماد مقاربات مبتكرة في ممارسة العمل التجاري والاستثماري ودراسة آليات العمل التجاري والاستثماري لدى الشركات الإماراتية ونظيراتها النيجيرية.

وشدد التفاق على أهمية دور الشركات الصغ

يرة والمتوسطة في خلق فرص العمل ودعم النمو الاقتصادية في مختلف دول العالم ومن ضمنها الإمارات ونيجيريا، وعلى الأولوية التي توليها الإمارات لدعم رواد الأعمال الشباب وتحفيز توسعات مشاريعهم وأعمالهم على الصعيد المحلي والعالمي، موضحاً أن ذلك يأتي في ظل اهتمام القيادة الرشيدة بدعم الشباب وتمكينهم في مختلف المجالات.
 
ودعا إلى تطوير البنية التشريعية والقانونية لتوفير بيئة استثمارية ملائمة في نيجيريا، مؤكداً أهمية تفعيل اتفاقيات الازدواج الضريبي وتشجيع الاستثمار مع الإمارات.

وأشاد التفاق بالدور الحيوي الذي تلعبه الناقلات الوطنية في تعزيز حركة نقل المسافرين من السياح ورجال الأعمال والتجار، فضلاً عن نقل البضائع عبر الشحن الجوي بين الإمارات ونيجيريا، لافتاً إلى أنها تشكل مساهماً رئيساً في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين.

مقومات متكاملة

من جانبه، استعرض محمد الكمالي، نائب المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الصادرات المقومات اللوجستية والتجارية المتكاملة، التي تتمتع بها دبي والإمارات، لافتاً إلى أن الدولة تمثل بوابة تجارية مثالية للشركات النيجيرية الراغبة في توسيع عملياتها ودعم انتشار منتجاتها وخدماتها إلى أسواق آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث توفر خيارات متنوعة للتجار والمشترين، بفضل ما تتمتع به من شبكة واسعة للربط الجوي والبحري والبري مع مختلف دول العالم، فضلاً عن البيئة الخدمية والبنية التشريعية المحفزة للأعمال، إلى جانب المناطق الحرة المتعددة، والتي تلبي المتطلبات اللوجستية لمختلف الشركات التجارية العاملة في مختلف القطاعات.

ودعا الكمالي الشركات النيجيرية إلى التعرف على نظيراتها الإماراتية المشاركة في فعاليات البعثة، خاصة مع تنوع القطاعات والتخصصات والخدمات المقدمة، مؤكداً أن التواصل المباشر وجهاً لوجه عامل أساسي في عقد الصفقات وممارسة الأعمال بالرغم من الدور المتنامي للاتصال الرقمي والتجارة الإلكترونية، إذ إن الاجتماعات الشخصية المباشرة تتيح فرصة التعرف عن كثب على واقع الأعمال والأسواق ومعاينة المنتجات والخدمات وبناء جسور الثقة بين الطرفين بشكل شخصي ومباشر.

وأوضح الكمالي أن المنتج الإماراتي يتمتع بسمعة عالمية مرموقة من حيث الجودة والأسعار التنافسية، ما يساعد على انتشار المنتجات التي تحمل علامة «صنع في الإمارات» في مختلف الأسواق العالمية، لافتاً إلى أن السوق النيجيرية تتميز بآفاق واعدة للمنتجين والمصدرين من الإمارات في ظل التعداد السكاني الهائل ووجود شرائح متنوعة من المستهلكين بمن فيهم الشرائح ذات الدخل المترفع.

ولفت نائب المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الصادرات إلى أن المؤسسة على استعداد تام لتقديم كل الدعم للشركات النيجيرية الباحثة عن شركاء تجاريين وموردين موثوقين لمختلف السلع والمنتجات والخدمات من الإمارات إضافة إلى تعريف رجال الأعمال والمشترين من نيجيريا على آليات التجارة والاستيراد وإعادة التصدير من دبي إلى نيجيريا ومختلف الأسواق العالمية الواعدة.

نظرة واقعية

وخلال جلسة حوارية شارك فيها متحدثون من الطرفين، أشار المتحدثون إلى أهمية النظر بواقعية إلى نيجيريا بعيداً عن أي أحكام مسبقة، وذلك من خلال زيارتها بشكل شخصي والتعرف على واقعها وظروفها عن كثب، وتمت الإشارة إلى أن الاستثمار والعمل التجاري في نيجيريا يتطلب شهية مرتفعة تجاه المخاطر في مقابل عوائد استثمارية مجزية، كما دعا المتحدثون إلى أهمية اختيار الشركاء المناسبين في الأسواق المحلية، وذلك بالاستعانة بخدمات غرف التجارة المحلية والهيئات الحكومية المعنية بالشأن الاقتصادي والاستثماري في نيجيريا.

وشارك في الجلسة عن الجانب الإماراتي محمد الكمالي ومحمد الريس، نائب الرئيس التنفيذي لشركة الريس للسفريات والشيخة نورة بنت خليفة عبد العزيز آل خليفة رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «ميد بينت» للتجارة العامة.

تطوير التعاملات المصرفية

وأكد مشاركون في المنتدى أهمية بناء وتطوير التعاملات المصرفية الرسمية بين البنوك الإماراتية ونظيراتها النيجيرية لتوفير الخدمات المالية اللازمة لتعزيز الحركة التجارة البينية.

وأشار أوكايودي بيتان، الرئيس التنفيذي والمدير العام لبنك الصناعة النيجري، وهو بنك حكومي، أن معظم البنوك النيجيرية لا ترتبط بتعاملات مصرفية مع نظيراتها في الإمارات، موضحاً أهمية تطوير العلاقات المصرفية بين الجانبين، حيث يعمد التجار النيجيريون إلى استخدام حساباتهم المصرفية في دول أخرى لسداد صفقاتهم التجارية في الإمارات، وتوقع أن تسهم البعثة التجارية والفعاليات المرافقة لها في لفت أنظار البنوك في البلدين وتسليط الضوء على ضرورة التعاون المصرفي وبناء قنوات للتحويلات المالية والتجارية وفق الأسس المعتمدة.

ولفت إلى أن البعثة تأتي في الوقت المناسب، حيث لا يدرك العديد من النيجيريين الفرص الأخرى التي تزخر بها الإمارات، إذ لطالما شكلت الدولة وجهة سياحة وتسوق لهم فيما استثمر البعض في القطاع العقاري، لكنه أشار إلى أن دبي والإمارات عموماً تزخر بالعديد من الآفاق والفرص الواعدة للشركات والمستثمرين من نيجريا، موضحاً أن الدولة مركز لوجستي عالمي، ما يعزز جاذبيتها للمستثمرين ورجال الأعمال النيجريين للتوسيع في مشاريعهم ومنتجاتهم إلى مختلف أنحاء العالم.

وأشار إلى أن قطاع المنتجات الحلال يأتي في مقدمة القطاعات الواعدة في نيجيريا، حيث تزيد نسبة المسلمين على 40% إجمالي عدد السكان، لذا يمكن تطوير الصناعات الحلال محلياً ودعم انتشارها عالمياً عبر دبي في ظل انخفاض تكلفة العمالة وتوافر المواد والسلع الخام في نيجيريا، مشيراً من جانب آخر إلى أهمية التعاون في القطاعات الإبداعية ومن ضمنها الإنتاج الفني، حيث تنتج نيجيريا أعداداً ضخمة من الأفلام السينمائية ويمكن الاستفادة من دبي في تصوير وإعداد هذه الأفلام وتوزيعها.

ولفت إلى أن الاستثمار في الدول النامية ومن ضمنها نيجيريا توفر عوائد مجزية للمستثمرين الإماراتيين بمعدلات تبدأ من 11 لغاية 20% مقارنة مع نسب أقل بكثير في الأسواق المتقدمة.

خطط لبعثة تجارية

وأكد أركتيسي أواغو، نائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في نيجيريا «ناسيما»، أن البعثة التجارية التي نظمتها مؤسسة دبي لتنمية الصادرات تشكل بداية مهمة لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية، مشيراً إلى أن نيجيريا تنظر باحترام وتقدير إلى الإمارات باعتبارها دولة نموذجية نجحت بترسيخ مكانة مرموقة لها عالمياً.

وأوضح أن «ناسيما» تخطط لتنظيم بعثة تجارية واستثمارية إلى دبي والاطلاع على تجربتها وعوامل نجاحها وتميزها والتعرف على تجاربها المتفردة، التي يمكن استنساخها في نيجيريا والتعلم منها وخاصة من حيث السياسات الاقتصادية والاستراتيجيات التنموية.

وقال: إن نيجيريا تتمتع بالمقومات اللازمة لتكون مركزاً تجارياً رئيساً في القارة الأفريقية. ولفت إلى أن الاستثمار في تطوير البنية التحتية في نيجيريا يساعد على تعزيز المشاريع الإنتاجية والتصدير إلى دول وسط وغرب أفريقيا.

قطاعات

وقال الدكتور أديدجي أولاديبو نائب رئيس مجلس إدارة تحالف غرفة تجارة الصناعة والتجارة والتعدين والزراعة للولايات الشمالية في نيجيريا: إن الإمارات تعتبر وجهة معروفة لدى النيجريين للسياحة والأعمال، لافتاً إلى أهمية البعثة التجارية، التي تقودها مؤسسة دبي لتنمية الصادرات.

وأوضح أولاديبو أن قطاع الزراعة يتمتع بأهمية حيوية وفرص متنوعة للمستثمرين، إضافة إلى قطاع التعدين الذي لا يزال بحاجة للمزيد من الاستثمارات والمشاريع، للاستفادة من مخزونات المعادن الكبيرة، التي تتمتع بها نيجيريا ولم يتم استثمارها بعد.

ولفت إلى أن المستثمرين الصينيين يحتلون المرتبة الأولى في الاستثمارات الأجنبية بنيجيريا، داعياً الشركات الإماراتية للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة، التي تتمتع بها البلاد. وأوضح أنه زار الإمارات في نوفمبر وتحدث مع سفير نيجيريا حول أهمية استقطاب المستثمرين الإماراتيين لإقامة مشاريع وشراكات متنوعة.

منطقة حرة

وأشار توندي سوداد، مدير عام مؤسسة «ليكي» العالمية للاستثمار، الجهة المشغلة لمنطقة «ليكي» الحرة في لاغوس، إلى أن تطوير المنطقة على مساحة 16500 هكتار يهدف إلى ترسيخها مركزاً صناعياً، مشيراً إلى أن هذا المشروع يأتي في ظل أهمية دور المناطق الحرة للمستثمرين والصناعيين لما توفره من بنية تحتية ملائمة للأعمال، مشيراً إلى توصل الأعمال الإنشائية في ميناء بحري عميق ضمن منطقة ليكي لتعزيز حركة الشحن البحري من وإلى المنطقة، على أن يدخل مرحلة التشغيل بحلول 2020، إلى جانب مشروع مطار في الجهة الشمالية للمنطقة الذي سيتم افتتاحه بعد عام واحد.

وألمح إلى مشروع خطط للسكة الحديد لنقل البضائع من وإلى منطقة «ليكي الحرة» مع الحرص على تسهيل الحركة اللوجستية للسلع والمنتجات مع تفادي الازدحامات المرورية في المدينة، إضافة إلى مشروع لنقل المياه بكميات كبيرة لتلبية متطلبات قطاع الصناعات الدوائية، الذي يسجل إقبالاً متزايداً على المنطقة، لافتاً إلى أن المشاريع التطويرية في المنطقة متاحة للاستثمار الأجنبي وفق نموذج الـ«بي أو تي» أو البناء والتشغيل ونقل الملكية.

ولفت سوداد إلى وجود عدد من الشركات المحلية والأجنبية العاملة في منطقة «ليكي» الحرة، وأن الصينيين كانوا من أوائل المستثمرين في المشاريع المشتركة ضمنها، كما تضم شركات عملاقة على غرار «دانغوتيه» الشركة الصناعية الأكبر في البلد والتي تعمل في النفط والبتروكيماويات، وشركة «كيلوغ» الأميركية ومجموعة «تولورام» المتخصصة في المنتجات الاستهلاكية، إضافة إلى شركات من نيوزيلندا وروسيا وغيرها. وأوضح أن المنطقة مقسمة إلى 4 أقسام لتلبية مختلف متطلبات وقطاعات المستثمرين.

وتوفر المنطقة أراضي مجهزة بالبنية التحتية وجاهزة للبناء من قبل المستثمرين، بحيث يمتلك المستثمر ملكية كامل في مشروعه دون أي قيود تجارية داخل المنطقة بالتزامن مع قوانين ميسرة للاستيراد والتصدير للمستثمرين. وذكر أن المبادرة الاتحادية «صنع في نيجيريا» تسهم أيضاً في بعض الاستثمارات ضمن المنطقة لدعم الصادرات المحلية.

مميزات

أفاد غاينو روفاي، السكرتير الدائم لوزارة التجارة والصناعة والتعاونيات في ولاية لاغوس، بأن البعثة تسهم في التعريف بفرص التبادل التجاري والاستثمار بين الشركات الإماراتية والنيجيرية واستعراض آفاق التعاون بين الطرفين.

وأوضح أن أهم الفرص الاستثمارية في ولاية لاغوس تتركز في الزراعة والصناعة، مشيراً إلى أن منطقة «ليكي» الحرة في الولاية توفر العديد من الميزات الهامة للشركات الأجنبية وفي مقدمتها الإماراتية.

ولفت روفاي إلى التقدير الكبير الذي تتمتع به دبي والإمارات في المجتمع النيجيري.

تأثير إيجابي للإمارات على الأعمال والاستثمارات بالدول النامية

توجهت أولاينكا أولادنجوي، مفوض وزارة التجارة والصناعة والتعاونيات في ولاية لاغوس النيجيرية، بالشكر لسفارة الدولة في نيجيريا ولمؤسسة دبي لتنمية الصادرات على تنظيم فعاليات البعثة التجارية.
 
ولفتت في كلمة ألقيت بالنيابة عنها خلال المنتدى، أن الإمارات نجحت في ترسيخ مكانتها مركز ثقل اقتصادياً عالمياً من خلال تأثيرها الإيجابي على الأعمال والاستثمارات في الدول النامية ومن ضمنها نيجيريا، ودعت الحضور إلى الاستفادة من فعاليات البعثة التجارية لتطوير الأعمال والتجارة بين دبي وولاية لاغوس.

وأشارت إلى أن ولاية لاغوس هي المركز الصناعي والمالي لنيجيريا وسائر الدول الأفريقية بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى، حيث يصل عدد سكانها إلى 24.8 مليون نسمة مع نمو سكاني سنوي بمعدل 3.2%، وتشكل شريحة الشباب من الفئة العمرية من 15 إلى 35 عاماً 65% من إجمالي السكان.

وفي ظل حجم ناتجها المحلي الإجمالي الذي يبلغ 136 مليار دولار، أي ما نسبته ثلث الناتج الإجمالي لنيجيريا، تعتبر ولاية لاغوس خامس أكبر اقتصاد في قارة أفريقيا.
 
وأكدت أن ولاية لاغوس تقدر تماماً دور القطاع الخاص والشركات الأجنبية في توفير فرص العمل ونقل التقنيات الحديثة وتنمية الدخل المحلي، حيث تفتح الولاية أبوابها للشراكات بين القطاع العام والخاص في قطاعات الصناعة والطاقة المتجددة والنفط والغاز إضافة إلى النقل والإسكان منخفض التكلفة.

وأوضحت أن حكومة الولاية تركز على تنمية مجموعة من القطاعات الحيوية ومن ضمنها الزراعة والصناعات الزراعية لدعم المزارعين المحليين، وذلك من خلال تطوير سلاسل التوريد الزراعية وتخزين الحبوب وإنتاج الأعلاف وتوسيع الإنتاج المحلي من الأسماك والدواجن واللحوم.

وفيما توفر حكومة لاغوس فرصاً استثمارية في قطاع الطاقة من خلال نموذج الـ«بي أو تي» أو البناء والتشغيل ونقل الملكية، فإنها تركز أيضاً على مشاريع الإسكان الميسر أو منخفض التكلفة في مناطق الضواحي لتخفيف الاكتظاظ السكاني في وسط مدينة لاغوس.

© البيان 2018