30 10 2017

على الرغم من أن العديد من العقبات والمعارضة التي كانت تواجه استخدام الطاقة المتجددة قد تم إزالتها على صعيد المستويات الحكومية في مختلف أنحاء العالم، إلا أن مشكلة تمويل تلك المشروعات تظل العائق الرئيسي الذي يحول دون تبنيها على نطاق واسع، وذلك وفقاً لما ذكره أحد الخبراء العاملين في هذا المجال.

وفي كلمته التي ألقاها قبيل انعقاد القمة العالمية للاقتصاد الأخضر التي عُقدت في دبي مؤخرًا، قال ماثيو كينيدي، رئيس المركز الدولي لبحوث الطاقة، إن الأحداث العالمية الكُبرى، مثل اتفاق باريس للمناخ الذي تم إقراره في ديسمبر 2015، وكذلك اعتماد الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة في يناير 2016، ساهمتْ في "إحداث تغيير جذري في منظومة الطاقة بأكملها"، فضلاً عن اعتراف الحكومات بضرورة التحرك والمُضي قُدماً في جهود الحد من الانبعاثات الكربونية.

"ولا تزال هناك بعض العوائق التي تحول دون إحراز التقدم في هذا المجال، خاصة ما يتعلق منها بالتخطيط والمعارضات المحلية التي تواجهها منشآت الطاقة المتجددة؛ مثل مزارع الرياح"، وفقاً لما ذكره  كينيدي، والذي كان يشغل منصب رئيس مركز وشبكة تكنولوجيا المناخ التابع للأمم المتحدة في كوبنهاجن، وقاد المناقشات الخاصة بقضايا التكنولوجيا للأمم المتحدة أثناء التفاوض حول اتفاق باريس للتغيير المناخي، التي يُطلق عليها مفاوضات "كوب 21".

ونوَّه كيندي إلى أن العديد من الدول ملتزمة بعقود توريد طويلة الأجل؛ حيث يتم دعم عمليات شراء الوقود الأحفوري، مما يعني عدم وجود تكافؤ في المنافسة بين الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري.

وفي مقابلة له مع موقع «زاوية» عبر سكايب الأسبوع الماضي، قال كينيدي: "هناك قناعة لدى صُناع القرار بأن الطاقة المتجددة أو الحد من الانبعاثات الكربونية هي الطريقة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل، وهو ما سيساهم في إزالة الكثير من العوائق الخاصة بالسياسات التي تواجه مشروعات الطاقة المتجددة".

وأضاف: "العوائق التي لا تزال مستمرة هي تلك المتعلقة بالتمويل، والتي تقف حاجزًا أمام إحراز التقدم في هذا المجال، فأي ممول ينوي الاستثمار في أحد مشروعات الطاقة المتجددة، يسعى لأن يتأكد أولاً أن المصارف ستقبل تمويل هذا المشروع، مما يعني أن الأمر يتعلق بتكافؤ الأسعار وأداء تكنولوجيا الطاقة المتجددة في مقابل التقنيات الحالية".

ويقول كينيدي إنه ينبغي على الحكومات أن تفعل أكثر من مجرد خفض الدعم الموجة لمشروعات الوقود الأحفوري، وأن تسعى إلى إحداث فارق حقيقي من خلال تقديم الإعفاءات الضريبية أو الحوافز المالية، مثل القروض منخفضة الفائدة، لأغراض البحث والتطوير في مجال التقنيات المستخدمة في توليد الطاقة المتجددة.

"نحتاج إلى آلية سوقية تُمكِّن مُطوريّ مشروعات وحلول الطاقة المتجددة من جنى الأرباح عند تنفيذهم تلك المشروعات، في حين تقع مسؤولية توفير البنية التحتية لتمويل تلك المشروعات على عاتق الحكومة، باعتبار ذلك أحد أدوارها الرئيسية".

صندوق دبي الأخضر

في مؤتمر صحفي عقده يوم الخميس قبل الماضي، أعلن سعيد الطاير، الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)،  أن حكومة دبي ستُعلن خلال القمة العالمية للاقتصاد الأخضر عن الاستثمارات المبدئية التي سيتم تنفيذها في إطار صندوق دبي الأخضر البالغ قيمته 100 مليار درهم إماراتي (27 مليار دولار).

وذكر ماثيو كينيدي، رئيس المركز الدولي لبحوث الطاقة، أن هناك العديد من الحوافز الهامة التي ينبغي أن  تقدمها الحكومة لمشروعات الطاقة المتجددة، مثل "القروض الخضراء" الموجهة لتنفيذ البنية التحتية للمشروعات الخضراء الصديقة للبيئة ونشرها على نطاق واسع، وكذلك "السندات الخضراء"، وتطوير سلاسل التوريد الفعّالة، مشيرًا إلى أن تقديم  كافة  تلك  الحوافز من شأنه إعطاء  دفعة  قوية للصناعة، وتحفيزها على تطوير هذا النوع من الأعمال الجديدة، ونشرها على نطاق واسع".

وأكد كينيدي، أنه على الرغم من أن التباطؤ في المؤشرات كان سائدًا على حركة الأسواق العالمية للسندات الخضراء في بداية الأمر، إلا أن الوضع قد تغير تمامًا "مع زيادة الثقة الآن" في تلك الأسواق. ووفقاً لمبادرة "سندات المناخ"، تم إصدار سندات خضراء بقيمة 2.6 مليار دولار فقط في عام 2012، لكن هذا الرقم ارتفع إلى أكثر من 200 مليار دولار خلال العام الجاري.

يقول كينيدي: "لقد استغرق الأمر القليل من الوقت حتى حازتْ السندات الخضراء (سندات المناخ) ثقة الممولين وصانعي السياسات، وتشهد تلك السندات إقبالاً كبيرًا يوماً بعد يوم نتيجة لهذه الثقة".

في سياق متصل، ذكر يوسف العلي، مدير إدارة تطوير الأعمال لدى شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، أن الترتيبات المتعلقة بالتمويل كانت من أهم العوامل في انطلاق  مشروعات الطاقة المتجددة.

وذكرت المنظمة، في بيان صحفي، أن شركة "مصدر" والتي تتخذ من أبوظبي مقراً لها ولديها حاليًا مشاريع في مُختلف أنحاء العالم، قادرة على إنتاج 2.8 جيجاوات من مشروعاتها للطاقة النظيفة، سواء تلك التي تم الانتهاء من تنفيذها أو التي يجري تنفيذها.

وقال يوسف العلي في مكالمة هاتفية مع موقع «زاوية»: "في جميع مشاريعنا، نعمل مع شركاء دوليين، لذلك نهتم دائماً بالمشروعات الصديقة للبيئة، والتي تهدف إلى المحافظة على صحة الانسان. وقبل البدء في أي مشروع، ينبغي التأكد أولاً من أن هذا المشروع لن يَضُر بصحة  الانسان ولا يُهدد البيئة، وأنه سَيُدر أرباحًا مالية جيدة على المساهمين".

وأضاف: "في كافة تلك المشاريع، لدينا شركاء لديهم خبرة واسعة في هذا المجال،  ويشاركون "مصدر" المخاطر التي تواجهها، ويجنون معها الأرباح".

وأشار العلي إلى أن شركة "مصدر" التي تملكها شركة مبادلة للاستثمار (المملوكة لحكومة أبوظبي)، دخلت في مشاريع كبرى بشراكة مع مجموعة من المؤسسات، مثل هيئة الطاقة الفرنسية العملاقة "إي دي إف"، والتي ستتولى تنفيذ المرحلة الثالثة من "مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية" بقدرة 800 ميجاوات، وشركة ستات أويل النرويجية، والتي افتتحت مؤخرًا أول مزرعة عائمة لطاقة الرياح في العالم قبالة الساحل الشمالي الشرقي في اسكتلندا.

© ZAWYA 2017