البورصة المصرية، أحد أقدم بورصات العالم، لا تزال تتحسس طريقها نحو التحول لسوق مال إقليمي.

وإن كان الطريق واضح لحد كبير، نجد العوامل الخارجية – مثل فيروس كورونا – تقلل من سرعة هذا التحول. ولكن لا يعني ذلك بالضرورة أن الوجهة بعيدة المنال، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة.

مما لا شك فيه أن قيادات البورصة المصرية على دراية كاملة بأهمية هذا التحول المادي والمعنوي، وخصوصاً في الآونة الأخيرة واهتمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالبورصة كما اتضح من تصريحاته الأخيرة بخصوص طرح شركات فيها، مثل شركات القوات المسلحة وحديثاً شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية.

وسأحاول فيما يلي أن أعدد بعض النقاط التي قد تساعد البورصة المصرية في تقلد المركز المرموق الذي تستحقه بين أقرانها الإقليميين، ليس فقط لتاريخها ولكن لمستقبلها قبل حاضرها. 

إذا كانت قواعد اللعبة مجهولة أو غير واضحة للجميع، سنجد تفاوت في التنافس وسيكون هناك من له أفضلية على الآخر، وخصوصاً إذا كانت أفضلية معلوماتية. فرضية السوق الكفء (Efficient Market Hypothesis) التي وضعها البروفيسور "يوجين فاما" تنص على أن أسعار الأسهم تعكس جميع المعلومات وأن توليد عائد أفضل من عائد السوق باستمرار هو أمر مستحيل. وحدد "فاما" للفرضية 3 أشكال: الضعيف وشبه القوي والقوي. 

في الشكل الضعيف للفرضية نجد أسعار الأسهم الحالية تعكس جميع المعلومات الحالية المتاحة ولا يكون للمعلومات التاريخية (معلومات السوق من حيث الأسعار وأحجام التداول التاريخية) أي قدرة للتنبؤ بأسعار الأسهم في المستقبل.

في الشكل شبه القوي للفرضية نجد أسعار الأسهم الحالية تعكس بسرعة جميع المعلومات العامة الجديدة التي يتم الإعلان عنها أولاً بأول، متضمنة معلومات السوق التاريخية للأسهم ومعلومات أخرى ليس لها علاقة بالسوق. 

أما في الشكل القوي للفرضية نجد أسعار الأسهم الحالية تعكس جميع المعلومات في السوق، سواء كانت معلومات السوق التاريخية للأسهم، المعلومات المتاحة للعامة، أو تلك المعلومات الخاصة المتاحة فقط  للعاملين بالشركات مُصدرة الأسهم.

عالمياً، قد لا نجد أي سوق في العالم يمثل الشكل القوي للفرضية، حتى السوق الأمريكية والتي أعتبرها تقع ما بين الشكل شبه القوي والشكل القوي للفرضية.

أما في مصر، أعتبر البورصة المصرية أقرب للشكل الضعيف منها للشكل شبه القوي للفرضية، وذلك لأن هناك بيانات تاريخية عديدة غير متاحة للعامة قد تساعد المستثمرين على فهم اتجاهات السوق التاريخية مثل، على سبيل المثال: 

المزيج اليومي لتداولات كل سهم حسب نوع وجنسية المستثمر: النوع ما بين مؤسسات (شركات أو صناديق استثمار) وأفراد (صغيري الحجم أو ذوي الملاءة المالية المرتفعة) والجنسية ما بين مصريين، عرب، أو أجانب. 

الملكية الحالية لكل سهم حسب نوع وجنسية المستثمر: معرفة التغير اليومي لملكية كل الأسهم بالسوق وبالتالي التغير اليومي في القطاعات المختلفة. 

حجم قروض الهامش القائمة لكل سهم وللسوق ككل على أساس يومي: مما يساعد المستثمرين على وضع استراتيجية للاستثمار مبنية على دراية بحجم القوة الشرائية في السوق. 

حجم البيع على المكشوف لكل سهم وللسوق ككل على أساس يومي: أيضاً معرفة حجم الاتجاه السلبي بخصوص سهم معين أو قطاع بعينه سيساعد المستثمرين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية. 

ومن البورصات العالمية التي تتيح مثل هذه المعلومات نجد البورصات بأمريكا وسنغافورة والإمارات. 

ولا يزال هناك نقاط أخرى أرى أنها ستساعد على وضع البورصة المصرية على خارطة الاستثمار العالمي نتحدث عنها فيما بعد. وللحديث بقية. 

(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وهو حاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA") 

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com) 

 

© Opinion 2021

المقال يعبر فقط عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.