كذبت تصريحات حكومة العثماني ما أكده إعلام إسرائيل بالبيانات، المغاربة يستوردون أكثر مما يصدرون لإسرائيل وتدفقات التجارة الثنائية بين المغرب وإسرائيل تنحو في مسار التطور والانتعاش.

في هذه الورقة تسلط “المشعل” الضوء على دلالات الأرقام التي انطوى عليها تقرير معهد “ميتفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية حول واقع المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل، كما تقف عند تفسيرات بعض المراقبين لأسباب نموها رغم سلاح القطيعة الاقتصادية الذي تشهره بلادنا في وجه حكومة الاحتلال.

لم يقو الموقف السياسي الذي اتخذته حكومة العدالة والتنمية من التجارة مع إسرائيل ومعه دعوات محاربة التطبيع التي رفعتها قيادات حزبية ونشطاء مدنيون، على كسر جسر المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل، بعدما وقفت مؤشرات الأرقام والإحصائيات على واقع انتعاشها خلال الفترة الممتدة من 2012 إلى 2016.

معهد «ميتفيم» الإسرائيلي أعلن في هذا الصدد عن تضاعف صادرات بلادنا نحو الدولة العبرية 5 مرات على امتداد هذه الفترة الزمنية، حيث كشف عن ارتفاع مستواها إلى سقف 25 مليون دولار في الوقت الذي ارتقت واردات المملكة من إسرائيل إلى ما يقرب عن 40 مليون دولار، وهو ما يعني أن المغرب يستورد من دولة الاحتلال أكثر ما يصدره نحوها بحوالي 15 مليون دولار، أي أن المغاربة يستهلكون بضائع وسلع وخدمات إسرائيل أكثر مما يستهلكه الإسرائيليون من المغرب.

يأتي ذلك في الوقت الذي لا تتردد فيه الحكومة في إدانة كل أشكال التطبيع الاقتصادي والسياسي مع الكيان الإسرائيلي، فيما تأتي الحقائق التي كشف عنها تقرير المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، لتبسط بالأرقام والمعطيات قائمة المواد والسلع التي استوردها المغرب من دولة إسرائيل على امتداد السنوات الأخيرة.

ويذكر أن ممثلة المعهد الإسرائيلي والباحثة في السياسات الخارجية الإسرائيلية الإقليمية إينات ليفي، قد أكدت في تصريح أدلت به لراديو الجيش الإسرائيلي الذي نقل تفاصيل المبادلات التجارية بين البلدين، أن علاقات المغرب وإسرائيل لا تظهر فقط في بيانات الأرقام العاكسة لنمو هذه المبادلات، بل تتجلى أيضاً في توافد عشرات المغاربة من فئات الأطر في مجالات الهندسة والطب والأعمال والصحافة وغيرها.

الخلفي ينفي وهذا تفسيره لوجود مبادلات تجارية مع إسرائيل

في تعليقه على المعطيات التي تداولتها وسائل إعلام بخصوص بلوغ صادرات المغرب إلى إسرائيل نحو 25 مليون دولار خلال السنوات الماضية، نفى مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة مباشرة بعد انتهاء المجلس الحكومي المنعقد الأسبوع الماضي بالرباط المعطيات المتداولة، وصرح أن المغرب ليست له أية علاقات رسمية مع إسرائيل، موضحا في هذا الخصوص، وجود شبكات تنشط من خلال آليات معينة عبر دول أخرى تستخدم كنقطة عبور من أجل الالتفاف على هذا الأمر.

وفيما تدين حكومة العدالة والتنمية من خلال ناطقها الرسمي، كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، بما فيها عمليات التبادل التجاري، يأتي التقرير الإسرائيلي معاكسا لإرادتها السياسية، بل يذهب إلى حد تأكيد حقيقة تنوع قائمة المواد والسلع التي بات يستوردها المغرب من إسرائيل، مشيرا إلى أنه من ضمن المنتجات التي شملتها المبادلات التجارية بين المغرب وإسرائيل في السنتين الأخيرتين، هناك المواد الكيميائية غير العضوية التي شكلت، حسب التقرير، أزيد من ثلث إجمالي الصادرات الإسرائيلية نحو المغرب.

المصدر ذاته، يفيد أن القيمة الإجمالية لصادرات اللدائن ومصنوعاتها التي تضم «بوليمرات الإثيلين»، والتي وجهتها إسرائيل نحو المغرب، قد بلغت نحو 1.36 مليون دولار، في الوقت الذي توصل فيه المغرب من إسرائيل بآليات فلاحية مخصصة للأغراض الزراعية والبستنة تقارب قيمتها 2 مليون دولار.

باحثة.. إسرائيل استقبلت أطرا مغربية وليس فقط سلعا استهلاكية من المغرب

لم يقتصر التصريح الذي أدلت به إينات ليفي الباحثة المتخصصة في السياسات الخارجية الإسرائيلية الإقليمية وممثلة معهد التفكير «ميتفيم»، لراديو الجيش الإسرائيلي، على تأكيد واقع التحسن الذي تعرفه العلاقة التجارية بين بلدها والمغرب، بل ذهبت إلى حد تأكيد حقيقة الإقبال المتنامي لعشرات الأطر المغربية على ولوج تراب إسرائيل، وخاصة في مجالات الطب والهندسة والتعليم والأعمال والصحافة، وهو الواقع الذي يتزامن مع ارتفاع معدل السياح الإسرائيليين الذين أصبحوا يتوافدون على المغرب سنويا إلى 30 ألفا رغم تحذيرات الموساد لمواطنيها الراغبين في زيارة بلدان العالم العربي، تبرز المتحدثة ذاتها.

يأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه عدد من المراقبين الاقتصاديين، أن المصالح الاقتصادية والمالية بين المغرب وإسرائيل تعززت في الأعوام الأخيرة عبر العلاقات التجارية، معتبرين أن زيارة الإسرائيليين إلى المغرب ظاهرة تكرس العلاقة بين الطرفين، أضف إلى ذلك، تشير المصادر ذاتها، الزيارات التي يقوم بها في الاتجاه المعاكس، بعض المغاربة من فئة الفنانين والمثقفين والصحفيين وغيرهم للدولة العبرية من حين لأخر.

وتؤكد مصادر المشعل أن العلاقة التجارية مع إسرائيل لم تنقطع، وتتم بشكل غير معلن عبر قنوات غير مباشرة، مستدلة بحالة بعض أصناف الخضر والفواكه من قبيل الطماطم التي كانت تستورد من إسرائيل في ثمانينيات القرن الماضي عبر دولة هولندا، لكن الأمور تطورت اليوم وتعددت مسالك الاستيراد، بدليل ارتفاع قيمة الأغلفة المالية لمبالغ الاستيراد والتصدير بين البلدين، خصوصا في ظل وجود مساعي إسرائيلية للرفع من قيمة صادرتها عبر سلك طرق شركات أوروبية في ظل عدم وجود علاقات رسمية مع المغرب.
* علي بوطوالةالانفتاح الاقتصادي للمغرب على أوروبا وأمريكا

مصدر دخول السلع الإسرائيلية إلى أسواقه يعتقد المحلل الاقتصادي علي بوطوالة في تصريح لـالمشعل أن سبب نمو العلاقات التجارية بين المغرب وإسرائيل، يعود بالأساس إلى الانفتاح الاقتصادي على محيطه الدولي من خلال حزمة الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي أبرمتها بلادنا في العقدين الماضيين مع عدد من الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية اللتان ترتبطان مع الدولة العبرية بعلاقات اقتصادية وسياسية قوية.

وأوضح بوطوالة في التصريح ذاته، أن السلع والبضائع الإسرائيلية التي تلج حاليا السوق المغربي بطرق غير شرعية وبكيفية متنامية ، عادة ما تأتي عبر قنوات هذه البلدان الأوروبية والأمريكية التي لا تقاطع حكوماتها، دولة إسرائيل اقتصاديا وتجاريا، كما هو حال المعرب خصوصا والعالم العربي عموما.

وأكد المحلل الاقتصادي، أن الأسعار التنافسية التي يتيحها المصدرون الإسرائيليون هي التي تشجع المغاربة على استيراد حاجياتهم من هذه المنتجات والسلع التي غالبا ما تحمل علامات تجارية لا تشير إلى مصدر الدولة العبرية، وذلك في تحايل هدفه تشجيع السلع والمواد الإستهلاكية الإسرائيلية على ولوج الأسواق العربية التي تسعى إسرائيل إلى كسر مخطط مقاطعة حكوماتها لدولة إسرائيل، يوضح المصدر ذاته.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن إحصائيات المكتب الإسرائيلي، تفيد أن المغرب احتل الرتبة الثالثة في لائحة الزبناء العرب بإسرائيل خلال سنة 2015، وراء دولة الأردن التي صدّرت ما يزيد عن 261 مليون دولار من البضائع إلى الدولة العبرية، واستوردت منها 9.1 ملايين دولار من السلع خلال الشهور السبعة الأولى من العام الماضي، في الوقت الذي احتلت فيه مصر المرتبة الثانية وراء الأردن، وهما البلدان العربيان الوحيدان اللذان يتوفران على سفارة إسرائيل في بلدهما، وذاك بعدما بلغت قيمة صادرات مصر لإسرائيل حدود 36 مليون دولار، واستوردت منها

ما يزيد عن 63.5 مليون دولار في الفترة الممتدة ما بين يناير ويوليوز من نفس السنة. وبلغ إجمالي صادرات إسرائيل إلى إفريقيا مع نهاية يوليوز 2015، نحو 661 مليون دولار، فيما استوردت من دولها ما يناهز 180 مليون دولار.

كما تجدر الإشارة إلى أن جنوب أفريقيا، تعد الزبون الأول الإفريقي للدولة العبرية، حيث بلغت قيمة صادراتها لإسرائيل 49 مليون دولار، واستوردت منها ما يزيد عن 164 مليون دولار في الفترة الممتدة ما بين يناير ويوليوز 2015.

© المغرب اليوم 2018