على مدى السنوات العشرين الماضية، اجتذبت دولة الإمارات العربية المتحدة عددًا كبيرًا من الشركات متعددة الجنسيات والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتطلع للاستثمار في الدولة، بهدف تقديم خدماتها محليًا أو توريد البضائع على المستوى الإقليمي وعلى الصعيد الدولي. أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى الأخص إمارة دبي، مركزًا عالميًا للتجارة والخدمات اللوجستية، حيث أنها في وضع استراتيجي بموانئها البحرية الحالية ومطار دبي الدولي، أحد أكثر المطارات ازدحامًا في العالم، حيث تعمل كمحطة متعارف عليها لعبور البضائع والركاب المسافرين إلى أو من أوروبا وأفريقيا وأستراليا وآسيا والولايات المتحدة الأمريكية.

تتوزع المشاريع الاستثمارية بين جميع إمارات الدولة، حيث يسعى الجميع للحصول على قطعة من الكعكة الاقتصادية، وعلى الرغم من أن المشاريع الاستثمارية كانت تقام في دبي وأبوظبي على الأغلب، إلا أن الإمارات الأخرى كانت تفتح أبوابها أيضا لجذب الاستثمارات الأجنبية، مما أدى إلى زيادة الاستثمار والنمو الاقتصادي القوي في السنوات الأخيرة.

لقد دعمت زيادة الفرص والحوافز الجذابة الممنوحة للمستثمرين والإجراءات المبسطة لممارسة الأعمال التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة هذا النمو الاقتصادي، ومن بين الحوافز التي تجتذب المستثمرين الأجانب عدم وجود قيود على صرف العملات الأجنبية وضمان تحويل نسبة 100% من رأس المال والأرباح إلى خارج الدولة. هناك ميزة أخرى تجذب المستثمرين الأجانب وتتمثل في انتشار المناطق الحرة التي لا تطبق فيها قيود على الملكية الأجنبية.

يمکن للمستثمرين الأجانب الراغبين في ممارسة الأنشطة التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة أن يتمتعوا بشکل عام باختيار مقر شركاتهم "داخليا" (أي داخل الدولة) أو في إحدى المناطق الحرة المتوفرة، ولکل من الخيارين إيجابياته وسلبياته. بالنسبة لإقامة الشركة الأجنبية داخل الدولة، ينبغي تأسيسها بالشراكة مع مواطن إماراتي (إما أن يكون فردا أو شركة مملوكة بالكامل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة) بحيث يمتلك فيها نسبة 51% بحد أدنى من أسهم الشركة المقامة داخل الدولة. بالنظر إلى هذا القيد على ملكية الأجانب، فقد أصبح من المعتاد توفير الحماية للشركات الأجنبية بأساليب أخرى مثل: (1) التصويت بالأغلبية المطلقة، (2) التحفظ على الرقابة الإدارية، و (3) توزيع الأرباح بشكل غير متناسب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن توفير حماية إضافية للمساهم الأجنبي من خلال اتفاقيات المساهمين و الترتيبات الأخرى التي تكمل المستندات التأسيسية المسجلة للشركة المقامة داخل الدولة.

من ناحية أخرى، تعد المناطق الحرة جذابة للغاية بالنسبة للمستثمرين الأجانب في ضوء المرونة التي تبديها فيما يتعلق بالملكية الأجنبية، مما يسمح لهم تنفيذ استثماراتهم وفقا لاحتياجاتهم. توجد حاليا أكثر من 30 منطقة حرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومعظمها يقع في دبي.تقدم المناطق الحرة تراخيص لممارسة العديد من الأنشطة التي تتراوح بين التجارة والصناعة والاتصالات والإعلام والتقنية والتمويل والرعاية الصحية والعلوم والتعليم. تشمل الفوائد التي يحصل عليها المستثمرون الأجانب ما يلي: (1) ملكية أجنبية بنسبة 100%، (2) عدم وجود قيود على العملة أو قيود على تحويل رؤوس الأموال أو الأرباح إلى خارج الدولة، (3) بيئة خالية من الضرائب (سواء كانت ضريبة دخل الشركات أو ضريبة الدخل الشخصي) مضمونة لمدة 50 عاما، و (4) عدم فرض رسوم على استيراد البضائع أو إعادة تصديرها.

والجدير بالذكر أنه لا يسمح للشركة التي يتم تأسسيها في إحدى المناطق الحرة وتزاول نشاطا تجاريا، أن تقوم بممارسة أعمالها بشكل مباشر داخل الدولة أو خارج حدود تلك المنطقة الحرة. يجب على الشركة التي تقام في المنطقة الحرة إما أن تفتح مقرا إضافيا لها في الإمارة لمزاولة نشاط تجاري (والذي يتطلب منها أن يكون لديها مساهم إماراتي الجنسية يمتلك نسبة 51% من رأسمال الشركة)، أو أن تسجل فرعا من شركة المنطقة الحرة للقيام بمزاولة أنشطة مهنية أو أنشطة تقديم الخدمات. بالنسبة لشرکة الخدمات، يجب علي الشرکة الأجنبية أن تعين وکيل خدمات محلي، إما أن يكون مواطنا إماراتيا أو شرکة مملوکة بالكامل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة ، وتوقيع اتفاقية وکالة خدمات محلية. لا يتدخل وكيل الخدمات المحلي في إدارة أو عمليات الفرع أو المكتب التمثيلي، ولا يقوم إلا بمهام إدارية بما في ذلك التنسيق بين الشركة الأم والسلطات الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مقابل رسوم رمزية.

هناك خيار ثالث لممارسة الأعمال التجارية داخل الدولة، خصوصا للشركات الصغيرة والمتوسطة أو الشركات الناشئة في المراحل المبكرة من الاستثمار، وهو تعيين وكيل / موزع تجاري بموجب قانون الوكالات التجارية الإماراتي بغرض توريد بضائعها وتقديم خدماتها. لدعم الأعمال التجارية للشركات الأجنبية المقدمة عن طريق الوكيل التجاري، تميل الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات المتعددة الجنسيات إلى فتح مكتب تمثيلي، سواء داخل الدولة أو في إحدى المناطق الحرة، لتعزيز وتسويق منتجات وخدمات الشركة الأم. وهذا الشكل القانوني مفيد بشكل خاص للشركات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب في اختبار الأسواق في البداية، واستكشاف الخيارات الاستثمارية المتاحة والتأكد في ما إذا كانت منتجاتها وخدماتها تلبي احتياجات السوق في دولة الإمارات العربية المتحدة.

تمثل الضرائب دائما عاملا رئيسيا في عملية صنع القرار الاستثماري، ويعتبر اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة المعفي من الضرائب أمرا جذابا للغاية، حيث أن الحوافز الممنوحة للمستثمرين الأجانب تنفذ في المقام الأول في بيئة عمل خالية من الضرائب مع تحصيل تعرفة جمركية منخفضة.

وعلى الرغم من عدم فرض ضرائب في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام على الشركات أو الدخل أو الضرائب المقتطعة، إلا أن هناك استثناءً ملحوظا واحدا، حيث تخضع الشركات الأجنبية العاملة في مجال إنتاج النفط أو الهيدروكربونات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة لضريبة الشركات بنسبة 55% من الأرباح التشغيلية للشركة، ولكن قد تختلف هذه النسبة بناء على اتفاقيات فردية توقع بين الشركة والإمارة التي تعمل فيها. كما تخضع فروع المصارف الأجنبية العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة لضريبة الشركات بنسبة 20% على دخلها الخاضع للضريبة.

هناك المزيد من التغييرات القادمة، حيث أنه في يناير 2018، ستنفذ دولة الإمارات العربية المتحدة وعدد من الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%. تخضع جميع الشركات التي تستوفي الحد الأدنى للدخل السنوي البالغ 375,000 درهم إلى التسجيل الإلزامي في نظام ضريبة القيمة المضافة، والشركات التي يبلغ دخلها السنوي 187,500 درهم ولكن يقل عن 375,000 درهم لديها خيار التسجيل أو عدم التسجيل. سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستؤثر ضريبة القيمة المضافة الجديدة على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي على نطاق أوسع.

فيما يتعلق بالتعرفة الجمركية، يخضع استيراد البضائع إلى داخل دولة الإمارات العربية المتحدة لرسوم جمركية بنسبة 5% (تحتسب على أساس التكلفة والتأمين وقيمة الشحن)، باستثناء المنتجات الكحولية (حيث تقدر الرسوم الجمركية عليها بنسبة 50%) ومنتجات التبغ (التي تقدر الرسوم الجمركية عليها بنسبة 100%). من ناحية أخرى، لا تفرض رسوم جمركية على البضائع التي تدخل المناطق الحرة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

على الرغم من مؤشرات عدم الوضوح الجغرافي السياسي والاقتصاد الكلي العالمي في السنوات الأخيرة، لا تزال دولة الإمارات العربية المتحدة هدفا جذابا للاستثمار. ومع اقتراب موعد انطلاق معرض إكسبو 2020 الذي بات وشيكاً والتركيز على الابتكار، تسعى الدولة إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للتجارة والاستثمار، مما يمهد الطريق أمام الاستثمار الأجنبي.

© Opinion 2018