* مصر تحافظ على استقرار الجنيه في الوقت الذي تهبط فيه عملات الأسواق الناشئة الأخرى

* السلطات تريد تفادي المضاربات وكبح التضخم

* الإصلاحات المدعومة من صندوق النقد الدولي تحول دون تدخل البنك المركزي

* البنوك التجارية المملوكة للدولة تساهم في امتصاص الطلب على الدولار

القاهرة/دبي 27 نوفمبر تشرين الثاني (رويترز) - يقول مصرفيون واقتصاديون إن البنك المركزي المصري يستعين بالبنوك التجارية المملوكة للدولة للحيلولة دون تراجع الجنيه مقابل الدولار عن طريق قيامها بتوفير أي كميات إضافية من العملة الصعبة قد تحتاجها السوق.

واستقر الجنيه في نطاق 17.78-17.98 للدولار على مدى الستة أشهر الأخيرة - حتى مع نزوح المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة في أنحاء العالم، ومن بينها مصر.

ولا يستطيع البنك المركزي دعم العملة بشكل مباشر. ففي عام 2016، تخلى عن حملة باهظة التكلفة لدعم العملة، ليحرر سعر صرفها بموجب إصلاحات أقنعت صندوق النقد الدولي بإقراض مصر 12 مليار دولار.

ومنذ ذلك الحين، يحث صندوق النقد مصر على الإبقاء على سعر صرف عملتها مرنا، مبررا ذلك بأنه سيجعل تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية على البلاد أكثر استقرارا في المستقبل. لكن القاهرة حريصة على تفادي المضاربة ضد العملة وكبح التضخم. وبلغ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن 17.7 بالمئة الشهر الماضي.

وبدلا من العودة إلى التدخل المباشر، يستعين البنك المركزي بالبنوك التجارية المملوكة للدولة للمحافظة على استقرار الجنيه، حسبما قاله عدة مصرفيين واقتصاديين.

ولم يرد البنك المركزي على أسئلة تتعلق بالأمر.

وفي ظل نزوح أموال المحافظ، حيث هبطت حيازات الأجانب من أذون وسندات الخزانة المصرية بمقدار ثمانية مليارات دولار على مدى الأشهر الستة المنتهية في سبتمبر أيلول إلى 13 مليار دولار - فقد جاءت إمدادات الدولار الضرورية لدعم الجنيه بشكل رئيسي من النظام المصرفي، وليس من احتياطيات البنك المركزي.

وقال سبعة مصرفيين وعدة اقتصاديين لرويترز إنه يبدو أن أكبر بنكين تجاريين مملوكين للدولة تحملا معظم العبء، عن طريق الدخول إلى سوق ما بين البنوك قُرب نهاية كل يوم لتلبية الطلبات القائمة للحصول على الدولار.

وقال مصرفي لرويترز "من الممكن أن أعجز عن سد طلبية حتى الساعة الثانية أو الثالثة عصرا، ثم فجأة يأتي البنك الأهلي المصري وبنك مصر للإنقاذ.. وهكذا دأبا على توفير الدولارات بتلك الطريقة منذ التعويم".

ولم يتسن الحصول على تعليق من البنكين الحكوميين حتى الآن.

وفي سوق ما بين البنوك، يعرض البنك الأهلي المصري بيع الدولارات عند 17.88 جنيه ويعرض بنك مصر 17.89 جنيه، بينما تعرض البنوك الخاصة شراءها بما يصل إلى 17.95 جنيه. لكن مصرفيين يقولون إن البنوك الحكومية نادرا ما تنفذ صفقات عند 17.88-17.89، بل تبيع الدولارات قريبا من سعر قطع البنك المركزي البالغ نحو 17.91.

وقال مصرفي ثان "البنك الأهلي المصري وبنك مصر - والبنك الأهلي بدرجة أكبر - يدعمان السوق عندما تنضب بعض الشيء.. يتدخلان بشكل أساسي للإنقاذ ويبدآن في بيع الدولارات إلى البنوك التي تحتاجها".

ويقول مصرفيون إن البنك المركزي يستدعي أيضا في بعض الأحيان بنوكا خاصة لسؤالها عن السبب وراء تركها الجنيه يضعف، في خطوة يرونها تنم عن الاستياء.

* التأثير

تستخدم بعض الاقتصادات الناشئة الرئيسية مثل الصين والهند البنوك المملوكة للدولة في التدخل والمساعدة على احتواء تحركات العملة عندما تكون الأسواق تحت ضغط.

لكن تلك الدول تسمح بحركة كبيرة في أسعار الصرف، بينما تبقي مصر على سعر الصرف عملتها مستقرا.

ويتضح أثر هذه السياسة في الهبوط الحاد لصافي الأصول الأجنبية للنظام المصرفي التجاري، والذي هوى بمقدار 8.5 مليار دولار في الستة أشهر المنتهية في سبتمبر أيلول إلى 12.2 مليار دولار.

ويقول الاقتصاديون إنه لا يوجد تهديد وشيك للنظام المالي. فالاحتياطيات الأجنبية بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 44.5 مليار دولار، وزادت تحويلات المصريين المقيمين في الخارج إلى مستوى قياسي بلغ 26.5 مليار دولار في عام حتى يونيو حزيران، والسوق السوداء للدولار اختفت.

يشير كل ذلك إلى أن مصر ربما تكون قادرة على مقاومة الضغوط على الجنيه لأشهر عديدة أخرى أو حتى لسنوات. ويقول مسؤولو الخزانة في بنوك ومصرفيون كبار آخرون إن طلبات عملاء البنوك للحصول على النقد الأجنبي تلبى من خلال سوق ما بين البنوك دون تأخيرات كبيرة.

لكن إذا شهد الطلب على العملة المصرية مزيدا من الضعف في المدى الطويل دون أي تعديل في سعر الصرف، فإن التدفقات الرأسمالية قد تتقلص، وتتراجع القدرة التنافسية للصادرات المصرية، وتُستنفد احتياطيات النقد الأجنبي.

(إعداد علاء رشدي للنشرة العربية - تحرير أحمد إلهامي)