• رغم زيادة المعروض.. ملاك العقار يتمسكون بالإيجارات المرتفعة
  •  مغادرة أعداد كبيرة من عائلات الوافدين أربكت سوق العقار
  •  20 ألف شقة تدخل السوق سنوياً.. و الاستيعاب 9 آلاف فقط!
  •  الجراح: وضع العقار الاستثماري ليس «كارثياً».. وعامان لتوازنه
  •  87% نسب الإشغال في العقار الاستثماري.. و13% فقط شاغرة!
  •  400 ألف شقة في الكويت.. و13.3 ألف مبنى استثماري

يكاد لا يخلو شارع في الكويت من وجود لافتة «شقق للايجار»، لتطفو على السطح أزمة عقارية من العيار الثقيل في قطاع العقار الاستثماري الذي يمر بمرحلة صعبة من توافر المعروض بشكل كبير وشح في الطلب، وسط ترقب كبير من قبل المعنيين، لما ينتظر السوق من أحداث ستؤثر عليه بشكل مباشر في 2019.

وبدأ الأمر يتفاقم كون الوافدين المستخدمين الرئيسيين للشقق السكنية الاستثمارية في الكويت آخذا في التضاؤل، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تنفيذ خطتها لمعالجة الخلل في التركيبة السكانية وتطبيق خطة إحلال الوظائف في القطاع العام عبر إنهاء خدمات الوافدين وتوظيف الكويتيين بدلا منهم.

ليس هذا فحسب، بل ساهمت الضغوطات الحياتية، وارتفاع الأسعار في أغلب القطاعات، الوافدين إلى البحث عن شقق بإيجار مقبول لديهم، الأمر الذي أجبر ملاك الشقق على القبول بالأمر الواقع، ولكن ما يحدث في سوق العقار ينسف معه كل النظريات الاقتصادية، التي تجزم بضرورة حدوث تراجع في أسعار السلع التي يزيد حجم المعروض منها على حجم الطلب عليها.

إيجارات مرتفعة

فالشقق متوافرة.. ولكن الأسعار كما هي أو انخفضت بشكل ضئيل لا يتواكب مع زيادة المعروض، ويفسر خبراء العقار هذه الحالة بأن سوق العقار تصيبه حالة من الركود بسبب ارتفاع الأسعار المبالغ فيها وتمسك ملاك العقارات بالإيجارات المرتفعة.

شقق شاغرة

وللتعرف على وضع العقار الاستثماري كان لـ«الأنباء» حديث مطول مع رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح الذي كشف ان اجمالي عدد الشقق الاستثمارية الشاغرة وصل إلى 50 ألف شقة من أصل 400 ألف شقة وذلك وفقا لآخر احصائية اعدها الاتحاد حول سوق العقار الاستثماري خلال 2018.

وأرجع الجراح السبب في ارتفاع أعداد الشقق الشاغرة إلى تراجع معدل النمو في أعداد الوافدين، ناهيك عن ارتفاع المعروض من الشقق الاستثمارية خلال السنوات الاخيرة، حيث يدخل إلى السوق نحو 20 ألف شقة استثمارية جديدة سنويا، ففي الفترة من 2015 إلى 2017 شهد السوق نحو 67 ألف شقة جديدة، في حين أن حجم الاستيعاب هو 9 آلاف شقة.

ورغم وجود شواغر هائلة من الشقق الاستثمارية إلا ان الجراح رفض وصف وضع العقار الاستثماري الحالي بـ «الكارثي»، متوقعا في الوقت ذاته أن يستمر العقار الاستثماري على وضعه الحالي خلال العامين القادمين، على أن يستعيد القطاع توازنه من جديد، لأسباب رئيسية أهمها تراجع أعمال التطوير والتشييد العقاري ما قد يساعد على استيعاب الشواغر الحالية وعودة النشاط من جديد.

وفي الاطار ذاته، نفى الجراح التصريحات الصحافية التي تشير إلى تراجع نسب الاشغال في هذا القطاع إلى 30%، مؤكدا أنه وبحسب آخر دراسة إحصائية قام بها «اتحاد العقاريين» تبين أنه يوجد بالكويت 13353 مبنى استثماريا، وان عدد الشقق الاستثمارية يصل إلى 400 ألف شقق بجميع أنواعها (غرفة أو غرفتين وثلاث غرف)، مع استثناء الشقق المنتشرة في المناطق السكنية، وأن نسب الاشغال في العقار الاستثماري وصلت إلى 87%، ما يعني أن نسبة الشقق الشاغرة هي 13%، أي بواقع 50 ألف شقة، وهذا الامر يدل على أن الوضع ليس «كارثيا».

وأضاف أن الكويت تفتقد الأراضي الاستثمارية الفضاء، باستثناء المهبولة وصباح السالم، لذلك توقع الجراح أن تحتفط المناطق الاستثمارية الحالية بنفس قوتها ومتناتها، بدليل الأسعار المرتفعة للعقارات الاستثمارية التي شهدها المزاد العقاري الذي نظمته شركة الانماء العقارية الشهر الماضي، حيث بيعت العقارات بأكثر من سعرها الابتدائي بنسبة 20%، كما أن تقييم البنوك للعقارات الاستثمارية لم ينخفض، حيث كان لقرارات البنك المركزي آثاره الايجابية على السوق العقاري، حيث حافظ «المركزي»على معدلات الفائدة ثابتة رغم رفع «الفيدرالي الأميركي» للفائدة مرتين خلال العام، الامر الذي انعكس ايجابا على أسعار العقار الاستثماري.

وأكد أن الطلب على الشقق الاستثمارية يعتمد على عدد من العوامل منها (المنطقة، درجة العقار، عمر العقار، التأثيث، الجودة والموقع)، مضيفا أنه كلما كان العقار راقيا وجيدا زادت نسبة الاشغال فيه والعكس صحيح.

دور البلدية

وحول دور بلدية الكويت في ضبط السوق العقاري، قال الجراح إن البلدية لديها جهاز قانوني جيد، وجهاز فني جيد، لكن ليس لديها جهاز اقتصادي، علما بأن الجهاز الاقتصادي يعتبر من أهم أجهزة البلديات حول العالم، فالبلديات هي التي تقود عجلة التنمية وتنفذ المشاريع وتحفز القطاع الخاص، بينما تفتقد بلدية الكويت هذا الدور.

وأوضح أنه يجب على البلدية أن تضع حوافز لكل منطقة بحسب طبيعتها واستخداماتها، كما أن لوائح البلدية يجب أن تتطور مع الاوضاع الاقتصادية، لاسيما في ظل ظهور مهن جديدة واستخدامات جديدة، كما يجب أن تمتلك البلدية قاعدة بيانات حول نسب الاشغال وكيفية تحفيز كل منطقة على حدة، حتى تستطيع خلق التوجهات.

واختتم الجراح: «فالحاجة ماسة لجهاز اقتصادي يناط به التعرف على احتياجات كل منطقة وتنفيذ الدراسات السوقية وتقديم تقرير بحالة المنطقة واحتياجاتها المستقبلية ويخلق الحوافز المناسبة للمطورين».

أفكار خارج الصندوق لكسر الركود

بدأ ملاك العمارات السكنية في التفكير خارج الصندوق وتنفيذ مشاريع يمكنها تجاوز الاوضاع الصعبة التي يمر بها العقار الاستثماري من انخفاض الايجارات، حيث لجأ العديد في افتتاح صالونات تجميل ومراكز لياقة صحية.

وتعقيبا على تلك الانشطة، أكد توفيق الجراح أن الانشطة المتعددة التي بدأت تنتشر في العقار الاستثماري مؤخرا ليست مخالفة للقانون، فالعقار الاستثماري «متعدد الاستخدام» بمعنى ان القانون يسمح بترخيص أول دورين لمهن متخصصة كالعيادات ومكاتب المحاماة والمكاتب الهندسية، الصالونات النسائية، كما أنه يمكن تحويل العمارة بأكملها إلى مطعم أو ناد صحي أو عيادات طبية أو مستشفى أو معهد أهلي، وإن كانت هناك مخالفات قد تظهر بين الحين والآخر في ظل غياب جهاز البلدية عن الرقابة.

© Al Anba 2018