أظهرت دراسة حديثة أنه في نهاية العام 2017، كان 3.3 مليارات شخص (أو 44 % من سكان العالم) متصلين بشبكة الإنترنت الجوال، ما يمثل زيادة قدرها 300 مليون مقارنة بالعام السابق، وهذا يترك أكثر من 4 مليارات شخص غير متّصلين وغير قادرين على تحقيق الفوائد الاجتماعية والاقتصادية التي يتيحها الإنترنت الجوال. كما أن غالبية الناس الذين ما يزالون غير متصلين -3.9 مليارات- يعيشون في البلدان النامية.


ووفق الدراسة، ما تزال شبكات النطاق العريض للاتصالات الجوالة لا تغطي مليار شخص على مستوى العالم، وما يقرب من 3 مليارات شخص يعيشون ضمن نطاق الشبكة لا يحصلون حاليا على خدمات الإنترنت الجوال، وفي البلدان ذات الدخل المنخفض، لا تغطي شبكات الجيل الثالث نحو ثلثي سكان المناطق الريفية. ويسلط مؤشر الاتصالات الجوالة الضوء على أهمية عوامل مثل القدرة على تحمل التكلفة وجودة خدمات النطاق العريض للاتصالات المتنقلة، واستثمار الشبكة في تأمين قدرة الاتصال للأشخاص، وكلاهما يمكن أن يتأثر بأسعار الطيف الترددي المرتفعة.


وتحتاج البلدان النامية إلى سياسات أفضل في مجال تسعير الطيف الترددى لتحسين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمليارات من الأشخاص الذين ما يزالون غير متصلين بخدمات الانترنت السريع (أو ذات النطاق العريض) عبر الاتصالات الخلوية، وفقاً لتقرير جديد لرابطة "GSMA" صدر تحت عنوان "تسعير الطيف الترددي في البلدان النامية" خلال مؤتمر "موبايل 360-إفريقيا" في كيغالي.


وتكشف الدراسة أن أسعار الطيف الترددي في البلدان النامية أعلى في المتوسط بنسبة ثلاثة أضعاف عن الأسعار في البلدان المتقدمة، عند أخذ مستوى الدخل في عين الاعتبار، ويشكل السعر المرتفع للطيف الترددي عائقاً رئيسياً أمام زيادة انتشار استخدام الهاتف المحمول.


ووجدت الدراسة التي أعدتها وحدة المعلومات الخاصة برابطة "GSMA"، أن الحكومات تلعب دورا أساسيا في زيادة أسعار الطيف الترددي بهدف زيادة عائدات الدولة من ترخيص الطيف الترددي بشكل كبير.


وترتبط أسعار الطيف الترددي المرتفعة بالبلدان ذات المستويات العالية بالمديونية، وما يدعو للقلق هو أن متوسط أسعار الاحتياطي (الحد الأدنى للسعر في المزاد) في مزادات الطيف الترددي في البلدان النامية أصبح أعلى أكثر خمس مرات منه في البلدان المتقدمة، عند أخذ مستوى الدخل في عين الاعتبار.


كما أشار التقرير إلى أن أسعار الطيف الترددي المرتفعة مرتبطة بمستوى تغطية أسوأ وأسعار أغلى وجودة أقل لخدمات الاتصالات المتنقلة ذات النطاق العريض، والتي تعيق حصول المستهلكين على الخدمات.


وقال رئيس شؤون الطيف الترددي في رابطة "GSMA"، بريت تارنوتزر: "يصبح توفير إمكانية الاتصال للجميع مستحيلاً من دون قرارات سياسية أفضل بشأن الطيف الترددي".


لفترة طويلة جداً، كان يتمّ الحكم على نجاح المزادات المرتبطة بالطيف الترددى بحسب مقدار الإيرادات التي يمكن جمعها بدلاً من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لتوفير قدرة الاتصال للناس، ولا تتوافق سياسات الطيف الترددي التي تؤدي إلى تضخم الأسعار وتركز على المكاسب قصيرة الأجل مع أهدافنا المشتركة لتقديم خدمات اتصالات النطاق العريض بشكل أفضل وبأسعار معقولة. كما أن سياسات التسعير هذه لن تؤدي سوى إلى الحدّ من نمو الاقتصاد الرقمي وستجعل مهمة القضاء على الفقر وتوفير رعاية صحية وتعليمية أفضل، وتحقيق الدمج المالي والمساواة بين الجنسين أكثر صعوبة.


وتولّت الدراسة التي أجرتها رابطة "GSMA" تقييم أكثر من ألف مهمة للطيف الترددي في 102 دولة (بما في ذلك 60 دولة نامية و42 دولة متقدمة) منذ العام 2010 وحتى العام 2017، مما جعلها أكبر تحليل على الإطلاق لأسعار الطيف الترددي في البلدان النامية، كما قيّمت العوامل المحددة للتسعير وتأثيراتها المحتملة على المستهلكين. ومن بين البلدان التي شملها التحليل: الجزائر، وبنغلاديش، والبرازيل، وكولومبيا، ومصر، وغانا، والهند، والأردن، والمكسيك، وميانمار، وتايلند -وجميعها من الأسواق التي تمنح الأولوية لترخيص الطيف الترددي.


ومن بين القرارات السياسية التي أبرزها التقرير والتي تتسبب بارتفاع أسعار الطيف الترددي في البلدان النامية، نذكر: تحديد أسعار نهائية مرتفعة إدارياً أو تحديد سعر مرتفع لبدء المزاد (على سبيل المثال أسعار احتياطية)، وكذلك تحديد وتقنين مقدار الطيف الترددي المرخص والمتاح بشكل مصطنع لا يتواءم مع الواقع، وعدم مشاركة خريطة طريق واضحة للطيف، ووضع قواعد ضعيفة للمزاد.


ومن جهة أخرى، أطلقت أخيرا وحدة المعلومات الخاصة برابطة "GSMA" أحدث مؤشر للاتصالات الجوالة، الذي يقيس أداء 163 دولة (تمثل 99 % من سكان العالم) مقابل العوامل الممكّنة الرئيسية لاعتماد الإنترنت الجوال. ويسلط المؤشر الضوء على التقدم الذي تم إحرازه مؤخرا بشأن توسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت الجوال ويستكشف العوائق الرئيسية التي تعترض طريق اعتماد الإنترنت، بما في ذلك سياسة الطيف الترددي.


ومن جانبه، قال مدير التحليل الاقتصادي في وحدة المعلومات الخاصة برابطة "GSMA"، بو كاستيلز: "إن لم يحصل مشغلو الاتصالات الجوالة على إمكانية الوصول إلى الطيف الترددي بأسعار معقولة، فسيكون المستهلكون أكثر من سيتأثر بهذا الوضع".


وأضاف: "تتمتع البلدان النامية بالفرصة لمواكبة البلدان المتطورة في مجال اعتماد الاتصالات الجوالة؛ ومع ذلك فإن الاستثمار في بعض هذه الأسواق معرض للخطر؛ إذ لا يمكن لمشغلي الاتصالات الجوالة الاستمرار في دفع مبالغ أكبر مقابل الطيف الترددي عندما تكون مداخيل المستهلكين والأرباح المتوقعة أقل بكثير في هذه الأسواق، وهذا ما يجعل من الاستثمار في الشبكة صعباً في وقت ينبغي أن تسهم فيه السياسات بتشجيع تطوير قطاع الاتصالات الجوالة لزيادة الفوائد التي يمكن أن يستفيد منها الجميع".


تمثل رابطة "GSMA" مصالح الشركات المشغّلة للاتصالات الجوالة في جميع أنحاء العالم. وتقوم الرابطة بجمع ما يقارب 800 من شركات الاتصالات الجوالة في العالم مع حوالي 300 شركة في منظومة الاتصالات الجوالة الأوسع والتي تشمل الشركات المصنعة للهواتف والأجهزة الجوالة وشركات البرمجيات ومزود بالمعدات وشركات الإنترنت، بالإضافة إلى المنظمات التي تعمل في قطاعات صناعية ذات صلة، كما تشرف الرابطة أيضاً على تنظيم فعاليات رائدة في القطاع مثل "المؤتمر العالمي للجوال" و"المؤتمر العالمي للجوال شنجهاي" و"المؤتمر العالمي للجوال- الأميركتين" وسلسلة مؤتمرات "موبايل 360".

© Alghad 2018