07 08 2016

تسارع وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية في آخر عامين من المتوقع أن يُسجِّل القطاع غير النفطي الكويتي نموًا متسارع الوتيرة، مع محافظة الحكومة على معدلات إنفاقها الرأسمالي على المشاريع التنموية كجزء من خُطتها لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن اعتمادها على القطاع الهيدركربوني ومنتجاته وزيادة مشاركة القطاع الخاص؛ وذلك بحسب بنك الكويت الوطني.

هذا وقد وضعتْ شركة الخليج العربي للنفط خطة تنموية خمسية طموحة تتوقع بأن يصل إجمالي الإنفاق 34.15 مليار دينار (112.9 مليار دلار) بحلول عام 2020، بما في ذلك الاستثمارات الخاصة، وذلك تنفيذًا للمشاريع العملاقة، ومنها خطوط السكك الحديدية ومترو الأنفاق، فضلاً عن توسعة مطار الكويت ومشاريع الاستثمار العقاري الرئيسي والنفط.

وفي تصريح للسيد نمر كنفاني، رئيس الخدمات المصرفية والبحوث المالية، لبنك الكويت الوطني لموقع زاوية الإخباري، ذكر "أوضحتْ الحكومة أنه في ظل انخفاض أسعار النفط، تحتلْ الخُطة التنموية قدرًا من الأهمية بصورة أكبر من ذي قبل. وينطبق ذلك بصفة خاصة بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص للخطة التي تُعد عنصرًا أساسيًا في الخُطة التي تسعى لتعميق دور القطاع الخاص في عملية التنويع الاقتصادي."

وذكر بنك الكويت الوطني أنه من المتوقع أن يُسجِّل القطاع غير النفطي نموًا ليُسجِّل زيادة بنسبة 4 بالمئة عام 2016 وبنسبة 4.5 بالمئة عام 2017، مقارنة بالنسبة التي كانت متوقعة لعام 2015 والتي بلغتْ 3.5 بالمئة، في أعقاب زيادة الطلب على الاستثمارات العامة وانتظام حركة طلبات المستهلكين.

وعلى نحوٍ عام، فمن المتوقع أن يقفز معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 2.9 بالمئة عام 2016 وبنسبة 3.3 بالمئة لعام 2017، مقارنةً بمعدلات النمو التي كانت متوقعة لعام 2015 والتي سجّلت نسبة 1.5 بالمئة.

وتابع السيد نمر كنفاني، "تتمثل المكونات الأساسية لمنظورنا لمستقبل الكويت في الحفاظ على وتيرة منتظمة لأنشطة تنفيذ المشاريع وبرنامج إصلاح واقعي لتناول التحديات المتوسطة الأجل، بما في ذلك الاستدامة المالية والمصادر المالية المتعددة في صورة الصندوق السيادي الكويتي وانخفاض أسعار التعادل المالي نسبيًا."

وفي تصريح لمسؤول حكومي منشور في جريدة الكويت تايمز اليومية يوم الاثنين، ذكر أنه يُمكن استثمار 4.75 مليار دينار في الفترة 2017-2018، منها 1.59 مليار دينار والتي يُمكن تخصيصها من موازنة الدولة، فيما يُمكن تجهيز ما تبقى من مبلغ التمويل من القطاع العام، مثل قطاع الطاقة ومن مستثمري القطاع الخاص.

وذكر الدكتور خالد مهدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، قدَّم القطاع الحكومي نسبة 49.33 بالمئة من إجمالي تمويلات الخطة الخمسية، مع مساهمة القطاع النفطي بنسبة 33.8 بالمئة والقطاع الخاص بنسبة 16.9 بالمئة.

النهوض بوتيرة المشاريع

انطلقتْ وتيرة تنفيذ المشاريع في الكويت منذ عام 2013، مع تخصيص أكثر من 7.5 مليار دولار للمشاريع الممنوحة في عام 2014 وعدد 12مليار دينار عام 2015، بحسب تقرير بنك الكويت الوطني، والذي ذكر مواصلة وتيرة المشاريع مشوارها لهذا العام مع تخصيص 2.2 مليار في العقود التي تم إرساؤها خلال شهر مايو 2016.

هذا وقد ذكرتْ جريدة الكويت تايمز على لسان خالد مهدي أن الخُطة التنموية تشتمل على مشروع مصفاة الزور والمتوقع انتهائها في ديسمبر 2019، ومشروع للطاقة النظيفة والمزمع إتمامه بحلول أبريل 2018، ومشروع توسعة مطار الكويت الدولي والمزمع الانتهاء منه بحلول يناير 2022. ومثلها مثل دول التعاون الخليجي المنتجة للنفط، تعاني الكويت من عجز في موازنتها، غير أنها رشَّدت من إنفاقها لخفض النفقات غير الضرورية وبعض مخصصات الدعم؛ علمًا بأن الدولة بحاجة إلى أن تصل أسعار النفط إلى 60-65 دولار للبرميل لمعادلة موازنتها؛ وهي الأسعار الأعلى من المستويات الحالية بنحو 42 دولارلخام برنت. كما صرّح بنك الكويت الوطني أنه من المتوقع أن يتراوح العجز من 12 إلى 13 بالمئة في إجمالي الناتج المحلي خلال العامين الماليين 2015/2016 و2016/2017، قبل أن تنحصر إلى نسبة 2.8 بالمئة وفقًا لما هو متوقع للعام المالي 2017/2018 مع ارتفاع أسعار النفط.

وتابع التقرير، "إن العجز الذي تعانيه موازنة الكويت قابلاً للإدارة؛ ومن المتوقع أن تتخطى مساهمة المصادر المالية الأساسية، في صورة صندوق ثروة سيادي نسبة 400 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، حال ضمان تجاوُز فترة انخفاض أسعار النفط اليسيرة نسبيًا ودونما حاجة لخفض شديد في معدلات الإنفاق."  مُضيفًا، أنه على الحكومة أن تعتمد على إصدار الدين والاستفادة من الأصول السائلة لتمويل جزءًا من العجز.

لا ضرائب جديدة قبل 2019

يُذكر أن الكويت قد اتخذتْ العديد من الإجراءات للتكيف مع انخفاض إيراداتها من النفط، والتي تُقدّر بنحو 90 بالمئة من الإيرادات الحكومية، ومنها خفض الإنفاق الحكومي على دعم الوقود، غير أن الحكومة لم تتجه إلى خفض الأجور والرواتب، والتي تُسجِّل النصيب الأكبر من الإنفاق الحكومي.

وفي حركة إصلاح كبيرة لدعم الوقود، أعلنتْ الكويت هذا الأسبوع زيادة أسعار البنزين بنسبة 73 بالمائة اعتبارًا من سبتمبر، وذلك بحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، لتنضم إلى قائمة البلدان الخليجية الأخرى؛ مثل الإمارات التي اتخذت خطوات مشابهة.

وأضاف نيمر كانفاني، "نتوقع من برنامج الإصلاح الحكومي أن يشتمل على ترشيد الإنفاق والاستفادة من مصادر الإيراد الجديدة... وعلى صعيد الإيرادات، تتابع الحكومة الإجراءات الخاصة بضريبة القيمة المُضافة وضريبة الدخل على الشركات وهي من السياسات الأساسية للحكومة."

وفي مارس من هذا العام، اعتمدَ مجلس الوزراء الكويتي ضريبة الدخل على الشركات بنسبة 10 بالمئة، والتي من المتوقع أن تستبدل الضريبة المفروضة حاليًا على الشركات غير الخليجية فقط بنسبة 15 بالمئة. ويجري على قدمٍ وساق مناقشة الدول الأعضاء لقانون ضريبة القيمة المضافة، كجزء من مقترح مجلس التعاون الخليجي.

وذكر تقرير بنك الكويت الدولي أنه ليس من المتوقع أن تَقدِم الكويت على فرض ضرائب جديدة قبل عام 2019 وليس قبل ذلك.

وقد يؤدي تأجيل تنفيذ أجندة الإصلاح الحكومية، سواء كان ذلك بسبب الموجة المتتابعة لانخفاض أسعار النفط أو لاعتبارات سياسية محلية، إلى فرض مخاطر إضافية على المنظور الاقتصادي للكويت.

ويستطرد نمر كنفاني "إذا ما دامت أسعار النفط على حالها طويلا، فقد تلجأ الحكومة إلى تنفيذ إجراءات أكثر صرامة لخفض الإنفاق، ما يؤدي إلى عواقب سلبية على مستويات نموها الاقتصادي، مع إرجاء تنفيذ المشاريع المهمة أو إلغائها. وقد يكون لمثل تلك الإجراءات تداعيات وخيمة على آفاق النمو المستقبلي والاستدامة على المدى القصير."

يُذكر أنه لطالما واجهتْ الكويت مقاومة سياسية من تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، مع معارضة بعض نواب البرلمان فرض إجراءات الإصلاح الاقتصادي لصالح المواطنين. وعلى كلٍ، فقد فرضتْ الوقائع الاقتصادية الجديدة نفسها، إذ أصبحت الحكومة بحاجة إلى تطبيق بعض الإجراءات التقشفية.


     

© Zawya 2016