تملك الدوحة حصة في «شل» يهدف لتنويع مصادر الدخل
13/مايو/2012 أكد خبراء ورجال أعمال أن استراتيجية جهاز الاستثمار القطري بدأت تتوجه نحو تملك حصص في قطاع النفط والغاز العالمي وذلك بعد فترة من التركيز على قطاع العقارات في أوروبا والولايات المتحدة، معتبرين أن الوضع الحالي للاقتصاد العالمي وهبوط الأسعار يشكل فرصة كبيرة أمام جهاز الاستثمار للاستحواذ على حصص في تلك الشركات بأسعار زهيدة.
وقال الخبراء لـ «العرب» إن سياسة دولة قطر المتوازنة جعلت منها بلدا يحظى بالقبول في مختلف أرجاء العالم ما جعلها تلعب دورا اقتصاديا فاعلا على الصعيد العالمي خاصة في مجال النفط والغاز، موضحين أنه وبفضل هذه السياسة الحكيمة استحوذت قطر على العديد من المشاريع الضخمة على مستوى العالم ما يعكس النظرة الثاقبة للقيادة الرشيدة في تحقيق أقصى استفادة للشعب القطري، وتحقيق رؤية دولة قطر 2030، والتي بدورها تصب في مصلحة الأجيال القادمة.
فرص
يقول هشام العمادي الرئيس التنفيذي لمدينة الطاقة قطر إن لجوء جهاز الاستثمار القطري لضخ استثمارات وتملك حصص في شركة شل النفطية العملاقة ومن قبلها شركة توتال الفرنسية يعد فرصة ممتازة خاصة أن هذه الشركات تعد من أكبر شركات النفط العالمية بالإضافة إلى أن الوضع الحالي للاقتصاد العالمي وهبوط الأسعار يشكل فرصة كبيرة أمام جهاز الاستثمار للاستحواذ على حصص في تلك الشركات بأسعار جيدة.
وأوضح أن تركيز جهاز الاستثمار القطري في الماضي كان ينصب على ضخ معظم الاستثمارات في القطاع العقاري الخارجي خاصة في دول أوروبا لافتا إلى أن الجهاز ربما بدأ يغير من استراتيجيته الخاصة بالاستثمار الخارجي وعاد للتوسع في قطاع النفط والطاقة مشددا على أن هذه الخطوة تعد من الخطوات المهمة جدا خاصة أن شركات مثل شل وتوتال لديهما استثمارات ضخمة في دولة قطر.
وأكد العمادي أن هذه الاستراتيجية التوسعية من قبل الدولة وضخ المزيد من الاستثمارات في الخارج يأتي في ظل الفوائض الضخمة التي تحققها الدولة والتي ارتأت توجيهها إلى استثمارات إيجابية تعود بالنفع على الأجيال المقبلة وكذلك خدمة لرؤية قطر في العام 2030 والتي تتركز على ضرورة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد بشكل أساسي على قطاع النفط والغاز في موازنة الدولة خلال الأعوام القادمة.
وأشار إلى أن قطر تعمل بكل جد نحو تنويع مصادر الدخل، وأن النتائج التي وصلت إليها حتى الآن ثابتة ومترتبة على تخطيط واستراتيجية واضحة في هذا المجال مشددا على أن الدولة عبر جهاز الاستثمار أحسنت استغلال الظروف الاقتصادية العالمية والأزمات المالية التي يعاني منها العالم وتراجع قيم الأصول التي أصبحت مغرية للجهاز وهو ما دفعه نحو تملك حصص بأسعار زهيدة.
توازن
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر آل شافي إن قطر بفضل سياستها الحكيمة استحوذت على العديد من المشاريع الضخمة على مستوى العالم ما يعكس النظرة الثاقبة للقيادة الرشيدة في تحقيق أقصى استفادة للشعب القطري، وتحقيق رؤية دولة قطر 2030، والتي بدورها تصب في مصلحة الأجيال القادمة.
وقال إن قطر تملك أهم الاحتياطيات الكبرى في العالم من الغاز الطبيعي والنفط إضافة إلى أنها المنتج الأكبر في العالم للغاز الطبيعي المسال فقد وصلت قدرة إنتاج قطر للغاز الطبيعي المسال في ديسمبر 2010 إلى 77 مليون طن سنويا، مضيفا أنه وبعد تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي فإنها بدأت في ضخ المزيد من الاستثمارات في شركات النفط العالمية ذائعة الصيت مثل توتال وشل.
وأشار في هذا الصدد إلى أن دولة قطر تعتبر رائدة في مجال تنمية صناعة تحويل الغاز إلى سوائل، بفضل استثماراتها وشراكاتها الضخمة في شركات النفط والغاز وتملك المزيد من الحصص في شركات الغاز والنفط العالمية، مشددا على أن قطاع النفط والغاز في قطر يضطلع بدور مهم في تنفيذ رؤية القيادة الرشيدة بالدولة القائمة على التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.
وأكد أن اقتصاد دولة قطر يتطور سريعا ويتوسع وستبقى صناعة النفط والغاز جزءا مهما من هذا التطور سواء في إطار رؤية قطر الوطنية حتى عام 2030 أو بعد ذلك مشيراً إلى أن هذا التطور في صناعة النفط والغاز يواجهه تحد كبير وهو الحاجة المتزايدة للتكنولوجيا الحديثة والتطور المبني على المعرفة ولذلك فإن الخطوة الأولى في التحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة تتطلب في المقابل تحول اقتصاد النفط والغاز إلى صناعة قائمة على المعرفة والتكنولوجيا أيضا.
شراكات
بدوره قال رجل الأعمال يوسف الكواري إن دولة قطر تدرك من خلال شراكاتها الضخمة واستثماراتها في شركات النفط والغاز العالمية ما تجنيه من فوائد ضخمة تعود عليها بالنفع وازدهار هذا القطاع الحيوي الذي يعد مساهما رئيسا في تحقيق رؤية دولة قطر في العام 2030.
وأكد أن دولة قطر تدرك كذلك التحديات التي تواجه استثماراتها في قطاع النفط والغاز والذي يعتمد بشكل كبير على مواكبة أفضل الأبحاث ولذلك قامت باتخاذ خطوات أساسية في هذا الاتجاه من خلال الشراكة مع مؤسسات نفطية عالمية تتمتع بإمكانات تكنولوجية ضخمة، مشددا على أن التكنولوجيا والعلوم والبحوث ستستمر في لعب دور مهم في مجال النفط والغاز.
وقال رجال أعمال إنهم توقعوا قيام جهاز قطر للاستثمار بتنفيذ صفقات جديدة في قطاع الطاقة العالمي عقب شرائه حصة في شركة «رويال دتش شل» أول أمس.
واشترت قطر حصة في مجموعة «شل» النفطية البريطانية الهولندية أمس الجمعة، في ثاني صفقة كبرى في قطاع الطاقة العالمي بعد توجهها نحو «توتال» الفرنسية».
ويشترط القانون البريطاني الإعلان عن أي حصة تزيد على %3، ما يعني أن مساهمة قطر أقل في الوقت الحالي، ولم يصدر أي إعلان رسمي بعد.
وذكر رجال أعمال لـ «العرب» أن الاستثمارات القطرية قد حصلت في الآونة الأخيرة على النصيب الأكبر من الفرص المتاحة أمام نظيراتها الأجنبية العاملة في بريطانيا.
وقالوا «حققت استثمارات قطر في بريطانيا ما يزيد على 15 مليار جنيه إسترليني قابلة للزيادة، أي ما يعد أكثر من نصف الاستثمارات القطرية المعلن عنها سنويا والبالغة 30 مليار دولار، موجهة إلى بريطانيا، وهذه النسبة تعد كبيرة مقارنة بدول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وآسيا وإفريقيا».
شراكة
وقال الصناعي راشد الكعبي إن الاستثمار في شركة شل هو امتداد للشراكة القوية مع هذه الشركة العملاقة، وهو ما يعزز شراكة قطر مع الجانب البريطاني في مجالات حيوية واستراتيجية مثل الغاز الطبيعي، حيث تم إنشاء شركة تشغيل محطة ساوث هوك بمقاطعة ويلز جنوب بريطانيا لتصدير الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى بريطانيا مباشرة عبر مشروع مشترك لتصدير الغاز.
وبذلك تصدرت محطة ساوث هوك قائمة أهم وأضخم الشراكات بين قطر وبريطانيا في مجال الغاز الطبيعي المسال. جدير بالذكر أن محطة ساوث هوك للغاز تؤمن ما يقرب من %20 من احتياجات بريطانيا من الغاز الطبيعي سنويا. كما ستصل إلى تأمين %75 من احتياجات بريطانيا في عام 2025.
ولأهمية هذا الاستثمار القطري الضخم في بريطانيا، يقول الكعبي إنه من الضروري مواصلة هذه الشراكة القوية التي ترجمت بدخول قطر في رأسمال عملاق الطاقة البريطاني الهولندي.
نجاح
من جانبه يقول السيد عبدالعزيز رضواني عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر إنه إلى جانب النجاح المميز لقطر خلال الأعوام الأخيرة من خلال توسيع استثماراتها على كافة المجالات المالية والعقارية والبنوك في عاصمة الضباب، كان من الضروري أن تكون هذه الحلقة متكاملة لتصل مجالات النفط والغاز من خلال شراء حصة في الشركة البريطانية.
وأكد رضواني أن المفاوضات متقدمة ومجتمع الأعمال يراقب بإعجاب الاستثمارات القطرية في الخارج خاصة وأنها تهم شركات ذات صيت عالمي، لكنه استطرد بالقول إن شركة شل تعمل في قطر منذ عقود ولها استثمارات تزيد عن 20 مليار دولار خاصة في مشاريع تسييل الغاز، لذلك فهي شريك حقيقي في التنمية بقطر، إضافة إلى أن الشركة لديها استثمارات كبرى خاصة في إفريقيا وهي بحاجة إلى توفير السيولة، وهو ما يوفره جهاز قطر للاستثمار الذي ما فتئ يقتنص الفرص الاستراتيجية والمهمة.
العلاقة الوثيقة
إلى ذلك، قال رجل الأعمال عبدالعزيز العمادي إن العلاقة بين قطر وبريطانيا وثيقة جدا في مختلف المجالات الاقتصادية خاصة مجال الطاقة، مشيراً إلى أن قطر تؤمن نحو %20 من حاجيات المملكة المتحدة من الغاز الطبيعي المسال عن طريق محطة ساوث هوك. ولفت إلى العديد من المشاريع التي تنفذها الشركات البريطانية في قطر على غرار مشروع شركة شل للغاز الطبيعي المسال التي استثمرت نحو 20 مليار دولار لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في قطر، قائلا: «إن أكبر حقل للغاز يوجد في قطر وهو ما يسمح بتشخيص فرص استثمارات جديدة».
وقال إن المملكة المتحدة لديها العديد من الميزات التفاضلية على غرار الشفافية، مشيدا بآلية النظام الذي تعمل وفقه الشركات البريطانية في قطر، الذي يصب في نفس خانة النظام المؤسساتي العام في بريطانيا.
واعتبر العمادي أن بلاده من كبار المستثمرين في المملكة المتحدة، فقد شهدت هذه الاستثمارات نقلة نوعية في السنوات القليلة الماضية حيث تبلغ %20 من أسهم بورصة لندن و%27 من أسهم شركة سينسبري واستثمار نحو 3.2 مليار دولار في مشروع «شارد أوف جلاس» ومشروع شراء ثكنة تشيلسي العسكرية بوسط لندن التي بلغت قيمتها نحو ملياري دولار، مؤكداً أن مثل هذه الصفقات تعد عادية وليست بمفاجئة.
© Al Arab 2012







