مع بداية شهور الخريف والشتاء تدب الروح من جديد في عظام مهرجانات السينما في المنطقة العربية بينما تظل في حالة خمول وكسل طوال شهور الصيف وكأنها كائن شتوي لا يظهر إلا مع بدايات الأوكازيونات والتخفيضات التي تعلن عنها المولات والمحال التجارية مع تغييرات الفصول  المناخية .

هذا العام يختفي واحد من أهم هذه المهرجانات وهو الجونة السينمائي الذي إستطاع خلال فترة وجيزة استمرت لخمس أعوام أن يتصدر المشهد السينمائي العربي بعد قرار إدارته بتأجيل دورته السادسة إلى العام المقبل 2023.

فيما يطل القاهرة السينمائي بدورته الـ 44 خلال الفترة من 13 وحتي 22 نوفمبر المقبل بحلة جديدة ورئيس جديد هو الفنان الكبير حسين فهمي الذي يعاود رئاسته للمهرجان مجددا بعد سنوات من اعتذاره عنه. 

وقبل مهرجان القاهرة بيومين يطل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش  خلال الفترة من 11 وحتي 19 نوفمبر وهو التداخل الذي سيؤثر بالتأكيد في مستوي وشكل الحضور بهما .

ويطلق مهرجان البحر الأحمر دورته الثانية في الفترة من 1 وحتي 10 ديسمبر المقبل وسط ترقب كبير من الخبراء والسينمائيين بعدما حقق المهرجان مردود كبير في دورته الأولى العام الماضي.

وسط هذه المهرجانات التي تعد الأكبر من حيث الميزانيات ومستوى الحضور الدولي والأفلام،  تظهر مهرجانات أخرى منها ما هو نوعي مثل الأقصر للسينما الأفريقية وأسوان لأفلام المرأة والإسكندرية لأفلام دول البحر المتوسط وسلا لأفلام المرأة بالمغرب والدار البيضاء للفيلم العربي والرباط لسينما المؤلف وجربة للسينما العربية في تونس والعين والشارقة في الإمارات لفيلم الطفل والشباب والأردن السينمائي وغيرها من مهرجانات عربية  أخري .

نجحت بعضها في تحقيق شعبية وجماهيرية بفضل أنشطتها ونجاحها في الوصول إلى المجتمعات التي أطلقت من أجلها مثل أسوان لأفلام المرأة الذي ترعاه العديد من المؤسسات الوطنية والدولية  مثل المجلس القومي للمرأة والاتحاد الأوروبي بهدف تعزيز رسالته المجتمعية.

تعاني معظم المهرجانات السينمائية بصورة عامة من قلة مواردها، خاصة في دولة مثل مصر التي كان عدد مهرجانتها لايتجاوز القاهرة والإسكندرية لذلك شجعت وزارة الثقافة ومؤسسات المجتمع المدني على الدخول في عالم المهرجانات وإطلاقها وأعلنت تدعيمها الكامل لها ثم قررت تشكيل اللجنة العليا للمهرجانات وتوحيد الجهات الحكومية الداعمة لهذه الأنشطة وخفضت  الدعم إلى ما يوازي 40% من ميزانيتها  ثم نزلت به مؤخرا إلى ما يوازي 20% من الميزانية .

وجد رؤساء المهرجانات أنفسهم في مواقف لا يحسدون عليها فلجأ بعضهم إلى البنوك لتشارك في الدعم المادي وهو ما نجح فيه مهرجان الأقصر مبكرا بالتعاون مع  البنك الأهلي المصري الذي أصبح شريكا في المهرجان وأيضا هذا العام يدخل بنك مصر ملعب المهرجانات بدعمه ورعايته لمهرجان القاهرة وهو ما أعلنه رئيسه حسين فهمي في المؤتمر الصحفي الذي عقده مؤخرا للإعلان عن تفاصيل دورته هذا العام.

وذكر أن بنك مصر هو الداعم الرئيسي بعدما كان داعما منذ سنوات طويلة لإنشاء أول ستوديو سينمائي هو استوديو مصر ورغم أن عدد الداعمين لمهرجان القاهرة يعد الأقل في تاريخ دوراته الأخيرة إلا أن رئيسه أوضح أن هناك مفاوضات تجري مع عدد من الرعاة سيتم الكشف عنهم تباعا قبل انطلاق المهرجان وهي محاولة صعبة جدا وشبه مستحيلة  في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر مؤخرا وتراجع رجال الأعمال عن دعم المهرجانات مثلما كان يحدث من قبل فهل ستلعب البنوك دورهم وتكون بديلا في رعاية الثقافة والفنون؟

 

(إعداد: أحمد النجار، عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما )  

(للتواصل zawya.arabic@lseg.com)