10 07 2012

جاءت بالمركز الثاني في الأهمية بعد قطاع البتروكيماويات وتكرير النفط

تعتبر الصناعات المعدنية الأساسية واحدة من أهم الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشكل استثماراتها المتراكمة حتى العام 2011 البالغة نحو42.4 مليار دولار ما نسبته 13.1 في المئة من اجمالي الأموال المستثمرة في قطاع الصناعات التحويلية، وهي جاءت في المركز الثاني في الأهمية بعد الصناعات البتروكيماوية وتكرير النفط التي شكلت استثماراتها المتراكمة نحو 57.6 في المئة، وذلك وفقاً لاحصاءات ادارة المعلومات الصناعية (IMI) في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك). وتقدر هذه الاحصاءات الطاقة الانتاجية القائمة حالياً في دول مجلس التعاون من الألومنيوم الأوليّ بنحو 3.6 ملايين طن.

وفي هذا الاطار أوضح الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية عبدالعزيز العقيل أنه «من المتوقع ازدياد الطلب العالمي على الألومنيوم بشكل خاص بنسبة 6 في المئة سنوياً، ما سيؤدي الى ازدياد الطلب على المنتج الخليجي في الأسواق العالمية، أضف الى ذلك حالة الازدهار العمراني ومشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي والتي ستؤدي الى ازدياد الطلب عل منتجات الألومنيوم بأنواعها وبشكل متزايد خلال السنوات القليلة القادمة».

لافتاً الى ان المنظمة تهتم بهذا القطاع وتحديدا في مجال صناعة الألومنيوم حيث ستصدر هذا العام كتاباً جديداً تحت عنوان «صناعة وتجارة منتجات الألومنيوم في دول مجلس التعاون» ضمن اصداراتها السنوية المتخصصة، وهو يهدف الى رصد وتشخيص وتحليل واقع صناعة وتجارة منتجات الألومنيوم في دول مجلس التعاون.

ويشار الى ان قطاع الصناعات المعدنية الأساسية يشتمل على صهر وتنقية المعادن الحديدية وغير الحديدية، وانتاج السبائك المعدنية، سواء كان ذلك من الحديد والصلب، أو الألومنيوم، أو النحاس، أو الزنك، أو المعادن الثمينة. وتعتبر صناعة وانتاج الحديد والصلب والألومنيوم من أهم المنتجات المعدنية الأساسية في دول مجلس التعاون الخليجي، التي حققت نمواً مشهوداً خلال السنوات القليلة الماضية، بحيث زاد عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات المعدنية الأساسية بنشاطاته المتنوعة من 129 مصنعاً في العام 2000 الى 268 مصنعاً عام 2011، أي أنها زادت بمقدار الضعف، في حين زادت استثماراتها المتراكمة من قرابة 7 مليار دولار الى حوالي 42.4 مليار دولار للفترة نفسها، أي أنها زادت بمقدار ستة أضعاف.

كما زاد عدد العاملين في هذه الصناعات وللفترة نفسها من 24372 عاملاً الى 58537 عاملاً وبنسبة تفوق الضعف أيضاً.

صناعة الحديد والصلب 
أصبحت صناعة الحديد والصلب من الصناعات التحويلية المعدنية الراسخة في منطقة دول مجلس التعاون، فهي من أولى الصناعات الأساسية التي دخلت المنطقة الخليجية، حيث بدأ الجيل الأول من هذه الصناعة في جدة في المملكة العربية السعودية، وذلك بانشاء مصنع جدة للفولاذ عام 1966 لانتاج حديد التسليح، كما قامت عدة مصانع صغيرة أخرى من هذا الجيل في دولة الامارات العربية المتحدة.
 
وفي منتصف السبعينيات بدأ ظهور الجيل الثاني من هذه الصناعة الذي تمثل في انشاء مصنع متكامل للحديد والصلب بطريقة الاختزال المباشر. وكانت دولة قطر رائدة في هذا المجال حين أنشأت شركة قطر المحدودة للحديد والصلب (قاسكو) عام 1974 التي أصبح اسمها لاحقاً (قطر ستيل)، وبدأت الانتاج عام 1978.

وتبع ذلك بفترة وجيزة قيام الشركة السعودية للحديد والصلب (حديد) عام 1979 وقد بدأت الانتاج عام 1983. وفي العام 1980 تم تأسيس مصنع كريات الحديد في مملكة البحرين وبدأ الانتاج عام 1984، وما ان حلّ العقد الأول من هذا القرن حتى غطَت هذه الصناعة دول مجلس التعاون كافة، وأصبحت منتجاتها تلبي الجانب الأكبر من احتياجات دول مجلس التعاون من مختلف منتجات الحديد والصلب.

وتشمل صناعة الحديد والصلب الأساسية حسب تصنيف النشاط الدولي (ISIC) بتعديله الرابع المنتجات التالية: انتاج الحديد القاعدي والصلب الذي يتكون من عدة منتجات منها: كتل وسبائك وقضبان وأسلاك وصفائح وأنابيب ومواسير غير ملحومة، كما تشمل منتجات سبك الحديد والصلب بأنواعها، كصناعة الأنابيب والمواسير ولوازمها من حديد الزهر وغيرها من مسبوكات.

ويشار الى ان عدد المصانع العاملة في مجالات صناعة الحديد والصلب قد زادت من 84 مصنعاً عام 2000 الى 184 مصنعاً عام 2011، أي أنها زادت بأكثر من الضعف، وزادت استثماراتها المتراكمة من قرابة 2.7 مليار دولار فقط الى حوالي 19.3 مليار دولار للفترة نفسها، بزيادة بلغت أكثر من سبعة أضعاف، مما يدل على ان المشروعات الجديدة كانت من الحجم الكبير الذي تطلب كثافة مرتفعة لرأس المال، كما زادت القوى العاملة في هذه الصناعات من حوالي 15 ألف مشتغل الى قرابة 39.4 ألف مشتغل للفترة نفسها.

وقد حازت المملكة العربية السعودية على حوالي نصف عدد المصانع العاملة في قطاع صناعة الحديد والصلب الرئيسة، تلتها دولة الامارات بنسبة 31 في المئة، ثم باقي دول مجلس التعاون بنسب تقل عن ذلك.

كما حازت السعودية على نحو 61 في المئة من اجمالي الاستثمارات المتراكمة في هذا القطاع حتى العام 2011، تلتها دولة الامارات بنسبة 20 في المئة تقريباً، فباقي دول المجلس بنسبة 19 في المئة تقريباً.

كما استوعبت السعودية نحو 64 في المئة من عدد العاملين في هذا القطاع للعام نفسه، تلتها الامارات بنسبة 14.5 في المئة، فعُمان بنسبة 7.5 في المئة، ثم قطر بنسبة 6 في المئة، فالبحرين والكويت بنسبة 4.4 في المئة، 3.5 في المئة على التوالي.

وتقدر الطاقات الانتاجية في دول مجلس التعاون من منتجات الحديد والصلب الأساسية بنحو 20 مليون طن من كريات خام الحديد، ونحو مليوني طن من الألواح والصفائح، وحوالي 17 مليون طن من المنتجات الطويلة، ونحو 5 ملايين طن من الأنابيب والمواسير.

كما ان هناك عدداً كبيراً من المصانع والورش التي تقوم بتشكيل المعادن التي تشمل: المنتجات المعدنية الانشائية، الحاويات والصهاريج والعلب، والهياكل المعدنية، ومولدات البخار، والمعدات اليدوية والزراعية، ومعالجة وطلاء المعادن، وغير ذلك من منتجات يصعب حصرها. وقد بلغ عدد المصانع العاملة في هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2011 نحو 2370 مصنعاً، وبلغت استثماراتها المتراكمة أكثر من 8.8 مليارات دولار، واستوعبت نحو 177 ألف عامل، مثلت نحو 14 في المئة من اجمالي عدد العاملين في الصناعة التحويلية في دول مجلس التعاون.

صناعة الألومنيوم
ويعتبر الألومنيوم من المعادن المهمة جداً، لما يتمتع به هذا المعدن من مزايا ومواصفات، فهو خفيف الوزن، مقاوم للصدأ، وموصل جيد للتيار الكهربائي والحرارة، وتتمتع سبائكه بقوة تعادل قوة الصلب، وهو سهل التشكيل، ويمكن تلوينه كيميائياً، ولهذه الأسباب زاد استخدامه في القطاعات الاقتصادية المختلفة مثل: صناعة الطائرات والسيارات، وقطاع البناء والتشييد، وصناعة الأواني المنزلية وغيرها.

وتعتبر صناعة الألومنيوم من الصناعات التي تعتمد على كثافة استخدام الطاقة، ونظراً لوفرتها لدى دول منطقة مجلس التعاون فان هذه الدول أصبحت مؤهلة لان تكون واحدة من أهم المراكز العالمية في هذه الصناعة، وان تحظى هذه الصناعة باهتمام دول المنطقة لدعم وتعزيز البنيان الصناعي والاقتصادي فيها.

وتقدر الطاقة الانتاجية القائمة حالياً في دول مجلس التعاون من الألومنيوم الأوليّ بنحو 3.6 ملايين طن، أقدمها مصنع «ألبا» في البحرين بطاقة تبلغ نحو 860 ألف طن، ثم مصنع «دوبال» في دبي بطاقة 1 مليون طن تقريباً، ثم مصنع «صحار» في عُمان بطاقة 350 ألف طن، ثم مصنع «قطالوم» في قطر بطاقة 585 ألف طن. ك

ما تم تشييد مصنع جديد في الامارات «شركة ايمال» بطاقة أولية قدرها 750 ألف طن، كما يجري حالياً تشييد مصنع آخر متكامل في السعودية، يعتمد على استغلال الثروة المعدنية من مادة «البوكسايت» التي تعتبر المادة الخام لانتاج الألومينا، ومن ثم انتاج الألومنيوم الأوليّ، ويضم المشروع اقامة مصفاة لمادة الألومينا بطاقة 1.8 مليون طن، ومصنع للدرفلة بطاقة أوليّة تبلغ 380 ألف طن.

وتقدر مساهمة الانتاج الخليجي بنحو 10 في المئة من اجمالي الانتاج العالمي تقريباً، ومع تنفيذ مشاريع مصاهر الألومنيوم المخطط لها في دول مجلس التعاون، من المتوقع ان تصل طاقة انتاج الألومنيوم الأوليّ بحلول العام 2020 الى حوالي 9 ملايين طن، أي بنسبة تقدر بنحو 15 - 17 في المئة من الانتاج العالمي.

اذن لقد فتحت صناعة الألومنيوم الأوليّ الباب واسعاً أمام العديد من الصناعات الوسيطة في المنطقة الخليجية، التي تعتمد على الألومنيوم الأوليّ كمدخل انتاج. وتقوم هذه الصناعات على استخدام عمليات انتاجية متنوعة في التصنيع أهمها: البثق، والسحب، والدرفلة، والطرق. وينتج عن هذه العمليات الكثير من المنتجات نصف المصنعة وشبه النهائية، مثل: المقاطع، والأعمدة، والصفائح والألواح والرقائق، والأسلاك والكابلات، وعجلات السيارات.

وقد حققت صناعة الألومنيوم بأنواعها الأساسية والوسيطة في دول مجلس التعاون تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية، فقد ازداد عدد المصانع العاملة في هذا القطاع من 31 مصنعاً عام 2000 لتصل الى 44 مصنعاً عام 2011 وبزيادة نسبية قدرها 42 في المئة. أما الاستثمارات المتراكمة في هذه المصانع فقد قفزت بشكل هائل نتيجة اقامة مصاهر جديدة في كل من عمان وقطر، اضافة لعدة مصانع لانتاج الألومنيوم الوسيط، الى جانب التوسعات الكبيرة في الطاقات الانتاجية التي شملت عدداً غير قليل من المصانع القائمة، وهكذا فقد ارتفع حجم الاستثمار التراكمي في هذا القطاع من حوالي 4.1 مليار دولار فقط عام 2000 ليصل الى نحو 17.3 مليار دولار عام 2011 أي بزيادة تفوق الأربعة أضعاف. كما تضاعف عدد العاملين في هذا القطاع، فازداد عددهم من 8.5 ألف عامل الى حوالي 16.3 ألف عامل للفترة نفسها. ولعل زيادة الاستثمارات بشكل يفوق بكثير زيادة القوى العاملة يدل على ان هذه الصناعات هي كثيفة استخدام رأس المال.

وتشير البيانات الى ان الامارات جاءت في المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات المتراكمة عام 2011، فقد أسهمت بنسبة 47.1 في المئة من اجمالي الاستثمارات التراكمية الموظفة في هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي، تلتها قطر بنسبة 25.4 في المئة، فالبحرين بنسبة 15.2 في المئة، ثم عُمان بنسبة 10.6 في المئة، ثم بقية دول المجلس بنسب قليلة.

الا أنّه من المتوقع قريباً حصول قفزة نوعية في حجم الاستثمارات في قطاع صناعة الألومنيوم في السعودية بعد اكتمال انشاء مصفاة الألومينا ومصهر الألومنيوم وما يرتبط بهما من مرافق وتجهيزات. أما من حيث عدد العاملين في هذا القطاع فقد احتلت الامارات المركز الأول أيضاً حيث أسهمت بنسبة 42.9 في المئة من اجمالي عدد العاملين في دول مجلس التعاون في هذا القطاع، تلتها البحرين بنسبة 28.5 في المئة، ثم السعودية بنسبة 13.3 في المئة، فباقي دول المجلس بنسب تقل عن ذلك . ومما لا شك فيه فقد أسهمت صناعة المعادن الأساسية في دول مجلس التعاون في دعم ومساندة القاعدة الصناعية والاستراتيجية لهذه الدول، حيث تعتبر ركناً أساسياً فيها، نظراً لمجالات استعمالها المتنوعة التي تغطي معظم مناحي الحياة المعاصرة من سكن، ووسائل نقل، ومرافق عامة، وفي مختلف النشاطات الاقتصادية من زراعة وصناعة وبناء وتشييد ونقل ومواصلات وغيرها.

كما أسهمت هذه الصناعات في خلق قيمة مضافة جديدة، شكلت احد روافد الدخل القومي لدول المجلس، كما أسهمت في زيادة الصادرات غير النفطية وتحسين الميزان التجاري، كما أدت الى توطين التكنولوجيا الحديثة في المنطقة من خلال التعاون والمشاركة مع كبريات الشركات العالمية المتخصصة، اضافة الى اسهامها في تشغيل المزيد من القوى العاملة الوطنية.

ولعل من أهم المزايا الاقتصادية لهذه الصناعات قدرتها على امداد العديد من الصناعات المتوسطة والنهائية بالمواد الخام الأولية ونصف المصنعة التي تشكل المدخلات الأساسية لهذه الصناعات نذكر منها: الألومنيوم الأوليّ بأشكاله المتنوعة، والكتل والصبات، والقضبان والمقاطع، والصفائح والألواح، والشرائط والأسلاك والكابلات، والمقاطع الخفيفة، الخ.

وفي هذا المجال لا بد من التنويه بعدد من الصناعات المعدنية الأساسية الضرورية الغائبة، التي تعد من الفرص الاستثمارية الواعدة في منطقة دول مجلس التعاون، ومنها: صناعة السبائك والحديد المخصوص، وصناعة خطوط ودعامات السكك الحديدية، وانتاج الأنابيب المسحوبة، وانتاج كرات الحديد، وصناعة صفائح الحديد المطلية، وانتاج قطع الحديد المجلفنة كهربائياً، ومنتجات القولبة للألومنيوم، كما ان هناك امكانية لزيادة الطاقات الانتاجية في مجال صفائح الألومنيوم المشكلة على البارد، ورقائق، وأنابيب، ومساحيق الألومنيوم.

يذكر ان دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر احدى مجموعات الدول العالمية ذات المستوى الأعلى في متوسط الاستهلاك الفردي من الحديد والصلب والألومنيوم، فالى جانب استهلاك معظم انتاج الحديد والصلب المنتج محلياً، وكذلك نسبة لا يستهان بها من الألومنيوم ومنتجاته، فان المنطقة الخليجية قد استوردت في العام 2010 ما قيمته 3.5 مليارات دولار تقريباً من منتجات الألومنيوم، ونحو 10.6 مليارات دولار من منتجات الحديد والصلب الأساسية، ونحو 11.8 مليار دولار من مصنوعات الحديد والصلب المتنوعة.ويعتبر قطاع البناء والتشييد بمجالاته ونشاطاته المتنوعة في دول مجلس التعاون الأكثر استهلاكاً لهذه المنتجات.

© Annahar 2012