PHOTO
يشعر المشاركون في سوق رأس مال الدين التركي بالتفاؤل بأن الزخم القوي الذي شهده عام 2025 سيستمر حتى العام الجديد، مع توقعات باستمرار الإصدار وإعادة التمويل، شريطة أن تظل المخاطر السياسية تحت السيطرة.
أصدرت تركيا سندات بقيمة حوالي 27 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وإن كان ذلك بانخفاض عن 32-33 مليار دولار في عام 2024. ويعزى هذا الانخفاض جزئيا إلى الاضطرابات السياسية في مارس وأبريل، والتي أوقفت الإصدار مؤقتا. ومنذ ذلك الحين، عاد النشاط، مما يعكس انتعاش في دورة الأعمال.
"تشهد تركيا استمرار لدورتها المزدحمة التي شهدناها في عام 2024، ورغم الاضطرابات التي شهدها شهري مارس وأبريل، لا تزال ثقة المستثمرين مرتفعة. وتعد تركيا فرصة سانحة لزيادة العائد والفارق في عالم تتجه فيه أسعار الفائدة نحو اتجاه واحد،" وفق خالد درويش، المدير الإداري ورئيس أسواق رأس مال الدين في أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وإفريقيا في بنك HSBC.
كانت بيئة الأسواق الناشئة داعمة للبلاد. تحسنت معنويات المخاطرة تجاه الأسواق الناشئة بشكل ملحوظ، مدفوعة بضعف الدولار والسعي وراء القيمة بعيدا عن الأصول الأمريكية عالية التكلفة. وقد استفادت تركيا، التي تُعتبر سوق ناشئ بعائد مرتفع وعوائد جذابة وقصة تَحسُن في الاقتصاد الكلي، مستفيدة من هذه العوامل.
"شهدنا تدفقات قوية من الصناديق إلى صناديق الأسواق الناشئة، مما خلق بيئة مواتية. وتبرز تركيا كواحدة من الأسواق القليلة التي تشهد مسار تصاعدي في التصنيفات الائتمانية،" حسب الكسندر ويل، مدير أسواق الدين في HSBC.
استفادت تركيا، التي حققت هدفها لعام 2025 المتمثل في إصدار سندات سيادية بقيمة 11 مليار دولار أمريكي في أوائل سبتمبر، من هذه الظروف المواتية الشهر الماضي، وقامت بتمويل مسبق بسندات أمريكية بقيمة 2.25 مليار دولار لأجل 11 عام، حيث ضغطت سعر الفائدة إلى 6.80% من 7.15% التي كانت في تصورات السعر الأولي.
"استغلت تركيا ظروف السوق المواتية لتمويل جزئي مسبق لاحتياجاتها التمويلية لعام 2026،" بحسب فادي جندي، مدير محفظة الدخل الثابت في أرقام كابيتال المحدودة في دبي.
استفادت شهية المخاطر في تركيا من قرار محكمة أنقرة الأخير برفض دعوى قضائية كانت تهدف إلى الإطاحة بزعيم حزب المعارضة الرئيسي وإلغاء مؤتمره 2023، مما خفف من حدة بعض التوترات السياسية.
وبأحدث جولة من الإصدارات، يصل إجمالي الإصدارات الدولية بالعملة الصعبة التي أصدرتها الحكومة التركية حتى تاريخه إلى ما يعادل حوالي 13 مليار دولار (عبر سندات تقليدية وصكوك بالدولار، وسندات تقليدية باليورو).
قال الجندي إن الطلب القوي على الديون التركية لا يأتي فقط من المستثمرين المحليين الأتراك وصناديق الأسواق الناشئة المخصصة، بل أيضًا من المستثمرين المتقاطعين - مستثمرين يركزون على الأسواق المتقدمة من الولايات المتحدة وأوروبا - الذين يزيدون تدريجيا مخصصاتهم للأسواق الناشئة.
"سوق سندات اليورو السائلة في تركيا، وتنوع جهات الإصدار، يجعلها نقطة دخول سهلة،" أضاف جندي.
تأثير دول مجلس التعاون الخليجي
تبرز بنوك دول مجلس التعاون الخليجي كلاعبين رئيسيين في تركيا من خلال شراء السندات والإقراض، حيث تستفيد مؤسسات مثل بنك الإمارات دبي الوطني، وبنك قطر الوطني، والبنك الوطني السعودي، وبيت التمويل الكويتي من عملياتها الاستراتيجية في تركيا.
"بالنسبة لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي، إنها عملية تنويع مزدوجة: تعرض مصر وتركيا طلب قوي للمنتجات المصرفية وإمكانات نمو طويلة الأجل،" قال درويش.
قد يؤدي هذا الاتجاه إلى المزيد من إصدارات الصكوك والسندات التقليدية، مما يعزز السيولة ويعزز ثقة المستثمرين.
"بالنسبة للمستثمرين الدوليين، حتى لو اشتروا في البداية أرصدة بعوائد تتراوح بين 9% و10%، والتي تُقدر الآن بين 7% و8%، لا يزال لديهم إقبال على الشراء عند المستويات الحالية لعلمهم بتدفق المزيد من السيولة إلى المنطقة من دول مجلس التعاون الخليجي،" قال ويل من بنك HSBC.
وأضاف أن هذا التدفق المتنامي للسيولة من دول مجلس التعاون الخليجي يعزز الثقة و"يشجع المستثمرين الدوليين على الاستمرار في النشاط وعدم الآخذ في الاعتبار كيف تبدو التقييمات كبيرة بعض الشيء".
وقد تُقدم الأموال الآسيوية التي تتدفق إلى الأسواق التركية زخم جديد.
"يتساءل العديد من المصدرين الأتراك بالفعل عن كيفية تحسين الوصول إلى السيولة الآسيوية، ومن المرجح أن تكون هذه هي الخطوة التالية لتركيا. إذا ارتفع التصنيف السيادي إلى +BB أو أعلى، فقد يؤدي ذلك إلى تدفق سيولة أكثر من آسيا،" قال ويل.
البنوك تهيمن
خارج نطاق السندات السيادية، قادت المؤسسات المالية نشاط الإصدار الأخير، وخاصةً أدوات AT1 وTier 2. كانت الصفقة البارزة إصدار بنك فاكيف كاتيليم لسندات من فئة AT1 بقيمة 500 مليون دولار في أوائل أكتوبر، والذي جذب طلبات شراء بقيمة 1.6 مليار دولار، وسعره 8.375%، بانخفاض عن التسعير الاسترشادي الأولي الذي تراوح بين 8.875% و9%.
"تم تسعير معظم إصدارات البنوك هذا العام بالقيمة العادلة مع علاوة إصدار جديدة محدودة،" صرح جندي، الذي شاركت شركته في الصفقة.
من المتوقع أن يظل إصدار البنوك قوي خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة.
"تقدم السندات الثانوية عوائد تزيد بنحو 150-170 نقطة أساس عن السندات السيادية التركية، مما يوفر علاوة دون مخاطر ائتمانية أعلى بكثير،" وفق جندي.
توقعات 2026
إصدارات الشركات محدودة حاليًا، لكنها آخذة في النمو. وخارج القطاع المالي، كانت الإصدارات نادرة - مقتصرة بشكل رئيسي على قطاعي الطاقة المتجددة والأسمنت - بسبب التقلبات السياسية التي دفعت العديد من الشركات إلى تعليق خططها، ثم وجدت صعوبة في استئنافها قبل تضييق نافذة الإصدار لهذا العام.
ومع ذلك، من المتوقع أن تنتعش صفقات الشركات الافتتاحية في أوائل عام 2026. وفيما يتعلق بالشركات التركية ذات التصنيف الائتماني المنخفض، هناك بالتأكيد اهتمام قوي من جانب كل من المُصدرين والمستثمرين، وفقا للمصرفيين.
"يزداد انفتاح المستثمرين على استكشاف أسماء جديدة، وتدرس العديد من الشركات بنشاط دخول السوق،" وفق ويل.
ويتوقعون نمو مطرد بدلا من ارتفاع حاد.
"سيحتاج حجم الإصدارات الحالي إلى إعادة تمويل، وبينما قد يعود البعض إلى سوق القروض، فإن معظمها سيبقى في الأوراق المالية التي يهيمن عليها المستثمرون المؤسسيون،" وفق درويش.
وأضاف: "لا نتوقع ارتفاع على شكل حرف V، بل مسار نمو ثابت".
للاطلاع على التقرير الأصلي والمنشور بالإنجليزية على موقع زاوية اضغط هنا.
(إعداد: بريندا داراشا، ترجمة: شيماء حفظي، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)
#أخباراقتصادية
للاشتراك في تقريرنا الأسبوعي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية، سجل هنا







