في وقت سابق من فبراير، أصدر معهد التمويل الدولي Institute of International Finance IIF تقرير عن أداء الاقتصاد المصري خلال الأوقات العاصفة الأخيرة التي لم تكن سهلة على العالم كله. بشكل عام.

ونحاول هنا باختصار عرض أهم ما جاء في التقرير وتقييمه لأداء الاقتصاد المصري في هذه المرحلة العصيبة: 

  • كما اعتدنا في التقارير الدولية الأخيرة، أشاد معهد التمويل الدولي بحزمة الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية كاستجابة للجائحة، ووصفها بالـ "كافية"، وذلك من ناحية إجراءات القطاع الصحي، بالإضافة للحزمة الاقتصادية، والحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي في وقت مناسب والذي وصفه التقرير بأنه "ساعد السلطات على تنفيذ سريع للسياسات الطارئة في القطاع الصحي والإنفاق الاجتماعي لتجاوز الأزمة، مع محاولة تخفيف حدة الأمور على القطاع الخاص". 
  • مصر هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي أفلتت من فخ الانكماش الاقتصادي في 2020، إلا أن بعض المؤشرات مثل مؤشر مدراء المشتريات PMI يشير إلى وجود مصاعب أمام القطاع الخاص، ولذا، يتوقع المعهد أن يدور معدل النمو الاقتصادي في العام المالي المصري 21/2020 والذي بدأ يوليو الماضي حول 2.3% مقارنةً بـ 3.6% في عام 20/2019 والذي شهد بداية الجائحة في نصفه الثاني. 
  • يرى المعهد بعين التفاؤل، أن الأثر السلبي للتباعد الاجتماعي والإجراءات المختلفة على النشاط الاقتصادي يقل مع الوقت، حيث يجد المستهلكون وأصحاب الأعمال بمرور الوقت المزيد من الطرق للاستفادة بالتطورات على صعيد التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية لممارسة نشاطاتهم والتأقلم بالتدريج مع متطلبات الواقع الجديد. 
  • لم ينس المعهد كذلك الإشارة للسياسة النقدية التي وصفها بالملائمة، مشيراً إلى تخفيض أسعار الفائدة بمجموع 4% خلال 2020، وهو ما يراه متماشياً مع ضرورة تخفيف الأعباء على النشاط الاقتصادي من ناحية، ومع مسار التضخم من ناحية أخرى، مع وجود مساحة لتخفيض إضافي خلال الفترة القادمة خاصة مع بقاء معدلات التضخم تحت السيطرة وغياب الضغوط على الأسعار. 

لكن... ولابد من "لكن" كما نعلم...! 

تطرق تقرير المعهد الدولي لمخاوف عامة لا تخفى على أحد، وهي تحديات يعاني منها الاقتصاد المصري في الأصل، ولكن جاءت الجائحة لتجعل منها أوجه أكثر هشاشة وثغرات أكثر اتساعاً: 

  • قطاع المالية العامة مازال يعاني من عجز كبير نسبياً في الموازنة، وضخامة الدين العام، وهو ما سيعاني ضغط أكبر في أوقات تستدعي بطبيعتها إنفاق اجتماعيا أوسع مع تأمين احتياجات استثنائية للقطاع الصحي. ومع الاحتياج الكبير لتحفيز قطاع الأعمال لطرد شبح الركود، سيكون على الحكومة التضحية ببعض الإيرادات الضريبية أو تأجيل مستحقات هنا أو هناك، خاصة مع القطاعات الأكثر تضرراً من الجائحة. كل ذلك له أثره على أداء الموازنة وقطاع المالية العامة. ولذا، يتوقع معهد التمويل أن يسجل عجز الموازنة 8.5% في العام المالي الحالي نظراً لتراجع النمو في الإيرادات والتوسع في الإنفاق. وأشار التقرير إلى أن إجراءات ضبط مالي قوية ستكون حتمية ولا فرار منها بعد انحسار الجائحة، لوضع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي على مسار منخفض. 
  • احتياجات التمويل الخارجية خلال الفترة القادمة "تستدعي الحذر"، خاصة مع اتساع عجز الحساب الجاري، وفي ظل تنامي احتياجات سداد الالتزامات التمويلية التي تحملتها مصر خلال الفترة الأخيرة. 
  • أشار التقرير كذلك إلى استمرار عوائق موجودة بالأصل قبل أزمة كورونا، والتي لازالت تلقي بظلالها على نشاط القطاع الخاص وقدراته، وبالتالي تضع سقف لآفاق النمو الاقتصادي في مصر ومدى قدرته على تحقيقه بتوازن للقطاعات المختلفة. تلك العوائق التي تشمل "بصمة ضخمة لدور الدولة في النشاط الاقتصادي"، مع غياب المنافسة وبعض أوجه الضعف المؤسسية والتشريعية التي تؤثر على النشاط الاقتصادي وبالذات للقطاع الخاص. 

وبغض النظر عن تلك النقاط بعينها، نرى أن التحدي هذه المرة يتمثل في أن جزء كبير من التعافي المطلوب للاقتصاد المصري لا يتوقف على أداء المؤشرات المصرية وحدها، وإنما يحتاج الأمر تعافي عالمي كذلك، إذ يرتبط جزء كبير من أداء الاقتصاد بمدى صحة نشاطات حيوية مثل السياحة وتدفقات الاستثمار الأجنبي والتجارة الخارجية وغيرها من المتغيرات التي تتجاوز حدود قدرات الدولة أو جهود مؤسساتها. 

(إعداد: إسراء أحمد، المحللة الاقتصادية بزاوية عربي، وعملت إسراء سابقا كاقتصادي أول بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية - مصر، وكذلك شركة مباشر لتداول الأوراق المالية، بالإضافة لعملها كباحث اقتصادي في عدة وزارات مصرية)

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

سجل الآن ليصلك تقريرنا اليومي الذي يتضمن مجموعة من أهم الأخبار لتبدأ بها يومك كل صباح

© Opinion 2021

المقال يعبر فقط  عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.