انتهاء دورة التشديد النقدي في مصر قد تكون علي بعد خطوات اذا ما حسم المركزي المصري معركة التضخم هذا الشهر أو على أقصى تقدير خلال الربع الأول من 2023.

يجتمع المركزي المصري للمرة الأولى خلال هذا العام يوم  2 فبراير - الخميس القادم - وتشير كل المؤشرات إلى حتمية استمرار التشديد النقدي. 

فعلي الرغم من رفع معدل الفائدة الأساسية بنسبة 8% خلال 2022، فإن متوسط الكوريدور - الذي يشمل أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض - يبلغ حاليا 16.75% وهو أدنى ب2.5% من قمته السابقة  التي بلغت 19.25% المسجلة في يوليو 2017، الشهر الذي شهد معدل تضخم قياسي تخطى 30% بعد تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. 

ففي منتصف 2017، بلغ معدل التضخم السنوي حوالي 35% قبل أن ينخفض إلى حوالي 15% في منتصف 2018 ويتراجع إلى ما دون ال10% خلال السنوات التالية قبل أن يعاود الارتفاع بوتيرة متسارعة خلال عام 2022 وحتى الآن. 

للمزيد: معدل التضخم السنوي في المدن المصرية يقفز إلى 21.3% في ديسمبر

ومما لا شك فيه، ان صدمة التضخم الحالية تفوق صدمة 2017 وانفلات توقعات التضخم حاليا تفوق انفلات توقعات التضخم في 2017 نظرا لتبعات الأزمات المتتالية التي أثقلت كاهل الدول المتقدمة والناشئة منذ أزمة كورونا في 2020.

وضاعف من أثر هذه الصدمات تحرير سعر الصرف في عدد من الدول ومنها مصر خلال 2022 وحتى الآن.  

ماذا فعلت الدول الأخرى؟

تجارب الدول الأخرى التي انتقلت إلى سعر صرف مرن تشير إلى أن أسعار الفائدة الحقيقية بقيت مرتفعة لفترة طويلة حتى يستقر سعر الصرف وتوقعات التضخم. 

ففي تركيا على سبيل المثال، تم تحرير سعر صرف الليرة في فبراير2001 وبلغ سعر الفائدة الحقيقي (أي سعر الفائدة مخصوما منه معدل التضخم الفعلي بعد عام) 29% في 2002 و 22% في 2003  و 14% في 2004 و استقر قرب ال10% خلال الخمس سنوات التالية حتى 2009. 

و بالفعل، فبعد قرابة عقدين من الزمن عانت فيهم تركيا من معدلات تضخم سنوية تقارب ال100%، استقرت معدل التضخم السنوي عند مستوى ما بين 8% إلى 10% خلال ال15 عام التالية لتحرير سعر الصرف و تذبذب سعر الصرف في نطاق ضيق ما بين ال1.4 إلى 1.6 ليرة للدولار. 

ماذا سيحدث في مصر؟

رفع سعر الفائدة في مصر هذا الشهر سيساعد البنوك العامة والخاصة على استقرار مستويات ربحيتها و نسب كفاية رأس المال خصوصا بعد الطرح الأخير لشهادة ال25% وهو أمر هام جدا لأن الاستقرار المالي لا يقل أهمية عن الاستقرار النقدي.  

و بناءا علي ما سبق، نتوقع أن يستمر المركزي المصري في استباق معدلات التضخم المتوقعة بخطوات حاسمة لأن التدرج في هذه اللحظة قد يعوق قدرة المركزي على تحقيق معدل تضخم أحادي في آخر 2024 كما أعلن سابقا. 

و"خطوة حاسمة" تعني رفع سعر الفائدة الرئيسية بنسبة 3% علي الاقل حتي يقترب متوسط الكوريدور من مستوى ال19.75% وهو أعلي ب50 نقطة اساس فقط من قمة 2017. 

و من المتوقع أن يتبع هذه الخطوة ارتفاع العائد على أذون الخزانة قبل خصم الضريبة إلى مستوى ال23% تقريبا وهو مستوى يفوق القمة السابقة التي سجلت في منتصف 2017 (22.5%) ب0.5% فقط. 

واذا ما أقدم المركزي على هذه الخطوة بالتوازي مع تخفيض وتيرة تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية كما هو متوقع في اجتماع 31 يناير - 1 فبراير 2023 ، فقد يستقر سعر الفائدة الرسمي في مصر دون تغيير خلال ما تبقى من 2023 على أن يبدأ في الانخفاض التدريجي بداية من 2024.

 

(إعداد: هاني جنينة، محلل اقتصادي و محاضر بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة) 

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)