فاز فلاديمير بوتين بفترة رئاسية جديدة في روسيا بعد تفوق ساحق في الانتخابات الرئاسية التي أجريت على مدار ثلاثة أيام كان آخرها الأحد.

وحصد بوتين، الذي لم يواجه منافسة قوية، أكثر من 87% من أصوات الناخبين، وبذلك سيتولى الرئاسة لفترة خامسة. وكان هذا أول اقتراع رئاسي في روسيا يستمر لمدة 3 أيام، بدل يوم واحد في الانتخابات السابقة.

وكان فوز بوتين متوقع بدرجة كبيرة، إذ أن الانتخابات الرئاسية ليست سوى أداة لإضفاء الشرعية على حكمه، الذي يُعرف بأنه سلطوي.

وهنأ قادة شرق أوسطيون بوتين على فوزه في الانتخابات، أبرزهم ملك السعودية وولي عهدها، ورئيس الإمارات، وأمير قطر، والرئيس السوري،  ورئيس إيران وغيرهم.

ويحظى بوتين بعلاقات جيدة مع كثير من هؤلاء القادة، إذ أنه يولي اهتمام كبير بمنطقة الشرق الأوسط، التي تُعتبر إحدى الساحات المهمة في صراعه المستمر مع الولايات المتحدة على النفوذ العالمي.

 

ماذا يعني فوزه للمنطقة؟

يعني فوز بوتين بفترة رئاسية جديدة استمرار الوضع الراهن والعلاقات القائمة بين روسيا ودول الشرق الأوسط كما هي دون تغيير، ويشمل ذلك العلاقات التجارية والدفاعية والعسكرية والسياسية وغيرها.

ويمتد الأمر كذلك إلى اتفاقات وتحالفات تتعلق بالطاقة، لها تأثير كبير على استقرار الأسواق العالمية، في ظل الأهمية الكبيرة للقطاع في الوقت الراهن. 

 

الطاقة

تقود روسيا والسعودية تحالف أوبك بلس (منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها) الذي يضخ أكثر من 40% من الإمدادات العالمية من النفط.

ويضم التحالف دول شرق أوسطية أخرى منها الإمارات، والكويت، والجزائر وعُمان والعراق.

وتطبق دول التحالف، بناءً على توافق بينها وقيادة موسكو والرياض، سياسات لخفض إنتاجها من النفط لدعم الأسواق والأسعار عالميا، وهو ما يؤثر بدوره على الإمدادات العالمية في ظل حصة التكتل من الإنتاج العالمي.

ولطالما كانت قرارات أوبك بلس بخفض مستويات إنتاج النفط محل انتقاد من الولايات المتحدة لما لها من تأثير على أسعار الطاقة، وهو الأمر الذي كان مصدر توترات سابقا بين واشنطن والرياض. 

لكن التحالف يحظى بتأييد بوتين، الذي قال في يناير الماضي إن مجموعة أوبك بلس نجحت في تحقيق هدفها المتمثل في استقرار أسعار النفط بالأسواق.

وعلى صعيد الطاقة أيضا، تنفذ مؤسسة روساتوم للطاقة النووية الروسية الحكومية وشركات تابعة لها مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية في مصر، الذي تعول عليه الدولة لتنويع مزيج الطاقة لديها، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

والمحطة -التي وقع بوتين عقودها مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في عام 2017- هي أكبر مشروع تعاون ثنائي بين مصر وروسيا منذ بناء سد أسوان، وأحد أكبر مشروعات المنشآت النووية لشركة روساتوم في العالم.

كما تنافس روساتوم للمشاركة في تنفيذ محطة طاقة نووية للأغراض السلمية تسعى السعودية لتشييدها، وفق تصريحات رسمية روسية نقلتها وسائل إعلام روسية.

 

العلاقات التجارية والاقتصادية

تعتبر العلاقات التجارية بين روسيا ودول شرق أوسطية مهمة لموسكو، فالإمارات -على سبيل المثال- هي أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، وأكبر مستثمر عربي فيها. 

وارتفع حجم التجارة المتبادلة بين الإمارات وروسيا خلال أول 9 شهور من عام 2023 بنسبة 63% على أساس سنوي، إلى 8.8 مليار دولار، بحسب ما نقلته وسائل إعلام روسية عن يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي.

وروسيا هي إحدى الدول المؤسسة لتكتل بريكس الاقتصادي -الذي يمثل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي- الذي وافق العام الماضي على ضم دول جديدة من بينها بلدان عربية هي السعودية والإمارات ومصر.   

ولدى التكتل -الذي يسعى لكسر الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي- بنك يحمل اسم "بنك التنمية الجديد" ويعمل على إقراض الأموال للدول والحكومات من أجل التنمية.

ومصر، التي انضمت إلى عضوية بنك التنمية الجديد في عام 2023، تسعى في ظل نقص للنقد الأجنبي لديها لجذب تدفقات تمويلية تنموية من بنك تكتل بريكس.

 

العلاقات الدفاعية والعسكرية

تعتبر إيرادات الصادرات الدفاعية ذات أهمية كبيرة لاقتصاد روسيا، ويعمل الكرملين على الاستثمار في توسيع صناعة الأسلحة الروسية. 

وكانت روسيا ثالث أكبر دولة مصدرة للأسلحة في العالم خلال الفترة بين عامي 2019 و2023، وفق بيانات حديثة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وفي ضوء هذه الأهمية، يُشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط استحوذت على 13% من صادرات روسيا من الأسلحة في الفترة بين عامي 2019 و2023، وفق بيانات معهد ستوكهولم الدولي.

وكانت السعودية وقطر ومصر من أكبر 10 دول مستوردة للأسلحة خلال الفترة نفسها.

ومثلت الأسلحة الروسية 20% من واردات مصر من الأسلحة خلال الفترة بين عامي 2019 و2023، وكانت مصر سابع أكبر مستورد للأسلحة بالعالم خلال الفترة نفسها.

وعلى الصعيد العسكري، فلدى روسيا وجود عسكري كبير في سوريا، إذ أنها حليف مقرب للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية القائمة بالبلد منذ سنوات.

ولدى روسيا قواعد عسكرية في سوريا منها قاعدة حميميم الجوية، وقاعدة طرطوس البحرية. وسبق أن رحب الأسد العام الماضي بأي مقترحات من روسيا لإقامة قواعد عسكرية جديدة أو زيادة عدد قواتها في بلاده.

 

(إعداد: مريم عبدالغني، للتواصل: zawya.arabic@lseg.com)

#تحليلسريع

لقراءة الموضوع على منصات مجموعة بورصة لندن، أضغط هنا

للاشتراك في تقريرنا اليومي الذي يتضمن تطورات الأخبار الاقتصادية والسياسية، سجل هنا