17 07 2016

على أساس تقديري لسعر النفط بـ35 دولارا للبرميل

تناول «الشال» في المحور الثاني من تقريره الاقتصادي أرقام إجمالية لمشروع موازنة السنة المالية الحالية 2016/2017، خلاصتها تقدير المصروفات بنحو 18.9 مليار دينار ، بخفض قدره 279 مليون دينار ، أو خفض بنحو 1.6 % فقط مقارنة باعتمادات السنة المالية السابقة لها.

وحتى ذلك الخفض غير حقيقي، لأنه عائد إلى انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، ما أدى بالتبعية إلى خفض مصروفات الدعم، وهو بند رئيسي في الموازنة العامة، وذلك أمر لا علاقة له بأي سياسيات إصلاح أو ترشيد، وعليه تم تقدير رقم مخيف لعجز الموازنة الافتراضي بلغ 12.2 مليار دينار .
 
ومعظم العجز ناتج عن اعتماد سعر افتراضي لبرميل النفط الكويتي بلغ 25 دولارا، وكان ذلك بشهر يناير وسوق النفط بأسوأ حالاته، وفي يوم 20 يناير 2016 ، كسر سعر برميل النفط الكويتي حاجز الـ 20 دولارا إلى الأدنى فبلغ نحو 19.14 دولار .

وفي بيان وزير المالية بتاريخ 3يوليو 2016، تم تعديل بعض أرقام الموازنة، أهمها تعديل سعر برميل النفط الكويتي إلى الأعلى، فبعد أن كان 25 دولارا، أصبح 35 دولارا، وعليه انخفض رقم العجز الافتراضي في الموازنة إلى 9.5 مليار دينار بدلاً من 12.2 مليار دينار في تقديرات يناير الفائت.
 
وانخفاض الرقم الافتراضي لعجز الموازنة للسنة المالية الحالية بنحو 22 %، جاء بسبب ارتفاع تقدير سعر برميل النفط فيها -من 25 إلى 35 دولارا - أي بنحو 40 %، وتغيير سعر برميل النفط الافتراضي أمر لا علاقة له بسياسات الترشيد والإصلاح.

وظلت جميع العيوب الجوهرية الأخرى في هيكل الموازنة كما كانت في تقديرات شهر يناير، ومماثلة لكل موازنات ما قبل انهيار سوق النفط. فالنفقات الجارية ظلت بحدود 82.7 %، والرواتب والأجور وما في حكمها ظلت بحدود 55 %، والدعوم انخفضت إلى حدود 15 % بسبب انخفاض أسعار النفط وسوف ترتفع بارتفاعه.
 
وحتى ما ذكره بيان يناير عن ارتفاع مصروفات الشق الاستثماري في الموازنة بنحو 3 % أو نحو 90 مليون دينار كويتي. وبأن ذلك يعود إلى سعي الحكومة لتنفيذ المشاريع الإستراتيجية والتنموية الحيوية المدرجة بخطة التنمية، أمر هامشي ولا علاقة له بالتنمية.

فتلك المشروعات غير مستدامة، ولم ترتبط بفرص العمل المواطنة والمستدامة التي تخلقها، ولم ترتبط بأي من أهداف التنمية الأخرى المعلنة، وهي ردم الفجوات الهيكلية، أو التخديم على التحول إلى مركز مالي وتجاري، والواقع أنها قد تعمل على توسعة الفجوات الهيكلية.

لقد قاربت السنة الثانية منذ انهيار أسعار النفط على الانتهاء، وقدم لنا الحساب الختامي للسنة المالية الفائتة أول عجز مالي حقيقي منذ 16 سنة مالية، وفيه مؤشر في غاية الخطورة على بدء حقبة طويلة لسنوات عجز صعبة، وقدمت وزارة المالية تشخيص صحيح لها.
 
وفي العلاج، تشير كل المؤشرات إلى استمرار سياسات حقبة رواج سوق النفط في سنوات انهياره، وموازنتي 2015/2016 و2016/2017 يقدمان مؤشرين على غياب كلي للتفاعل مع حقبة مختلفة تماماً.

وكما لم ينفع التحذير حول نهاية حتمية لحقبة رواج سوق النفط، يبدو أنه لن ينفع في حقبة انهياره، فالحديث عن إصلاح تكذبه الأرقام الرسمية، ولن يقود سوى إلى حقبة لن يكون فيها الإصلاح الحقيقي ممكن.

© Al-Seyassah 2016