حلقة جديدة من سلسلة مآسي ملاعب كرة القدم دارت في مدينة مالانج بإندونيسيا في الأول من أكتوبر الجاري، حين قُتل 131 شخص في حادث تدافع بملعب كانجوروهان عقب نهاية مباراة فريقي أريما وبيرسبايا سورابايا المحليين في الدوري الإندونيسي، بعدما قامت قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المدرجات في محاولة لفض أحداث شغب، مما أدى لحالة تدافع جماهيري سقط على إثرها 130 قتيل في واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ كرة القدم. 

وبعد أسبوعين من الحادث، أعلن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو عن هدم ملعب الكارثة كانجوروهان وإعادة تشييده من جديد وفقاً لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لضمان سلامة اللاعبين والمشجعين. أتى ذلك بعدما التقى ويدودو برئيس الفيفا جياني انفانتينو، الذي زار إندونيسيا لتقديم العزاء لرئيس البلاد، والتأكيد على استضافة إندونيسيا لبطولة كأس العالم تحت 20 سنة 2023، بعدما ترددت تقارير عن سحب الفيفا تنظيم البطولة من إندونيسيا على خلفية الحادث. 

التحقيقات أثبتت أن البوابات الخاصة بملعب كانجوروهان الذي يتسع لـ 42 ألف متفرج وتم افتتاحه عام 2004 تزامناً مع استضافة إندونيسيا لبطولة كأس الأمم الآسيوية كانت تتسع لخروح فردين فقط في وقت واحد، كما أن بعضها كان مغلق عندما وقع التدافع مما ساهم في زيادة أعداد الضحايا التي بلغت 131 قتيل من بينهم ما لا يقل عن 40 طفل. 

وقالت التحقيقات أن هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا الأمر منها الإطلاق المبالغ فيه لقنابل الغاز، وامتلاء المدرجات بأعداد أكبر من سعة الملعب، وإصرار مسؤولي الدوري الإندونيسي على إقامة المباراة ليلاً لضمان عوائد بث أعلى رغم طلب الشرطة إقامتها ظهراً لأسباب أمنية بسبب أهمية المباراة والمنافسة بين الفريقين. وطالبت سلطات التحقيق رئيس الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم بالاستقالة. 

الرواية الرسمية للشرطة قالت إن أحداث شغب اندلعت بسبب محاولة جماهير فريق أريما الهجوم على لاعبيه بعد خسارتهم المباراة، وأن هذه الأحداث تسببت في مقتل شرطيين مما دفع الشرطة لإطلاق الغاز المسيل للدموع، إلا أن التقارير الرسمية أدانت الشرطة باستخدام العنف المفرط في محاولة لإخراج الجماهير بالقوة مما أدى للتدافع والاختناق. وتم إقالة مدير الشرطة في مالانج مع إيقاف تسعة ضباط والتحقيق مع 19 آخرين، وينتظر أن تنتهي التحقيقات في غضون ثلاثة أسابيع بحسب السلطات المحلية. 

زيارة رئيس الفيفا لإندونيسيا، ومن ثم مشاركته في مباراة استعراضية برفقة رئيس البلاد بعد أسبوعين من الكارثة نالت العديد من الانتقادات داخل وخارج إندونيسيا بسبب ما سموه بالموقف المتخاذل للجهة الحاكمة لكرة القدم في العالم، خاصة وأن لوائح الفيفا تنص بوضوح على أن "استخدام الأسلحة أو قنابل الغاز غير مسموح به في أي ملعب لكرة القدم". 

إلا أن تأكيدات انفانتينو على إقامة البطولة في إندونيسيا بصورة طبيعية، مع إشراف الفيفا بصورة أكبر على تطوير الملاعب وإعادة تهيئتها لتوافق معايير الاتحاد الدولي أسالت الكثير من الحبر حول إصرار الفيفا على إقامة البطولة بالرغم من الكارثة التي تعتبر ثاني أسوأ واقعة من حيث عدد الضحايا في تاريخ كرة القدم. وارتبط الأمر بالحديث حول انتخابات رئاسة الفيفا المقررة في مارس المقبل، أي قبل أقل من شهرين من موعد البطولة، ورغبة انفانتينو في الاحتفاظ بدعم أصدقائه في القارة الآسيوية من جهة، وعدم رغبته في تكبيد الفيفا أو إندونيسيا خسائر اقتصادية من جهة أخرى، خاصة وأن البطولة في الأساس كانت مقررة في عام 2021 قبل أن يتم إلغائها بسبب جائحة كورونا، ثم أعيد تكليف إندونيسيا بتنظيمها مجدداً في نسخة 2023. 

كارثة مالانج أصبحت ثاني أسوأ حادث في ملاعب كرة القدم في التاريخ. القائمة السوداء لأسوأ عشر حوادث في ملاعب الكرة من حيث عدد الضحايا نستعرضها فيما يلي: 

 

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)