يبدو كدهر لبعض الدول - الغزو الروسي الأوكراني - والذي مر عليه  نحو شهر وأسبوع فقط إلى الآن ومع ذلك أحدث تقلبات وأضرار اقتصادية عاصفة تركت كثير من عواصم العالم من إفريقيا لأوروبا في وضع صعب قد يتأزم أكثر إذا استمرت الأزمة لوقت طويل.
 
ولكن الوضع يبدو مختلف في دبي. 
 
فبعكس دول أخرى، لم تشارك دبي في فرض عقوبات كبيرة على روسيا فيما يتعلق بالسفر أو تحويل الأموال، الأمر الذي جعل الإمارة وجهة لأعداد كبيرة من الروسيين خلال الأسابيع الماضية، وفقا لتقارير إعلامية وعاملين في مجال العقارات.

وأكتفت دبي بقرارات لبعض المؤسسات مثل بنك المشرق الإماراتي الذي أوقف إقراض البنوك الروسية بسبب المخاطر التي جلبتها العقوبات الغربية على موسكو. 

وبحسب المحللين الذين تحدثنا معهم، السبب يعود ل8 حروف: العقارات

"زيادة واضحة"

بحسب شاجاي جاكوب، المدير التنفيذي لدول مجلس التعاون الخليجي في مجموعة ANAROCK للاستشارات العقارية الهندية، والتي تعمل في الأسواق الكبرى في الخليج،  هناك "زيادة واضحة في المبيعات لعملاء من روسيا وأوكرانيا".

وأضاف أن "الطلب في الوقت الحالي أكثر وضوحا على العقارات الفارهة،" بدون ذكر نسب الزيادة.
 
وذكرت صحيفة كوميرسانت الروسية الجمعة الماضية عن مجموعة Golden Brown Group العقارية أن الطلب من الروسيين على العقارات في دبي زاد بنسبة 40% على أساس شهري خلال شهر مارس.

ومن المناطق التي يستهدفها الروس في دبي هي جزر الجميرا الشهيرة بالعقارات الفاخرة. ومن ضمن المهتمين بشراء منازل هناك رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي الإنجليزي، وفقا لبلومبرج والتي نقلت تقرير الصحيفة الروسية أيضا.

ونقلت رويترز عن عاملين بقطاع العقارات في دبي أن معظم الطلب الإضافي توجه نحو العقارات التي يبلغ ثمنها 750,000 درهم (205,000 دولار)، وهو الحد الادنى لحصول المشترين على فيزا للإقامة في دبي.

الأسعار 
 

وفقا لمصادر تحدثت بشكل شخصي، زادت أسعار إيجارات عقارات دبي أيضا بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

وعقب جاكوب قائلا "قاطني البيوت في دبي من أكثر من 200 دولة، فلو حدثت أي اضطرابات في أي مكان في العالم سيكون هناك ارتفاع في الإيجارات والطلب على البيع". 
 
و قبل اندلاع الحرب، كانت روسيا أحد الدول التي تأتي منها أكبر أعداد من المستثمرين الأجانب في قطاع العقارات في دبي بجانب الهند وبريطانيا والصين وفرنسا وباكستان وإيران وكندا والسعودية، بحسب لينيت ساكيتو، مديرة البحوث والبيانات بشركة Property Finder نقلا عن دائرة الأراضي والأملاك التابعة لحكومة دبي.
 
وقال جاكوب "لو استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا سيكون هناك العديد من الناس يسافرون من البلدين" الي دبي.
 
وأضاف أن معدلات الإيجارات عادت لما كانت عليه قبل الجائحة في الوقت الحالي، مضيفا أن لا يزال هناك مجال لزيادتها بنسبة 10%.
 
وكانت الجائحة في 2020 أدت إلى مغادرة الكثير من الأجانب، وهم الجزء الأكبر من العمالة في دبي حيث يمثلون أكثر من 80% من سكان الإمارة، مما انعكس بالسلب على معدلات التوظيف و الطلب على الشقق المعروضة للإيجار.
 
طريق القطاع نحو التعافي
 
يوضح فيصل دوراني، رئيس أبحاث الشرق الأوسط لدى Knight Frank وهي شركة استشارات عقارية مقرها لندن، أن المنازل الكبيرة ذات الرفاهية العالية كانت هي صاحبة النصيب الأكبر من التعافي، وذلك لتفضيل العديد من شرائح المشترين القادرة السكن في منازل ذات مساحات واسعة ووسائل ترفيه أكثر. وبدأ هذا الاتجاه منذ الاغلاقات الاحترازية في عام 2020.
 
وقال دوراني لموقع زاوية عربي "إيجارات الفيلات على سبيل المثال ارتفعت بنسبة 21.7% (على أساس سنوي) العام الماضي. زادت إيجارات الشقق فقط بنسبة 6.3% العام الماضي بعد أن كانت انخفضت 7% مع بداية الجائحة."
 
وكان الاكسبو الذي بدأ في أكتوبر وسيستمر حتى نهاية مارس قد ساهم في إنعاش السوق العقاري في دبي، بالإضافة إلى التعامل الصارم والسريع للحد من انتشار فيروس كورونا عن طريق فرض إجراءات وقائية وإطلاق حملة تطعيمات موسعة.
 
ويقول دوراني إن "النجم الحقيقي" لسوق العقارات السكني بدبي هي فئة الوحدات ذات الرفاهية في جزيرة خليج الجميرا وتلال الإمارات ونخلة جميرا، وفئة الوحدات ذات الرفاهية الفائقة، والتي يزيد سعرها عن 10 مليون دولار. 
 
وأضاف أن معدل الطلب من أصحاب الثروات الفائقة على تلك الفئتين كبير جدا، وهو ما أدى إلى زيادات ضخمة في الأسعار.
 
وأوضح دوراني أن "سعر فئة الوحدات ذات الرفاهية زادت بنسبة 50% (على أساس سنوي) العام الماضي، مقارنة بزيادة تبلغ 9.2% للسوق التقليدي".


#تحليلسريع


(إعداد: شريف طارق، تحرير: ياسمين صالح، للتواصل:yasmine.saleh@lseg.com )