في أحدث توقعاته الإقليمية خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للتعافي الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى- التي تتضمن جميع الدول العربية - حيث تضررت المنطقة من جائحة فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط،  وتوقع انكماش بنسبة 4.1% للمنطقة ككل.    

والسبب واضح، فقد أدت الصدمتان إلى تراجع حاد في النشاط الاقتصادي والى تفاوت كبير في الخسائر الاقتصادية بين الدول المستوردة والمصدرة للنفط حيث يتوقع الصندوق انكماش بنسبة 6.6% للدول المصدرة للنفط في مقابل انكماش بنسبة 1%  كمعدل لجميع الدول المستوردة.   

دول مجلس التعاون الخليجي 

 بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي  لدول مجلس التعاون الخليجي 4.7% من عام 2000 إلى عام 2016، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي.

لكن من المتوقع الآن أن تشهد دول الخليج المعتمدة على النفط انكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6% هذا العام، حيث تشكل القطاعات غير النفطية 5.7% من تلك الخسارة.  

وقد اختلف الأداء بين دولة وأخرى، كل بحسب ظروفها الخاصة واساسيات الاقتصاد القومي وتنوعه، وطريقة مواجهة جائحة كورونا، وفيما يلي نظرة سريعة على الأداء الفردي لدول مجلس التعاون، بحسب إحصاءات وتوقعات البنك الدولي.   

سلطنة عُمان: من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بشكل حاد بأكثر من 9% في عام 2020 ، بسبب انخفاض الطلب العالمي على النفط والوباء الذي اضر القطاع غير النفطي.  يواجه الاقتصاد غير النفطي أيضًا ضغوطات كبيرة وسط القيود المستمرة، خاصة  قطاعي السياحة والفنادق من بين الأكثر تضررًا. وتوقع البنك  أن يرتفع النمو في عمان تدريجيًا إلى متوسط 4%ما بين عامي 2021 و 2022 اذا ما تحسنت الظروف.   

البحرين: يتوقع البنك الدولي أن ينكمش اقتصاد البحرين 5% في عام 2020 بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية وانتشار جائحة كورونا، و من المتوقع أن يرتفع العجز المالي والخارجي بشكل حاد في 2020، مما قد يعكس التحسن الخفيف الذي لوحظ في عام 2019.  

الكويت: عانى الأداء في عام 2020 ومن المتوقع الآن أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في الكويت بنسبة 7.9% حيث تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بفعل إجراءات الصحة العامة المطولة وإجراءات التخفيف المالية.  تراجعت عائدات النفط في الكويت بنسبة 16.6% على خلفية انخفاض أسعار النفط بنسبة 10.3% وانخفاض إنتاج النفط بنسبة 2.2% بحسب البنك الدولي.  كما انخفضت الإيرادات غير النفطية أيضًا بسبب ضعف النشاط الاقتصادي.  

قطر: من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لقطر بنسبة 2% في عام 2020 والذي تم تخفيفه من خلال الإنفاق على البنية التحتية قبل كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 ، والتوسع المستمر في سعة الغاز الطبيعي المسال، والتكيف المالي.  من المتوقع أن تدعم الخطوات المتخذة لتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى الدفعة الأخيرة قبل كأس العالم، النمو في قطر على المدى المتوسط.  

الإمارات العربية المتحدة: من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2020 بسبب كورونا وانخفاض إنتاج النفط.  اعتمادًا على سرعة التعافي العالمي ، من المتوقع أن يصل النمو إلى 2.5% بحلول عام 2022، مدعومًا بخطط التعافي الحكومية ، وارتفاع عائدات النفط ، وتعزيز من معرض دبي إكسبو 2021.  

المملكة العربية السعودية:  يتوقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 5.4% عام 2020 حيث يؤثر فيروس كورونا وانخفاض مستويات إنتاج النفط وأسعاره بشدة على الاقتصاد السعودي على الرغم من تدابير التخفيف المالية والنقدية الكبيرة.  ويبدو التعافي في الأفق على المدى المتوسط الذي يعتمد على انتعاش الاقتصاد العالمي واحتواء الوباء في نهاية المطاف.  

2021  وآمال التعافي   

ستكون أسعار النفط أهم عامل في تعافي البلدان المصدرة للنفط ، لا سيما دول مثل السعودية والعراق والإمارات والبحرين والكويت ، حيث تشكل الصادرات النفطية غالبية الإيرادات. 

ففي حين تعافت الأسعار من انخفاضها التاريخي في مارس من هذا العام ، لا يزال خام برنت القياسي الدولي تحت مستويات ما قبل الوباء بنحو 40% .   

ولا يرى صندوق النقد الدولي أن أسعار النفط  سوف تتعافي في أي وقت قريب ، وتوقع الأسعار في نطاق 40 دولار إلى 50 دولار في عام 2021. ولا يزال هذا هو نصف رقم 80 دولار للبرميل الذي تحتاجه المملكة العربية السعودية ، كبرى دول أوبك ، لموازنة ميزانيتها ، وفقًا لصندوق النقد.  

ولا تزال توقعات الطلب على النفط قاتمة وسط موجات جديدة من انتشار فيروس كورونا في مناطق العالم وعدم اليقين بشأن التحفيز المالي الأمريكي وكانت منظمة أوبك  قد قلصت نظرتها للطلب العالمي على النفط، وحذرت من أن المخاطر لا تزال "مرتفعة وتميل إلى الاتجاه الهبوطي".  

لدينا الآن وضع يتضح فيه أن تنويع الاقتصاد هو أفضل طريقة للخروج من هذه الأزمة. 

سيكون التنويع تحدي  كبير خاصة مع معاناة بعض القطاعات غير النفطية الأكثر حيوية في المنطقة مثل: السياحة والنقل والتجزئة والعقارات. 

لكن على دول مجلس التعاون ان تحسم امرها سريعا، اما تنوع الاقتصاد او الاستمرار في الأزمة .  

  

(إعداد: محمد طربيه، محلل اقتصادي بزاوية عربي وأستاذ محاضر ورئيس قسم العلوم المالية والاقتصادية في جامعة رفيق الحريري بلبنان)

(للتواصل: ياسمين صالح، yasmine.saleh@refinitiv.com)

  

© ZAWYA 2020

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام