PHOTO
21 01 2016
يواجه العديد من مُنتجي المواد البتروكيماوية في منطقة الخليج العربي حالة من الارتياب والقلق وسط استمرار موجة انخفاض أسعار النفط، ما يعني تباطؤ معدلات الطلب في بعض الأسواق المُصدّرة وارتفاع تكاليف الإنتاج تزامنًا مع خفض الحكومات الإقليمية للدعم الموجّه للطاقة.
وقد شهدت العديد من الشركات الخليجية لإنتاج المواد البتروكيماوية تراجعًا في هوامش أرباحها بسبب انخفاض أسعار منتجاتها لتدني أسعار النفط، حتى أن معظم المنتجات البتروكيماوية سجّلت انخفاضًا في أسعارها بنسبة 20 - 40 بالمائة على مدار العام الماضي.
وأعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، إحدى أكبر المجموعات المنتجة للبتروكيماويات، يوم الأحد انخفاض صافي أرباحها بنسبة 29.4 بالمائة خلال الربع الأخير من العام الماضي، فيما سجّلت شركة الأسمدة العربية السعودية (سافكو) انخفاضًا في صافي أرباحها بنسبة 51 بالمائة في الفترة نفسها مقارنةً بالعام الماضي.
الجدير بالذكر أن الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط أدى إلى إلغاء عدد من المشاريع البتروكيماوية الضخمة وإعادة هيكلة بعض الشركات الإقليمية.
وبحسب تقرير ماكنزي آند كو، "فالعديد من الحقائق التي تتحكم في سوق البتروكيماويات في الشرق الأوسط على مدار ربع القرن الماضي لم تعد قائمة؛ فمثلا، يُعلِّل انخفاض أسعار الغاز حزمة الاستثمارات الجديدة التي شهدها السوق. فخلال الاثنى عشر شهرًا الماضية، كانت عواقب انخفاض أسعار النفط أكبر تفاقمًا من التحديات الحالية؛ إذ أتت بـ "عصر جديد."
وقد استفادتْ الشركات الخليجية المنتجة بميزة التكلفة مقارنةً بالشركات العالمية المنافسة بفضل دعم الطاقة والوقود ما ساهم في حدوث وفرة في الإنتاج بالمنطقة وصل إلى 136.2 مليون طن عام 2015 مقارنةً بـ 53.4 مليون طن منذ عقد مضى. وبلغ معدل النمو السنوي التراكمي لقطاع البتروكيماويات نسبة 10 بالمائة فقط، ليحتل بذلك المرتبة الثانية بعد الصين التي شهدت معدل نمو بنسبة 13 بالمائة خلال نفس الفترة.
ومع ذلك، فقد اتجهت حكومات الخليج إلى خفض دعم الطاقة لتناول مشكلة تقلص عوائد الصادرات النفطية وخفض قيم عجز الموازنة. ومن المقرر أن تؤدي سلسلة الإصلاحات الاقتصادية إلى زيادة التكاليف الإنتاجية للمواد البتروكيماوية وذلك بحسب كميات الغاز الطبيعي والبروبان والبيوتان في حصتها من الوقود الأولي.
تقلّص هوامش الأرباح
ذكرت "الجزيرة كابيتال" في تقريرٍ لها، أن حكومة السعودية رفعت أسعار الغاز الطبيعي بعد أن كانت القيمة السعرية المدعومة الثابتة 0.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لتقفز إلى 1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية و1.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من غاز الإيثان.
وفي تقرير لها في ديسمبر، أشارتْ إلى أنه "بسبب هذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط مقارنةً بالعام الماضي، إلى جانب قرار حكومة السعودية بزيادة أسعار المواد الأولية المدعومة، قد تكون الشركات العاملة في قطاع البتروكيماويات السعودية التي تعتمد بكثرة على المواد الأولية من الإيثان هي الأكثر تضررًا في هوامش أرباحها."
ووفقًا لرويترز، فقد أعلنتْ الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) أنها قد تشهد زيادة في تكلفتها التشغيلية إثر تخفيض الدعم الحكومي للمواد الأولية من الغاز الطبيعي وزيادة رسوم الكهرباء.
وأوضحت شركة السعودي الفرنسي كابيتال أنها تتوقع أن تُحقق أكبر عشر شركات سعودية في قطاع البتروكيماويات جميعها انخفاضًا بنسبة 14 بالمائة في صافي أرباحها خلال الربع الأخير من العام الماضي لتصل قيمة الخسائر الإجمالية إلى 5 مليار ريال سعودي مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي.
وفي تقرير لشركة السعودي الفرنسي كابيتال، ذكرت أنه "في ضوء البيئة السعرية التقلب للأسعار وعدم الاستقرار المتوقّع في مستويات الأرباح، يُتوقع أن تتفاقم تلك النتائج إلى الحد الذي تغلق معه هذه المصانع في حالات المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي (SIIG) والشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات (سبكيم) وشركة كيمائيات الميثانول (كيمانول)".
وخلال العام الماضي، أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عن خُطط لبناء مجمع لإنتاج مادة الأكريلونتريل في الجبيل، في حين ذكرتْ شركتي «قطر» و«رويال داتش شل» أنهما لن تُتابعا أنشطتهما في مشروع "مجمع الكرعانة للبتروكيماويات" والذي يتوقع أن تصل تكلفته قيمة 6.4 مليار دولار. كما أوقفت «قطر» من أعمالها في مشروع "مجمع السجيل للبتروكيماويات" والمتوقع أن تبلغ تكلفته قيمة 6 مليار دولار.
ميزة تنافسية بين الأسواق الأخرى
ذكر بنك جي بي مورجان تشايس أنه بالرغم من الزيادة في تكاليف المواد الأولية، لا تزال الشركات السعودية العاملة في قطاع البتروكيماويات تتمتع بميزة تنافسية. ووفقًا لما نراه، فإنه لا يزال قطاع البتروكيماويات السعودي يتمتع بأدنى المعدلات في منحنى التكلفة، إلى جانب أنه لا تزال الميزة التنافسية لهذا القطاع في وضع جيد."
ويرى الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) أن مُنتجي الخليج سيتأثرون حتمًا بمعدلات الطلب المتباطئة من الصين، والتي تحتل نحو نسبة 20 بالمئة من الصادرات الكيماوية الخليجية بكمية 67.2 مليون طن عام2014.
وقال عبد الوهاب السعدون، الأمين العام للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا)، في تصريحاته المنشورة مؤخرًا، أنه "تشهد الصين زيادة في معدلات اكتفائها الذاتي من بعض منتجات البتروكيماويات والبوليمرات."
وتابع السعدون، "ولكن رُغم هذه التحديات، تابع مُصدّرو الخليج (دول مجلس التعاون الخليجي) أداءاهم الجيد وسوف تكون هناك فرصة جيدة لصادرات قطاع البتروكيماويات إلى الصين على المدى الطويل"، مُضيفًا أنه كان من المتوقع أن يصل حجم الإنتاج الصيني من البروبيلين 24 مليون طن في مقابل استهلاك 28 مليون طن بحلول عام 2020.
ومن المتوقع زيادة معدلات الطلب العالمي على المنتجات البتروكيماوية بمعدل سنوي يبلغ 4 بالمائة على مدار العشرة أعوام التالية، مع احتلال الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)وبخاصة الصين والهند، ثُلثي معدلات الطلب.
غير أنه سُرعان ما تُحاول الأسواق التصديرية لدول الخليج تحقيق اكتفائها الذاتي، في ضوء التوقعات التي تُفيد بأنه قد تفي الصين بإنتاج نحو 90 بالمائة من معدلات طلباتها من المنتجات البتروكيماوية. هذا إلى جانب ظهور بعض المنافسين الآخرين على الساحة، بفضل التقنيات المتقدمة التي ساعدت على استغلال احتياطيات النفط الصخري والغاز الطبيعي في مختلف أنحاء العالم.
كما تُعاني الشركات الخليجية المنتجة للبتروكيماويات انخفاضًا في مستويات فعالية الأجهزة والمعدات وإساءة استخدام الموارد وتأخير تسليم المشاريع. وتعتبر التكاليف التشغيلية للشركات الخليجية أعلى من نظيرتها لدى الشركات الصينية بنسبة تتراوح من 30 إلى 40 بالمائة ومن الشركات الأمريكية بنسبة تصل إلى 10 بالمائة.
هذا وقد أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) في أكتوبر أنها أعادت هيكلة الشركة لتصبح مؤسسة أكثر "نشاطًا وفعّالة التكافة" تُركّز على الابتكار التكنولوجي. ومن المقرر أن تنفصل وحدة إنتاج المواد البلاستيكية بالشركة وإعادة دمجها في أقسام أخرى.
وفي بيان لها، ذكرتْ الشركة أنه "من المقرر أن يعتمد مستقبل هذه الشركة اعتمادًا كبيرًا على الابتكارات الخاصة بالتقنيات المتقدمة للمواد الأولية." وتواجه المنتجات الخاصة سلسلة من التحديات التكنولوجية، والتي تتضمن السعي لاستغلال التكنولوجيا وتوقيع الشراكات أو تكوين الشركات المشتركة التي يُمكن أن تزيد من ثِقل الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك).
وذكرت ماكنزي في تقريرها أنه يُمكن تحقيق قيمة مُضافة من خلال تحقيق معدلات تكامل أعلى إلى جانب عمليات التكرير. وتابعت ماكنزي، أنه "يمكن أن تساعد القرارات المُطلعة، مدعومةً بالإجراءات السليمة في الحفاظ على نمو مُستدام في الصناعة الإقليمية في مستوى تنافسيتها العالمية على مدار ربع القرن القادم."
© حَررَ هذا المقال موقع frontiernations.com حصريًا لموقع Zawya.com
© Zawya 2016








