قال محللون سياسيون إن استقالة وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، يوم الجمعة الماضي، ساهمت في حلحلة الأزمة مع السعودية، لكن من المبكر القول إن الأزمة قد انتهت.

وفي استجابة لاستقالة قرداحي، وبرعاية فرنسية، أجريت مكالمة هاتفية ثلاثية يوم السبت، جمعت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أعقبها بيانات رسمية عن الاتجاه نحو التهدئة.

وكتب ماكرون على تويتر: "مع المملكة العربية السعودية، قطعنا التزامات تجاه لبنان: العمل معا، ودعم الإصلاحات، وتمكين البلد من الخروج من الأزمة والحفاظ على سيادته".

وعقب الاتصال، قال ميقاتي إنها "خطوة مهمة" باتجاه عودة العلاقات اللبنانية السعودية، كما أن الخارجية السعودية قالت إنه جرى الاتفاق بين الدول الثلاث على دعم أمن لبنان واستقراره.

وتواجه حكومة نجيب ميقاتي، التي تشكلت في سبتمبر الماضي بعد نحو عام من التفكك السياسي، تحديات اقتصادية كبيرة، مع انهيار العملة وارتفاع التضخم، ونقص الوقود.

غضب المملكة

أثيرت أزمة دبلوماسية بين السعودية ولبنان، في أكتوبر الماضي، بعد إذاعة تصريحات قديمة أدلى بها وزير الإعلام اللبناني المستقيل، في أحد برامج قناة الجزيرة، ينتقد فيها حرب اليمن.

وقال قرداحي في هذه التصريحات إن "الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف"، كما دافع عن جماعة الحوثيين، بأنهم يدافعون عن أنفسهم.

أثارت هذه التصريحات غضب السعودية التي تدعم ما تسميه "الشرعية" في اليمن، ضد جماعة الحوثي، المدعومة من إيران وحزب الله اللبناني.

ونتيجة لذلك، استدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبناني في الرياض وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات قرداحي التي وصفتها بـ "المسيئة" تجاه المملكة ودول "تحالف دعم الشرعية في اليمن".

كما رفض مجلس التعاون الخليجي تصريحات قرداحي "جملة وتفصيلا" وقال إنها "تعكس فهم قاصر وقراءة سطحية للأحداث"، وطالب المجلس الدولة اللبنانية بتوضيح موقفها.

وقررت حكومة المملكة، في 29 أكتوبر الماضي، استدعاء سفيرها لدى لبنان للتشاور، ومغادرة سفير لبنان لدى السعودية خلال 48 ساعة، ووقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة.

في محاولة التخفيف من حدة الأزمة، قالت وزارة الخارجية اللبنانية، إن تصريحات قرداحي "شخصية" وصدرت عنه قبل تعيينه في منصبه الوزاري، وأن هذا "لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية، ولا بيانها الوزاري الذي يتمسك بروابط الأخوة مع الأشقاء العرب".

كما قال ميقاتي، إن تصريحات قرداحي: "كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا، خاصة فيما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب وتحديداً الأشقاء في السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي".

وبعد تمسكه برفض الاستقالة لأكثر من شهر، أعلن قرداحي استقالته الجمعة الماضي 3 ديسمبر 2021.

هل انتهت الأزمة؟

برغم البيانات المتفائلة التي صدرت عقب المكالمة الهاتفية التي رعتها فرنسا، لكن هناك العديد من الملفات التي لم تحسم بعد، وعلى رأسها "فرض إرادة حزب الله على لبنان"، بحسب ما قاله المحلل السياسي السعودي أحمد الركبان.

قال الركبان، في تصريحات عبر الهاتف لـ "زاوية عربي": إن "ما يهم السعودية هو الشعب اللبناني واستقرار لبنان أمنيا وسياسيا".

وأضاف: "مبادرة الرئيس الفرنسي، وضعت النقاط على الحروف، ومن أهمها موقف حزب الله، والذي يشكل خطر على الخليج باعتباره ذراع طهران، أعتقد أن حل الأزمة لن يتم بشكل كامل إلا بهذا الشرط".

وقال طارق فهمي، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات السياسية في جامعة القاهرة، في تصريحات لزاوية عربي، إنه من المبكر الحديث عن انتهاء الأزمة باستقالة وزير الإعلام.

وأضاف: "المشكلة الأساسية تتعلق بحزب الله، وتباين مواقف الرئاسات الثلاث في لبنان حول موقفها من أزمة قرداحي، وهذا التباين قد يهدم الحكومة كلها، ويجري تغييرها جذريا.. الاستقالة قد تكون بداية الأزمة خاصة مع استمرار الدعم الطائفي بين إيران وحزب الله".

ويشير مصطلح الرئاسات الثلاث، إلى رئيس الجمهورية الذي يختار من الطائفة المسيحية المارونية، ورئيس مجلس النواب من الطائفة الشيعية، ورئيس الوزراء من السنة.

وقال فهمي إن دعم الخليج للبنان، "سيكون عملية مشروطة وستأخذ بعض الوقت".

(شيماء حفظي، صحفية متخصصة في الشأن الاقتصادي، وتركز بشكل أساسي على القصص التحليلية، وهي محررة في موقع مصراوي المصري)

(تحرير: عبدالقادر رمضان. للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com)

سجل الآن ليصلك تقريرنا اليومي الذي يتضمن مجموعة من أهم الأخبار لتبدأ بها يومك كل صباح

#تحليل سريع

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام