استأنفت إيران مباحثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا يوم الاثنين لمحاولة إعادة الحياة للاتفاق النووي المبرم في 2015.

والمباحثات هذه مستمرة منذ عدة أشهر وكثرت خلال العام التصريحات بكل أنواعها - المتفائلة منها والمتشائمة - بشأن الوصول لاتفاق. ولكن بغض النظر عن النتيجة التي قد نعرفها في  المستقبل القريب - أو بعد عدة أشهر - السؤال المهم هو:

ما تبعات الاتفاق من عدمه على إيران والدول المجاورة اقتصادياً وسياسياً بعد تركيز إيران في الجولة الجديدة على وثيقة جديدة تهدف الى تخفيف العقوبات؟

خلفية سريعة

في أبريل من هذا العام، بدأت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة  والمباشرة مع مجموعة من الدول الأوروبية + الصين وروسيا لكنها توقفت في يونيو بعد انتخابات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتستأنف من جديد في أواخر نوفمبر وتنتهي مطلع ديسمبر  بدون أي تطورات ايجابية. ولكنها عادت لتستأنف في جولة ثامنة هذا الأسبوع والأخيرة لهذا العام.

وفي الأسبوع الماضي قال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي إن المحادثات بين إيران والقوى العالمية قد تستنفد في غضون أسابيع أما انريكي مورا منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية مع إيران فقال  "اذا عملنا جاهدين في الايام والاسابيع المقبلة قد نحصل على نتيجة ايجابية،" بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مورا بعد انطلاق المحادثات عشية يوم الاثنين بين إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي. 

ماذا سيتضمن الاتفاق المحتمل وماذا سيحدث اذا لم يحصل؟

أشار روبن ميلز وهو الرئيس التنفيذي لشركة "قمر إنرجي" للاستشارات ومقرها دبي في تصريحات لزاوية عربي إلى احتمال ابرام اتفاق مؤقت يشمل فرض بعض القيود على أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف محدود للعقوبات وهو ما حدث في الاتفاق المعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الخطة) عام 2015 مع مجموعة 5+1 (بريطانيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا) قبل انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق من جانب واحد واعادة فرض عقوبات على عدة قطاعات من بينها النفط الذي كان يشكل جزء مهم من إيرادات إيران.

"لن تقبل إيران باتفاق يفرض عليها شروط أكبر مقابل تخفيف العقوبات لا سيما عندما تشمل هذه الشروط الإضافية مسائل تتعلق بأنشطتها غير النووية. يجب ان يحصل اتفاق في العام 2022 ربما قبل منتصف العام والا سيصبح البرنامج النووي الإيراني متقدم جدا كما أن انتخابات التجديد النصفي (في أمريكا) تقترب".

وعن تصدير المزيد من النفط كإحدى "كروت" رفع العقوبات، قالت كارول نخلة الرئيسة التنفيذية لشركة "كريستول انرجي" ومقرها لندن "في حال تم رفع العقوبات عن صادرات إيران النفطية علينا ان نتوقع رؤية براميل إضافية من النفط الإيراني في السوق".

وأضافت إنه عندما دخلت الخطة حيز التنفيذ خلال إدارة أوباما في 2016 ارتفعت صادرات إيران بشكل سريع بمقدار 700 ألف برميل في غضون أربعة اشهر وكانت وجهاتها الرئيسية آسيا وأوروبا. وبحلول 2018 وصل انتاج إيران الى مستوياته ما قبل العقوبات. وقد ضخت إيران 2.5 مليون برميل يوميا من النفط قبل ان ينسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق في العام 2018.

 "اليوم في حال أدى الاتفاق المحدود الى تخفيف قصير الأمد وجزئي للحظر، فتشير التوقعات الى إمكانية إيران ان تضيف مليون أو مليون ونصف برميل يوميا من النفط. وفي حال تم التوصل الى حزمة كاملة ترفع فيها العقوبات عن صادرات البترول بالكامل قد يُضخ في السوق ما يصل الى 2.5 مليون برميل يومياً،" بحسب نخلة.

من ناحيته قال فؤاد الزاير وهو محلل نفطي مستقل عمل سابقاً في منظمة أوبك ومنتدى الطاقة العالمي في الرياض: "تتطلع إيران الى تصدير النفط لا سيما وأن عام 2022 سيكون عام انتعاش لسوق النفط ولا ترغب إيران في أن يفوتها القطار والولايات المتحدة تعي ذلك وسيكون هذا الأمر ورقة تستخدمها الولايات المتحدة في المفاوضات."

النفط هو عصب الاقتصاد الإيراني. ما من أرقام رسمية عن صادرات إيران النفطية.  بالرغم من العقوبات المفروضة عليها منذ 3 أعوام ولكنها تعتزم رفع الصادرات بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن وزير النفط الايراني جواد أوجي في سبتمبر. 

وفقاً لتقريرها الشهري الذي نشرته منظمة أوبك هذا الشهر عن مصادر ثانوية شهد انتاج إيران من النفط مستويات مستقرة في الاشهر الثلاثة الماضية الى 2.47 مليون برميل يومياً في نوفمبر. 

ما هي تبعات الاتفاق من عدمه على دول الخليج؟ 

أضافت نخلة أنه في الوقت الراهن تبدو الاجواء غير تصعيدية في الشرق الأوسط على الأقل ظاهرياً. ولكن سيكون من الصعب رؤية دول الخليج ترحب بالاتفاق مع إيران اذا لم تتغير البنود لتتكيف مع مخاوف هذه الدول.

وكانت دول الخليج قد دعت في آخر قمة لمجلس التعاون الخليجي هذا الشهر في الرياض إيران إلى الالتزام بالأفعال لا بالأقوال.

وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في خطاب أمام مجلس الشورى الأربعاء إن السعودية قلقة حول عدم تعاون إيران مع المجتمع الدولي فيما يخص البرنامج النووي ولتطويرها الصواريخ الباليستية و إن المملكة تأمل في أن تغير إيران من سياستها وسلوكها "السلبي" في المنطقة وأن تختار الحوار والتعاون.

هذا وبدأت السعودية وايران محادثات مباشرة هذا العام ووصفت السعودية هذه المحادثات ب"الاستكشافية" بينما زار مستشار الأمن القومي الاماراتي الشيخ طحنون طهران هذا الشهر. 

في حال لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي قال ميلز "على الأرجح، العودة الى تنفيذ أكثر صرامة للعقوبات مع ما يترتب عليه ذلك من تراجع في صادرات ايران النفطية. وسترد إيران بشن هجمات على الشحنات بمستوى نفي منخفض. ولكن اذا تبين ان إيران تقترب من عتبة الحصول على سلاح نووي يحتمل في هذه الحالة حدوث عمل عسكري مع الولايات المتحدة/إسرائيل".

"وقد يتحول إلى صراع إقليمي أوسع".

 

(إعداد ريم شمس الدين، وقد عملت سابقاً في مؤسسات إعلامية شملت سي أن أن بالعربية ووكالة رويترز وداو جونز)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل rim.shamseddine@refinitiv.com)

سجل الآن ليصلك تقريرنا اليومي الذي يتضمن مجموعة من أهم الأخبار لتبدأ بها يومك كل صباح

#تحليلمطول

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام