13 02 2016

 

ثلاثة أيام فقط كانت كفيلة بأن تبرز قطر الصورة الرائعة عن بطولة كأس العالم لكرة القدم المقررة على أرضها في عام 2022.

ولم يكن الحدث الذي نظمته قطر هذه المرة مباراة أو بطولة أو حتى دورة ودية وإنما كانت النسخة ال79 من اجتماعات الجمعية العمومية "كونجرس" للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية أفضل وسيلة ليكشف البلد الخليجي عن آخر التطورات في استعدادات المونديال القطري من ناحية والرد على الاتهامات والانتقادات التي طالته بشأن الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان.

ومرة أخرى، أكد المنظمون في قطر قدرتهم على تنظيم أكبر الأحداث الرياضية وهو ما أكده نحو 400 صحفي وإعلامي توافدوا على الدوحة لتمثيل 107 دول في كونجرس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية على مدار الأيام القليلة الماضية حيث أبدوا انبهارهم بالإمكانيات التي وفرتها قطر ليكون الكونجرس هو الأنجح من بين جميع النسخ التي أقيمت حتى الآن.

واعتبر كثيرون من المشاركين في الكونجرس والذين يمثلون شريحة عريضة من وسائل الإعلام والصحف من جميع أنحاء العالم أن نجاح الكونجرس تنظيميا وكذلك الاستعدادات التي تجرى على قدم وساق في مشروعات المونديال تمثل دليلا مبكرا على أن مونديال 2022 سيكون "أسطوريا".

وإلى جانب حسن الضيافة وتسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية لخدمة هذا الكونجرس، كانت المفاجأة الإنسانية الاجتماعية التي شهدها حفل الافتتاح باستضافة وتكريم اللاجئ السوري أسامة عبد المحسن (أسامة الغضب) ونجله زيد.

وحرصت لجنة الإعلام الرياضي القطري، التي نظمت هذه النسخة من اجتماعات الكونجرس، على استضافة اللاجئ السوري الذي أثار ضجة هائلة على مستوى العالم عندما عرقلته الصحفية المجرية بترا لازلو وأسقطته أرضا خلال محاولته الهروب وطفله من الشرطة المجرية في محاولة للوصول إلى دول اللجوء.

وحظيت استضافة اللاجئ السوري ونجله باهتمام وترحيب بالغ من الحضور الذي اشتمل على مئات الصحفيين من كل أنحاء العالم.. جاءت استضافة عبد المحسن ونجله لتوجيه عدة رسائل منها أهمية الحوار بين الشعوب وبين الشرق والغرب وكذلك التأكيد على حق العيش عند البشر.

كما استغلت لجنة الإعلام الرياضي تواجد هذا العدد الهائل من أعضاء الكونجرس والضيوف والذين فاق عددهم 500 عضو وضيف، ونظمت اللجنة بقيادة الشيخ فيصل بن أحمد آل ثاني رئيس اللجنة وأعضاء اللجنة خالد جاسم ومبارك البوعينين وعبد الله المري ومحمد عبد العزيز السبيعي ومحمد الحنزاب وعبد الله العيدة ومحمد أحمد عواضة، هذه الفرصة ونظمت زيارة للوفود المشاركة والضيوف إلى كل من أكاديمية أسباير للتفوق الرياضي ومؤسسة قطر ومجمع كاتارا.

وتزامنت هذه الزيارة مع اليوم الرياضي لقطر والذي تحصل فيه جميع مؤسسات وهيئات الدولة على إجازة رسمية مدفوعة الأجر.

وأبدى الجميع انبهارهم أيضا بالأنشطة والخدمات التي تقدمها كل من أكاديمية أسباير ومؤسسة قطر ومجمع كتارا الثقافي الترفيهي.كما كانت الإشادة الأكبر بفكرة اليوم الرياضي الذي يمثل عيدا حقيقيا في قطر بعدما شاهدت الوفود خروج أعداد هائلة من القطريين والمقيمين في قطر من مختلف الجنسيات من منازلهم لممارسة الرياضة سواء في المنشآت الرياضية ومنها أسباير ومؤسسة قطر أو في الحدائق والمتنزهات وعلى كورنيش الدوحة.

وقالت الصحفية كريستي كيرسبرج ممثلة استونيا في اجتماعات الكونجرس إن فكرة تخصيص يوم إجازة قومية للرياضة أمر رائع.

وأضافت، إنها لم تشاهد من قبل يوما كهذا تدعم فيه أي دولة الرياضة بين جميع الأفراد المقيمين على أرضها.

وأوضحت أن بلدها يقيم يوما رياضيا لكنه يقتصر على الرياضة المدرسية ولا تحصل فيه الدولة على إجازة قومية، معربة عن أملها في أن تنتقل الفكرة القطرية لبقية بلدان العالم.وفي اليوم التالي، اقتربت فعاليات الكونجرس بشكل كبير من استعدادات المونديال حيث زارت موقعين على درجة عالية من الأهمية.

وكان الموقع الأول هو مدينة العمال التي تم إنشاؤها في مسيمير والتي نالت إعجابا شديدا لدى أعضاء الكونجرس والضيوف لما تتضمنه من منشآت وخدمات مثل المسجد الكبير الذي أصبح ثاني أكبر مسجد في قطر والذي يراعي العدد الهائل من العاملين في المدينة والذي يبلغ عشرات الآلاف من العمال الذين أتوا من بلدان مختلفة مثل الهند وباكستان إضافة إلى إنشاء ملعب كريكيت ضخم يمارس فيه العمال رياضتهم المفضلة.

كما راعى المنظمون في قطر توفير خدمات ومرافق أخرى للعاملين مثل مركز التسوق ودار السينما والمطاعم الخاصة وصالات الجيمنازيوم التي تتواجد في كل بناية كما راعى المنظمون توفير أماكن خاصة للطعام تسع أعداد كبيرة من العمال بخلاف مراعاة النظافة والأمن في كل المباني والمنشآت التي تتواجد في المدينة.وكانت المفاجأة الحقيقية للزائرين من أعضاء الكونجرس والضيوف هي المستوى الرائع للمستشفى الذي يوفر الرعاية الصحية للعاملين في المدينة حيث تتواجد في المستشفى مجموعة من أحدث الأجهزة والأطباء المتميزون.

وحرص أعضاء لجنة الإعلام الرياضي المرافقين للضيوف في هذه الجولة وفي مقدمتهم خالد جاسم وعبد الله المري ومبارك البوعينين على إتاحة الفرصة لأعضاء الكونجرس والضيوف للتحدث إلى بعض العمال المتواجدين في المدينة دون تدخل من الملاحظين أو المراقبين في المدينة العمالية حتى يطمئن أعضاء الكونجرس والوفود على أحوال العمال ومدى ارتياحهم لظروف العمل وكذلك الإقامة.

وبالفعل حظي الضيوف بفرصة كبيرة للتحدث إلى العمال سواء في مدينة العمال أو في الزيارة الأخرى والتي كانت إلى استاد خليفة الدولي أحد الاستادات المقررة لاستضافة فعاليات مونديال 2022 والذي سيكون جاهزا بالفعل خلال الشهور القليلة المقبلة بعدما اقترب فيه العمل من الانتهاء وسيكون جاهزا لاستضافة مباريات كأس الخليج "خليجي 23" في حال اعتذار الكويت مجددا عن عدم استضافة هذه النسخة علما بأن الكويت حصلت على مهلة جديدة حتى يونيو المقبل لتحديد موقفها النهائي.

ومثلما كانت فعاليات الكونجرس وبرنامج الزيارات مبهرة على مدار فترة اجتماعات النسخة 79، جاء حفل الختام على نفس الدرجة من الإبهار وكان طبيعيا أن يقدم أعضاء الكونجرس شكرهم الهائل إلى لجنة الإعلام الرياضي في قطر على التنظيم الجيد والمثير لفعاليات هذه النسخة.

وجاءت كلمات كبار مسؤولي الكونجرس كشهادة اعتراف بالاستعدادات الرائعة للمونديال وكذلك كشهادة نجاح مبكرة للمونديال.

وقال الإيطالي جياني ميرلو رئيس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية :"عندما حضرت لأول مرة إلى قطر (نسخة 2006 من الكونجرس)، كانت نقطة تحول لنا وللاتحاد الدولي، ونحن الآن أمام نقطة تحول أخرى حيث وعدت منذ انتخابي أن أعمل بجد من أجل الارتقاء بالاتحاد، وكانت في الدوحة خلال ثلاثة أيام نقاشات بناءة أهمها متابعة الحديث عن حرية الصحافة والإعراب عن إرادتنا ولولا هذه الإرادة لم يكن يمكننا أن نتقدم".

وأضاف :"ما يدعوني للفخر أننا أجرينا نقاشات مهمة قبل حفل الختام من خلال لقاءات بعض من الصحفيين تناقشوا معا، وكانت النقاشات جيدة لأنها أوضحت العديد من النقاط حول مونديال 2022".

© Al Sharq 2016