30 04 2016

إذا أردت أن تتمتع بصحة ذهنية وبدنية ونفسية أفضل في خريف عمرك وفي شيخوختك، فعليك أن تواظب بانتظام في مراهقتك وشبابك على اللجوء إلى أطباء مختصين للاعتناء بصحة فمك ككل، بما في ذلك الأسنان واللثة... وحتى الحلق.

هذا ما أكدته نتائج دراسة بحثية جديدة نشرتها أخيراً دورية الجمعية الأميركية لطب المسنين، وهي الدراسة التي ركزت تحديداً على الجانب المرتبط بأمراض ومشاكل الفم وانعكاساتها لاحقاً على الصحة الذهنية والعقلية والإدراكية خلال مرحلة الكهولة والشيخوخة.

الدراسة الجديدة أجراها باحثون اختصاصيون أميركيون تحت قيادة الدكتور «باي وو» الأستاذ في كلية التمريض التابعة لجامعة «ديوك» في مدينة دورهام (ولاية نورث كارولاينا)، وهي الدراسة التي أكدت في الوقت ذاته صحة نتائج دراسات مشابهة سابقة ربطت بين مشاكل صحة الفم وبين نشوء أمراض واعتلالات في أعضاء أخرى في الجسم، بما في ذلك دراسة أجرتها عيادة «مايو كلينيك» وخلصت إلى استنتاج بحثي مفاده أن أمراض الفم تسهم في تفاقم إصابات أمراض القلب والأوعية الدموية، إذ إنها تتسبب في نشر أنواع من البكتيريا الضارة إلى شرايين وعضلات القلب.

وقال الدكتور «باي وو» إنه وزملاءه الباحثين انطلقوا من قناعة مفادها أن دراسة تأثير أمراض ومشاكل الفم على الصحة الذهنية تحديداً أصبحت تكتسب أهمية متزايدة في ظل معطيات احصائية عالمية وأميركية تشير إلى تزايد متوسطات أعمار البشر حول العالم، وبالتالي نمو أعداد شريحة المسنين. ويأمل الباحثون أن يتمكنوا في نهاية المطاف من العثور على طريق ارتباطية قد ترشدهم إلى اكتشاف كافة أبعاد العلاقة بين تدهور صحة الفم وتدهور الصحة الذهنية.

ولاحظ الباحثون أن حوالى 36 في المئة من المسنين الأميركيين ممن تزيد أعمارهم على 70 سنة يعانون من إحدى درجات التدهور الذهني أو الإدراكي. كما أن احصائيات الجمعية الأميركية لمرض «الزهايمر» تشير إلى أن هناك ما يقرب من 5.4 أميركي مصابون بذلك المرض الذي يُعتبر الشكل الأكثر شيوعاً على مستوى العالم بين الأمراض التي تشتهر بـ«خرف الشيخوخة».

وبينما يدرك الباحثون جيداً أن احتمالية ودرجة التدهور الذهني تتزايد مع تقدم العمر لاعتبارات كثيرة، فإنهم لاحظوا في الوقت ذاته أيضاً وجود أدلة احصائية ملموسة تشير بوضوح إلى أن مشاكل وأمراض الفم منتشرة بدرجة أكبر بين المسنين المصابين بدرجات حادة من ذلك التدهور، وهو الأمر الذي استخلصوا منه أن مستوى صحة الفم يؤثر بشكل مباشر على الصحة الذهنية والإدراكية، إلى جانب تأثيراته الصحية الأخرى التي أثبتتها دراسات سابقة.

وقد قام فريق الباحثين بمراجعة واستخلاص بيانات احصائية بطرق متنوعة من دراسات نشرت خلال الفترة بين عامي 1993 و 2013. وأسفرت نتائج تحليل تلك البيانات عن ترجيح أن هناك مشاكل وأمراض فم محددة ترتبط طردياً مع مستوى تدهور الحالة الذهنية والإدراكية لدى المسنين، وأن أبرز تلك المشاكل هي: عدد الأسنان التي تم خلعها، وعدد بؤر التسوس في الأسنان المتبقية، وأمراض اللثة.

وقال الدكتور «باي وو» موجزاً نتائج الدراسة: «تشير الأدلة الاكلينيكية إلى أن تواتر مشاكل صحة الفم يزداد بدرجة ملموسة بين الأشخاص المسنين المصابين بتدهور ذهني. لكن بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل أخرى تسهم في ذلك التدهور بما في ذلك سوء التغذية وبعض الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض الأوعية الدموية».

ويخطط الباحثون لإجراء مزيد من الدراسات بهدف الكشف عن مزيد من ابعاد الارتباط بين تدهور صحة الفم تحديداً في مراحل العمر المختلفة وبين تدهور الحالة الذهنية لدى بلوغ سن الشيخوخة.

© Al- Rai 2016