29 07 2016

رحب بإجراءات الرياض لمواجهة هبوط أسعار النفط

  

أكد صندوق النقد الدولي أن رؤية السعودية 2030 تعد تحولا جوهريا في السياسة الاقتصادية للسعودية، مشيرا إلى أن تلك الرؤية ستسهم في تعافي الاقتصاد السعودي خلال العام المقبل 2017.

وأوضح الصندوق خلال اختتام المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 18 تموز (يوليو) الجاري مشاورات المادة الرابعة مع السعودية، أن النمو الإجمالي للناتج المحلي الحقيقي في السعودية سيتباطأ إلى 1.2 في المائة خلال العام الجاري، مشيرا إلى أنه سيتعافى ليسجل 2 في المائة في عام 2017، مع تخفيف وتيرة الضبط الجاري لأوضاع المالية العامة، ثم يستقر عند نحو 2.25 ــ 2.5 على المدى المتوسط. وقد ارتفع التضخم في الأشهر القليلة الماضية متجاوزا 4 في المائة، مع ارتفاع أسعار الطاقة والمياه، ومن المتوقع أن يتراجع إلى 2 في المائة في 2017.

وعلى الرغم من انخفاض الودائع المصرفية، فقد ظل نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص قويا. فالاحتياطيات الرأسمالية مرتفعة، والقروض المتعثرة منخفضة، والمصارف ترصد مخصصات جيدة لمواجهة خسائر القروض. وقد ارتفع سعر الفائدة بين المصارف السعودية (سايبور) في الأشهر الأخيرة، كما اتسع الفارق بينه وبين سعر الفائدة على الدولار الأمريكي، نظرا لانخفاض السيولة. وقامت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" بتخفيض نسبة القروض إلى الودائع في شباط (فبراير)، كما رفعت سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى 0.5 في المائة في ديسمبر الماضي.

وبناء على السياسات المالية الحالية، توقع الصندوق أن ينخفض عجز المالية العامة إلى 13 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2016، كما يُتوقع أن ترتفع الإيرادات غير النفطية، بينما يؤدي كبح الإنفاق، ولا سيما الرأسمالي، إلى خفض كبير في المصروفات، مع تمويل عجز المالية العامة من خلال الجمع بين السحب من الودائع والاقتراض المحلي والدولي.

كذلك يُتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري إلى 6.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2016، ثم يقترب من التوازن بحلول 2021 مع تعافي أسعار النفط جزئيا. ومن المتوقع أيضا أن يشهد عام 2016 انخفاضا آخر في صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي، ولكن وتيرة الانخفاض ستتباطأ على المدى المتوسط.

وأشار الصندوق إلى أن المملكة بدأت تحولا جوهريا في سياساتها لمواجهة انخفاض أسعار النفط، حيث أجرت الحكومة سلسلة من الإصلاحات على مدار العام الماضي، وشرعت أخيرا في خطط جريئة وطموحة لتحويل الاقتصاد السعودي من خلال "رؤية السعودية 2030" و"برنامج التحول الوطني". وتتمثل أهم أولويات السياسة في تنويع الاقتصاد، وإيجاد فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص، وتنفيذ عملية تدريجية ولكنها كبيرة ومستمرة لضبط أوضاع المالية العامة، بما يحقق موازنة متوازنة في غضون خمس سنوات.

وذكر المجلس التنفيذي للصندوق أن المملكة تواجه تحديات مهمة بسبب هبوط أسعار النفط، حيث رحبوا بتحرك السلطات في السعودية في الوقت المناسب لمواجهة هذه التطورات، وهو ما حافظ على نمو واستقرار الاقتصاد الكلي، بدعم من الهوامش الوقائية الكبيرة في المالية العامة، والنظام المالي القوي والمرن. ومع ذلك، فقد تحولت أرصدة المالية العامة والحساب الجاري إلى العجز، وبدأ معدل النمو يتباطأ. وأكد المديرون، الحاجة إلى استمرار التصحيح والإصلاح في المالية العامة لإكساب الاقتصاد السعودي مزيدا من القوة، وتحقيق التحول المنشود فيه. وفي هذا الصدد، أثنى المديرون على ما وضعته السلطات من خطط جريئة للإصلاح.

ورحب المديرون في المجلس التنفيذي للصندوق بأهداف الإصلاح الطموحة التي أعلنتها السلطات في "رؤية 2030" و"برنامج التحول الوطني"، مشددين على أهمية الوضوح في تحديد أولويات الإصلاحات المخططة وتسلسل خطواتها، لتقليل المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها التنفيذ، وإتاحة الوقت الكافي للاقتصاد حتى يتكيف معها. وأيدوا خطة السلطات لتعظيم دور القطاع الخاص في الاقتصاد، بالتركيز على الخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحسين بيئة الأعمال، وتطوير أسواق رأس المال المحلية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وذكر المديرون أنه ينبغي مواصلة الإصلاحات في سوق العمل والنظام التعليمي لتشجيع القطاع الخاص على توظيف المواطنين السعوديين، وزيادة مشاركة السعوديات في القوى العاملة.

واتفق المديرون على وجود حاجة لضبط أوضاع المالية العامة في إطار عملية تدريجية ولكنها كبيرة ومستمرة، ورحبوا بإجراءات التصحيح المالي الجارية. واتفقوا بوجه عام على ملاءمة هدف تحقيق موازنة متوازنة في المدى المتوسط، وشجعوا السلطات على وضع خطة موثوقة متوسطة الأجل لتحقيق هذا الهدف. وأعربوا عن تأييدهم لإجراء إصلاحات في النفقات والإيرادات، بما في ذلك استمرار التعديل التدريجي لأسعار الطاقة مع تعويض الأسر محدودة الدخل، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة والضرائب الانتقائية على السلع، واحتواء فاتورة الأجور الحكومية، وتحسين إدارة الاستثمار العام، ورفع كفاءة الإنفاق. وأوصى المديرون بأن تصاحب هذه الإجراءات إصلاحات هيكلية داعمة للنمو.

وأكد المديرون أهمية وضع إطار متوسط الأجل للمالية العامة وتعزيز عملية الموازنة السنوية، مع إدراج صندوق الاستثمارات العامة وشركة أرامكو السعودية في الموازنة بصورة أفضل. وشجعوا السلطات على اعتماد منهج متكامل لإدارة الأصول والخصوم من أجل تمويل عجز المالية العامة. وقالوا إن إصدار سندات دين حكومية من شأنه أن يساعد على إنشاء منحنى للعائد خال من المخاطر، ودعم إقامة أسواق للدين المحلي.

وذكروا أن الإصلاحات ساعدت على تقوية النظام المالي، وأن القطاع المصرفي في وضع مواتٍ يمكنه من تجاوز انخفاض أسعار النفط وتباطؤ النمو. وشجع المديرون السلطات على الاستمرار في مراقبة جودة الائتمان من كثب، وتعزيز الإطار الاحترازي الكلي، والانتهاء من وضع الإطار المطلوب لتسوية الأوضاع المصرفية وتوفير السيولة. كذلك أوصى المديرون بتعزيز أطر التنبؤ بالسيولة وإدارتها لدى مؤسسة النقد العربي السعودي.

واتفق المديرون على أن نظام ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي هو الخيار الأفضل للمملكة، نظرا لهيكل اقتصادها الحالي، وأكدوا الحاجة إلى عملية تصحيح مستمرة لأوضاع المالية العامة، بما يدعم هذا النظام. ورأى المديرون أنه من المفيد إجراء مراجعة دورية لنظام سعر الصرف المربوط بالدولار لضمان استمرارية ملاءمته، في ضوء التطور المنشود في الاقتصاد بعيدا عن اعتماده الحالي على النفط.

© الاقتصادية 2016