21 02 2017

لا تستطيع العديد من الشركات الصغيرة في دولة الامارات تحمل تكلفة الحصول على استشارات قانونية، تساعدها

في فهم قانون الإفلاس الجديد.

تعتزم دولة الإمارات تنظيم ورش عمل للشركات الصغيرة والمتوسطة، خلال شهر مارس المقبل، لتعريفهم بقانون الإفلاس الجديد، والذي يهدف إلى الحد من مخاطر ممارسة أنشطة الأعمال في الدولة، بحسب ما ذكره أحد كبار المسئولين في وزارة المالية.

قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذي يساهم بنسبة 60 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للإمارات، يواجه مجموعة من الصعوبات في تأمين خطوط الائتمان، خاصة وأن هناك قلق لدى المصارف من ارتفاع موجة التعسر في السداد، بعد التباطؤ الاقتصادي الذي حدث بسبب انخفاض أسعار النفط، وهو الاتجاه الذي بدأ منذ منتصف عام 2014.
 
حتى أن العديد من أصحاب الشركات الأجانب غادروا الإمارات خِشية مواجهة عقوبات جنائية في ظل غياب قانون الإعسار.

وطبقاً لقانون الإفلاس الجديد، الذي صدر ونُشر في الجريدة الرسمية في سبتمبر الماضي، سيتم تأسيس هيئة تنظيمية تحت اسم "لجنة إعادة الهيكلة المالية"، تكون مهمتها الإشراف على قضايا إعادة الهيكلة، وتعيين خبراء للتعامل مع مثل هذه الحالات. ويوضح القانون كذلك بعض التفاصيل حول استلام الشركات لقروض جديدة، وفقًا للأحكام المنصوص عليها بموجب القانون.

في مقابلة أجراها مع موقع "زاوية" الأسبوع الماضي، أكد يونس الخوري، وكيل وزارة المالية في الإمارات، أن العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تملك الموارد القانونية التي تمكنها من تفسير هذا القانون وتُوضيحه.

وقال: "هناك فئات مختلفة للشركات؛ فالشركات الكبيرة لديها قسم مُختص للشؤون القانونية الداخلية؛ وتقوم باستقدام المهنيين المختصين في المجال القانوني، لذا تتمتع هذه الفئة من الشركات بمراحل متقدمة في فهم النواحي القانونية.

أما بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، فهي إما أن تكون صغيرة في الحجم، أو أنها لا تستطيع توفير دعم مالي لاستقدام طرف ثالث لتفسير القانون وشرحه. وهذا هو السبب وراء قرار الحكومة بعقد ورش عمل متخصصة في هذا الشأن."

وأضاف: "قرَّرنا التحرك من خلال غرف التجارة والصناعة في الإمارات؛ ومن المقرر أن نعقد جلسة خلال شهر مارس القادم مع غرفة تجارة وصناعة دبي حول قانون الإفلاس الجديد، ونُخطط لعقد جلسات مماثلة مع الغرف الأخرى في الإمارات. ومن خلال مواصلة هذه الأنشطة في غرف التجارة والصناعة، سنُقدم الشرح والتوضيح اللازم حول بعض الأمور القانونية، أو نعرض مزيدًا من الاستشارات للشركات التي تحتاج لذلك؛ علمًا بأن التواصل معنا سيكون متاحاً طوال اليوم، لتوضيح ما يزيد عن 200 فصل (من القانون)، وللرد على أية استفسارات خاصة حوله."

جديرُ بالذكر أن الإمارات تسعى جاهدةً لدعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، والذي يمتل نسبة 95 بالمائة من إجمالي عدد الشركات في الدولة.

ويعد الحصول على التمويل أحد المشاكل الرئيسية التي يعاني منها القطاع، وذلك بسبب رؤية البنوك التقليدية للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تنظر إليها على أنها شركات عالية المخاطر، لا سيما تلك الشركات التي لا تتوفر لديها أنظمة المحاسبة المهنية والخبرة الإدارية.

غموض القانون

من المقرر أن يتم تطبيق قانون الإفلاس الجديد على الشركات العامة والخاصة بالإمارات، وكذلك الشركات المشتركة، وسيستثنى من ذلك الشركات المسجلة في مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي، حيث أن لديها ولايات قضائية لتسوية حالات الاعسار الخاصة بها.

يشتمل القانون على 231 مادة، مُقسّمة إلى سبعة أقسام، في 137 صفحة، وهو ما يجعل القانون مُعقدًا أو صعب التفسير بالنسبة للعديد من الشركات الصغيرة، كما أن العديد من هذه الشركات ليس لديهم علم بوجود القانون من الأساس.

تقول "نينا بارافيش"، المالك والمؤسس لشركة «كونسبت مي»، شركة تصميم وإدارة المشاريع في الإمارات: "لم يكن لدي أي معرفة بالقانون، حتى ذَكرهُ أمامي أحد الأصدقاء .

وفي تصريحاتها لموقع «زاوية»، قالت: ;لدي العديد من الاستفسارات، مثل ما هي الإجراءات الخاصة بالتقدم بطلب إعلان الإفلاس؟أقصد أنه عندما تقوم بإعادة الهيكلة، هل تدفع الالتزامات من الأصول الشخصية على سبيل المثال؟، مُضيفةً أن استقدام خبير قانوني للمساعدة في شرح القانون يُكِّلف كثيرًا؛ ويتطلب مبلغاً يتراوح ما بين 600 إلى 700 دولاراً.

محمد جمعة، مالك شركة «أسست» بالإمارات، موقع إلكتروني يقدم مجموعة من الخدمات للأشخاص القاطنين في الإمارات، أعرب عن قلقه إزاء الآليات الخاصة بعملية إعادة الهيكلة للشركات، قائلاً: بالنسبة لي، يتعذر رؤية ملامح واضحة للقوانين الخاصة بهذه المسألة، وأرى أنني لا زلتُ بحاجة لاستيضاح القانون وفهمه.

وقد تتطلب عملية تقديم طلب إعلان الإفلاس إجراءات باهظة التكاليف بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، أو تستلزم تقديم الكثير من المستندات.

وكما تقول نيكولا ريدر، مستشارة في شركة «كليفورد تشانس» القانونية: ستكون التكلفة أحد العوامل الرئيسية.

وذكرت ريدر أنه على الشركات أن تكون مستعدة لتقديم العديد من المستندات القانونية والمالية إلى المحاكم، مثل تقديرات التدفقات النقدية، وقائمة الدائنين، ومذكرة موجزة للموقف المالي والاقتصادي للشركة، مرفقًا بها صورة من دفتر الحسابات.

وأضافت: هناك حاجة لمجموعة من البيانات التي يلزم تقديمها، وقد يكون ذلك مرتبطًا بدفع بعض التكاليف، فضلاً عن الوقت الذي تقضيه في استيفاء تلك الأمور، ورغم ذلك، فإننا نعتقد أن الشركات التي تتمتع بقدرٍ جيد من الإدارة يكون متاحاً لديها بالفعل بعض هذه المعلومات.

ما الذي يتضمنه القانون؟

من بين القضايا التي تواجهها العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة هي الشيكات مُتعسرة السداد، والتي تُعد مُخالفة جنائية بموجب القانون الإماراتي، بل يُمكن أن تعرض صاحبها لعقوبة السجن. وتنص المادة (212) من القانون بشأن هذه القضية على أنه لا يكون المدين مسئولاً جنائيًا عن شيك مُتعسر السداد، طالما أنه بدأ رسميًا في إجراءات الإفلاس. وعلى كلٍ، فقد يتم اتخاذ إجراء المسؤولية الجنائية ضد أي شيك مُتعسر الدفع، يكون مُصدرًا بعد إجراءات الإفلاس.

ومن المتوقع أن تتم تسوية الشيكات متعسرة السداد كجزء من القرار النهائي الذي يتم إصداره عند نهاية إجراءات الإفلاس.

يُذكر أن قانون الإفلاس يشوبه بعض الغموض بشأن مقدار المبلغ اللازم حتى يتمكن الدائنون من إعلان إفلاس مدينيهم. ففي الفقرة الأولى من المادة (69)، يشترط القانون أن يكون المبلغ 100,000 درهم إماراتي(27,225 دولار) بحد أدنى. ورغم ذلك، وبموجب الفقرة الثانية من المادة نفسها، فإنه يحق لمجلس الوزراء تعديل المبلغ إلى أقل أو أكثر من 100,000 درهم إماراتي.

في السياق ذاته، يمكن للمحكمة توقيع عقوبة السجن و/أو دفع الغرامات على الشركات أو المديرين التنفيذيين، إذا ما ارتأت المحكمة مسؤوليتهم عن الخسارة التي حققتها الشركات، أو لعدم احتفاظهم بسجل للموقف المالي للشركات قبل إعلان إفلاسها.

تطبيق القانون هو العنصر الأساسي

يرى دارين هاريس ، شريك في شركة الاستشارات القانونية «أديلا شو جودارد»، أنه صدور هذا القانون يعد خطوة على المسار الصحيح، غير أنه لا تزال هناك حاجة للمزيد من التفاصيل حول كيفية تطبيقه.

وفي مقابلة مع موقع  زاوية ، ذكر هاريس أنه من المقرر أن يكون تطبيق المحاكم والسلطات في الإمارات لقانون الإفلاس الجديد وتفسيرها له، أمرًا في غاية الأهمية، خاصة فيما يتعلق بمدى تأثير القانون على شرائح الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومدى مساعدة هذه الشركات في تحقيق نموها في الإمارات.

وأشار إلى أن عامل الوقت سُيكون له اليد العليا في تحديد مدى فعالية الكيان القانوني الجديد.

مُضيفًا: في الاقتصاديات المُتقدمة، وفيما يتعلق بالتشريعات الجديدة كافة، فإن تطبيقها وسريانها يُعد هو العنصر الأساسي، وينطبق ذلك على كيفية تطبيق قانون الإفلاس الجديد وفهم ممارساته، فضلاً عن فعالية التغيرات التي ستكون مُصاحبة لإنفاذ القانون ومدى تأثيرها.

ويشير مازن البستاني، شريك في شركة الاستشارات القانونية «بيكر آند ماكنزي حبيب الملا» الكائنة في دبي، إلى عدم وجود عدد كاف من القضاة، ممن يتمتعون بخبرة واسعة في البت في قضايا الإعسار، مؤكداً أن هذا الأمر قد يفرض تحديًا أمام تطبيق القانون.

وأخبر البستاني موقع زاوية أنه لا يتوقع صدور تعديلات جديدة على القانون قريبًا، مُضيفًا: استغرق الأمر عشرة أعوام حتى أصدرت الدولة هذا القانون. وعلى ذلك، فلا أتوقع صدور تعديلات عليه قريبًا، وسيظل القانون على حالهِ دون تعديل لمدة عامين أو ثلاثة أعوام على الأقل.

© Zawya 2017