30 10 2017

أكد مشاركون في فعاليات القمة العالمية للاقتصاد الأخضر التي عُقدت في دبي يوم الثلاثاء الماضي، أنه ستكون هناك حاجة إلى استثمارات تُقدر بنحو 100 تريليون دولار لكي يمكن مواجهة تحديات التغير المناخي.

وخلال الجلسة العامة الأولى للقمة، والتي عُقدت حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة، قالت زوي نايت، العضو المنتدب ورئيس مركز التمويل المستدام في بنك "HSBC" إن "التقديرات تُشير إلى أن هناك نحو 100 تريليون دولار أمريكي سيتم إنفاقها في المنطقة على مدار 15 عامًا مقبلة، لتأسيس البنية التحتية اللازمة من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، والمتمثلة في [التخفيف من الآثار المترتبة على التغير المناخي] من خلال الحد من معدل الزيادة العالمي في درجات الحرارة إلى أقل من 2 درجة مئوية. ومن الواضح أن توفير مثل تلك المخصصات المالية الطائلة سيُشكّل تحدياً كبيراً لنا جميعاً".

وأضافت نايت أنه وفقاً لنتائج استطلاع الرأي العالمي لمجموعة "HSBC"، فإن ثلثي المستثمرين يرغبون في توجيه المزيد من استثماراتهم نحو الاقتصاد الأخضر، إلا أن هناك عوائق تحول دون ذلك، تتمثل في قلة الفرص المتاحة، وعدم التوعية والتعريف بما تعنيه "المشاريع الخضراء".

وتابعت "لقد رأينا أن صناديق الثروة السيادية في بعض أنحاء من العالم تتخذ مواقف نبيلة ومشرّفة، وتقوم بدور فعّال في هذا الإطار، بل وتوّجه محافظها الاستثمارية نحو الاستثمارات الخضراء، وكل ما تفكر فيه هو توفير حياة نظيفة خالية من التلوث، وذلك من خلال الحد من الانبعاثات الكربونية".

وقالت إن 50 بالمائة من الشركات لديها إستراتيجية تعمل على تطبيقها للحفاظ على البيئة، وهى نسبة "منخفضة"، مشيرة إلى أن الحكومات لا زالت تحتاج إلى تقديم المزيد من الحوافز لجذب رؤوس الأموال من أجل إحداث التغيير المطلوب.

من جانبه ذكر خليف أبوليف، كبير مستشاريّ السياسات الخاصة بالاستدامة والتغير المناخي، بوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية، أنه لابد من مواجهة حقائق معينة.

وأشار إلى أن نقص المياه والغذاء وشبح التغير المناخي، وتبعاته التي ينبغي التصدي لها، كلها تحديات تحول دون تحقيق الهدف المنشود، وهو التخفيف من حدة الآثار المترتبة على التغير المناخي، فضلاً عن أن الاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري في المستقبل المنظور، هو واقع لابد من الاعتراف به.

وأضاف أبو ليف: "عندما ننظر إلى التغير المناخي، فإننا ننظر في الواقع إلى الانبعاثات الكربونية المنتشرة في الجو، واستشهد باستخدام الكربون وتخزينه كوسيلة لجعل الوقود الأحفوري خياراً أكثر استدامة من خلال منع إطلاق الانبعاثات الكربونية  في الجو.

وقال إن هناك قضية مماثلة أُثيرت في المنطقة عندما تم استخدام الغاز في الستينيات، ثم ظهرت تكنولوجيا رائدة في وقت لاحق عملت على الحد من مستوى العوادم والنفايات والتلوث في البيئة، مُتساءلاً: "هل يمكننا أن نفعل الشيء نفسه مع ثاني أكسيد الكربون؟"

التركيز على النفط والغاز

من جانبه ذكر الدكتور المهندس وضاح غانم الهاشمي، المدير التنفيذي لإدارة البيئة والصحة والسلامة والأمن والجودة والشؤون المؤسسية في شركة بترول الإمارات الوطنية (اينوك)، أن هناك اتجاه عالمي متزايد نحو أهمية دراسة تأثير الأعمال التجارية على البيئة على مدار العشرين عاماً الماضية.

وقال "إن الأعمال التجارية في مجال النفط والغاز كانت دائماً موضع انتقاد، نظراً لافتقارها للابتكار أو الإبداع بما فيه الكفاية، لأنها تعتمد على قواعد ثابتة ومعتادة، غير أني أعتقد أن الحال لم يعد كما كان في الماضي، فقد لاحت في الأفق بوادر التغيير الفعلي في هذا المجال".

ونوه الهاشمي إلى أن شركة بترول الإمارات الوطنية (اينوك) أطلقت مبادرات بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)، تشمل تركيب وحدات لشحن السيارات الكهربائية في 10 أو15 محطة من محطات البنزين، وتزويد المحطات بالألواح الشمسية اللازمة لتوفير الطاقة.

وأضاف أنه "سوف تحتاج مجالس الإدارة والمديرين التنفيذيين في المستقبل، أكثر فأكثر، إلى إعادة تقييم القرارات التي يتخذونها، لأن تلك القرارات يجب أن تأخذ في الاعتبار كيف سيكون تأثيرها على استدامة الأعمال التجارية، ومدى قدرتها على الاستمرار، وكيف ستؤثر علي وضع هذه الأعمال ومستقبلها الذي تسعى إلى تحقيقه في السنوات الـ10 أو الـ15 المقبلة".

استدامة الوظائف

وبالنسبة إلى فيكتور فان فورين، مدير منظمة العمل الدولية، فإن مفتاح خلق مستقبل مستدام هو الاستثمار في العنصر البشري، وقال إن الحكومات تحتاج إلى النظر في ما سيحدث عندما تختفي الوظائف التي تُعتبر غير قابلة للاستمرار.

وتابع فورين:"في الفلبين يغُلقون عدداً من المناجم للحفاظ على البيئة، لكنهم في المقابل يتركون مجتمعًا بأكمله بلا عمل ويُعاني من البطالة، لذا يجب علينا العمل جاهدين للتوصل إلى حلول تجعل الوظائف مستدامة".

وأشار فورين إلى رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إعادة فتح مناجم الفحم، وتوفير 70 ألف فرصة عمل جديدة، مضيفًا أنه "يقولون إن إعادة فتح مناجم الفحم القديمة في الولايات المتحدة من شأنه خلق 70 ألف فرصة عمل، والقليل منهم يعلمون أن صناعة الطاقة المتجددة توفر ما يزيد عن 700 ألف فرصة عمل. "

فيما ذكر خالد ماليد، والذي يشارك في رئاسة منتدى الاستدامة العالمي والمدير السابق لمكتب تقرير التنمية البشرية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن دراسة الاستدامة الآن أصبحت من الأمور الحيوية التي ينبغي الاهتمام بها في كافة القطاعات، بما في ذلك قطاع إنتاج الأغذية.

وقال "إن انتاج لحم البقر وحده ينتج انبعاثات كربونية أكبر من التي تنتج عن قطاعي السيارات والطيران معا". وأضاف: "لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو".

© ZAWYA 2017