من هنينج جلويشتاين

سنغافورة 22 فبراير شباط (رويترز) - زاد تجار النفط من أنحاء العالم ومن دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والبرازيل مبيعاتهم إلى آسيا لثلاثة أمثالها مستفيدين من فجوة المعروض الناجمة عن تخفيضات الإنتاج بقيادة أوبك التي أعلنت أواخر العام الماضي.

وتظهر بيانات من تومسون رويترز لأبحاث وتوقعات النفط أن حوالي 30 ناقلة عملاقة قامت هذا الشهر برحلات طويلة لشحن الخام من الأمريكتين وبحر الشمال وحوض المتوسط إلى مصافي التكرير في أنحاء آسيا المستهلك الأكبر والأسرع نموا في العالم.

تأتي التحركات غير المعتادة بعد قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين آخرين من بينهم روسيا أواخر العام الماضي خفض الإنتاج نحو 1.8 مليون برميل يوميا في النصف الأول من العام الحالي في مسعى لكبح تخمة المعروض العالمي ورفع الأسعار.

وتقول مصادر تجارية إن من الشركات الأكثر انخراطا في صفقات الشحنات البعيدة كبار منتجي النفط مثل بي.بي ورويال داتش شل وشركات تجارة السلع الخاصة مثل ترافيجورا وفيتول ومركوريا وشركة التكرير الصينية يونيبك. وثمة مشاركات أيضا من عملاق التعدين جلينكور وشركة النفط الوطنية الأذربيجانية سوكار وبتروبراس البرازيلية.

ويستطيع التجار التربح من نقص المعروض في منطقة ووفرته في أخرى مستغلين تكاليف الشحن المنخفضة نسبيا وفروق أسعار النفط الخام بين المناطق المختلفة.

وعلى سبيل المثال يبلغ سعر التداول الحالي للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 54.50 دولار للبرميل في حين يتكلف خام القياس العالمي برنت 56.90 دولار لتبلغ علاوة برنت فوق خام غرب تكساس الوسيط 2.40 دولار للبرميل بعد أن كانا متعادلين تقريبا أواخر نوفمبر تشرين الثاني قبل أن تعلن أوبك تخفيضاتها.

وقال توشار بانسال مدير آيفي جلوبال إنرجي وهي شركة استشارية مقرها سنغافورة "تخفيضات أوبك... قادت إلى فرق سعر مفتوح في الشحنات البعيدة مما أدى إلى زيادة في واردات الخام من مناطق بعيدة (وهو ما) يعوض التراجع في (إمدادات) أوبك."

تعكس التخفيضات اتجاه سياسة أوبك بعد عامين من ضخ النفط بأقصى طاقة لإبقاء الأسعار منخفضة مع سعي المنظمة لإخراج المصدرين المنافسين من السوق.

وقالت بي.ام.آي للأبحاث في مذكرة للعملاء "تخفيضات إنتاج أوبك... أحدثت تشوهات بسوق الخام الآسيوية مما غير أنماط التجارة العالمية."

* أوبك تتخلى عن حصة سوقية

ولسد الفجوة التي تركتها أوبك قفزت شحنات الخام إلى آسيا من الولايات المتحدة وبريطانيا والبرازيل وحتى من ليبيا التي تعاني من ويلات الحرب إلى أكثر من 35 مليون برميل في فبراير شباط بما يعادل 1.26 مليون برميل يوميا من 10.4 مليون برميل في أكتوبر تشرين الأول أو 336 ألف برميل يوميا حسبما تظهره البيانات.

ويعني ذلك بالنسبة لأوبك التي تلبي تقليديا نحو 70 بالمئة من الطلب الآسيوي على النفط فقدان خمسة بالمئة من حصتها السوقية منذ أكتوبر تشرين الأول.

وقالت كارول نخلة مديرة كريستول إنرجي الاستشارية في لندن "في ظل الأوضاع الحالية بسوق النفط تخاطر أوبك بفقد الحصة السوقية بمزيد من تخفيضات الإنتاج."

ورغم أن علاقات أوبك مع العملاء في آسيا جيدة في معظم الأحيان فإن شركات التكرير بمراكز شمال آسيا في اليابان والصين وكوريا الجنوبية تقول إنها مستعدة للشراء من موردين آخرين لتلبية حاجاتها.

تظهر جداول التحميل ارتفاع صادرات الخام الأمريكية إلى آسيا لأكثر من 3.5 مليون برميل هذا الشهر - متضمنة أول شحنة نفط أمريكية تسلم إلى الهند - من أقل من مليون في أكتوبر تشرين الأول. وقفزت الشحنات البريطانية إلى أكثر من 10.5 مليون برميل من 1.6 مليون برميل فحسب.

وبلغت الشحنات المتجهة إلى آسيا من البرازيل مستوى قياسيا عند 16.7 مليون برميل في فبراير شباط ارتفاعا من 6.9 مليون في أكتوبر تشرين الأول وتضاعفت شحنات ليبيا عضو أوبك المستثنى من التخفيضات إلى مليوني برميل الشهر الماضي.

وتظهر جداول الشحن استمرار ذلك الاتجاه في مارس آذار.

وقالت بي.ام.آي إن تخفيضات أوبك ولاسيما من الخامات المتوسطة وعالية الكبريت "تتيح فرصا... لخامات المتوسط (المماثلة) كي تتدفق على السوق الآسيوية."

* هل يستمر فرق السعر؟

جاءت واحدة من أوائل الشحنات الطويلة الرئيسية المتجهة إلى آسيا خلال جولة تجارة فروق الأسعار هذه من بي.بي التي استخدمت أواخر العام الماضي أكثر من خمس ناقلات لشحن نحو ثلاثة ملايين برميل من الخام الأمريكي لمسافات وصلت إلى 30 ألف كيلومتر إلى أستراليا وتايلاند واليابان.

وفي صفقات مماثلة شحنت يونيبك وترافيجورا النفط الأمريكي من خليج المكسيك إلى الصين.

ومن بين شاحني خام بحر الشمال إلى آسيا فيتول ومركوريا وترافيجورا وجلينكور وشل ويونيبك وسوكار.

وكان المصدر الرئيسي من البرازيل هو شركة بتروبراس المملوكة للدولة حسبما تظهره بيانات الشحن ويقول المتعاملون إن خامها حل محل نفط من أنجولا عضو أوبك.

وقال أويشتاين بيرينتسن العضو المنتدب لشركة سترونج بتروليوم لتجارة النفط في سنغافورة إن فروق أسعار نفط بحر الشمال والولايات المتحدة مع آسيا ترجع إلى تخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك وإن تلك المسارات "قد تستمر بناء على تكلفة الشحن وفروق الأسعار."

وتبلغ أسعار الشحن القياسية من الشرق الأوسط إلى اليابان للناقلات العملاقة 71 نقطة على ما يسمى بمعدل القياس العالمي الذي تبلغ قيمته الأساسية 100 وذلك مقارنة مع معدل طويل الأجل يبلغ نحو 76 للسنوات العشر الأخيرة.

وقال مات ستانلي سمسار الوقود لدى فريت انفستور سرفيسز في دبي "فرص فروق الأسعار سببها كله هو أسعار الشحن الضعيفة."

ومن غير الواضح إلى متى تستمر نافذة فروق الأسعار هذه مفتوحة.

وقال بيرينتسن من سترونج بتروليوم إنه رغم تخفيضات أوبك "فمازالت هناك تخمة معروض لكن من المرجح أن تتوازن السوق في الربع الثالث. عندها سنرى إن كانت فروق الأسعار ستستمر."

(إعداد أحمد إلهامي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)