مع استمرار تصدير النفط الخام، المحرك الرئيسي للاقتصاد العماني، فإن الارتفاع المستمر في سعره (أكثر من 60 دولارًا أمريكيًا للبرميل حاليًا)، إلى جانب إنجاز مشاريع البنية التحتية الرئيسية، سيؤدي هذا كله إلى تسريع حجم الاستثمار في سلطنة عمان من خلال المستثمرين الأجانب والمحليين. وتشمل مشاريع البنية التحتية الهامة في هذا الصدد تحسين شبكة الطرق التي تربط بين المدن التجارية الرئيسية والموانئ، وإتمام إنشاء مطار مسقط الدولي، وتطوير المدن التجارية والمناطق الحرة (مثل صحار، الدقم وصلالة) - وقد مهدت جميع هذه المشاريع الطريق للقطاع الخاص للعب دور أكبر في تنمية الاقتصاد.


تاريخيًا، كانت الحكومة العُمانية هي المشارك الأساسي في السوق العُماني، وتسيطر على منح المشاريع الكبيرة للشركات العالمية التي تقوم بالاستثمار في سلطنة عُمان. وسيتم تقليص هذا الدور من العام الجاري
2018 - بهدف تحقيق اقتصاد مُستدام أقل اعتمادًا على صادرات النفط، مما يوفر مجالًا أكبر للمستثمرين الأجانب للتعامل مع شركات القطاع الخاص.


وقد ساهم الموقف المحايد نسبيًا الذي تبنته سلطنة عُمان تجاه النزاعات الإقليمية والدولية في تعزيز سمعتها باعتبارها منطقة مستقرة للاستثمار. ودعماً لهذا التوجه، بدأت عدد من الشركات (لاسيما منذ عام 2017 فصاعدًا) في نقل مقرها الإقليمي إلى عُمان. وساعدت هذه الخطوة في تسهيل المتطلبات التشغيلية والتحويل الدولي للأموال. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال العام الجاري 2018 نظراً للاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به عُمان، والذي يبحث عنه المستثمرون من جميع أنحاء العالم، خاصة وأنه يتوفر في واحدة من المناطق التي تملك أكبر احتياطيات نفطية، ويمكن الأخذ في الاعتبار أيضًا الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان في الساحل الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية، والذي يتقاطع مع جميع الموانئ الرئيسية والمرفأ الجاف الذي يشرف على المحيط الهندي، مما يجعلها مراكز آمنة لأية بضائع أو شحنات يتم شحنها، أو سفن يتم خدمتها.


وبالتوازي مع الزيادة في أسعار النفط والاستقرار السياسي الذي تتمتع به عُمان ، تم إعادة النظر في عدد من القوانين الأساسية. ويقدم هذا المقال لمحة عامة عن الإصلاحات التشريعية الرئيسية في عُمان.


ملكية الأرض عن طريق صناديق الاستثمار العقاري


هناك تشريع رئيسي من شأنه تشجيع الاستثمار الأجنبي، ومساعدة المستثمرين الأجانب على ممارسة المزيد من الرقابة المباشرة على استثماراتهم، وهو القرار الوزاري رقم 95/2017 الصادر عن وزير الإسكان، والذي ينظم شروط الملكية في صناديق الاستثمار العقاري ("القرار الوزاري")، وبدأ سريانه في 16 نوفمبر
2017.

ووفقًا لهذا القرار سيتم تنظيم صناديق الاستثمار العقاري("REIFs") وترخيصها من قبل هيئة السوق المالية، حيث ستتخذ شكل صندوق مغلق برأس مال ثابت. وقد تملك صناديق الاستثمار العقاري
العقارات اللازمة للقيام بأنشطتها المرخصة. وعلى وجه الخصوص، جاء القرار الوزاري بهيكل بديل للمستثمرين المحليين، ومدد الحقوق المحدودة جدًا للمواطنين من خارج دول مجلس التعاون الخليجي (الأجانب) و / أو الكيانات في امتلاك العقارات في عُمان ، وإن كان ذلك فقط فيما يتعلق بالأراضي المُطوّرة.


وقبل صدور القرار الوزاري كان الوضع كالآتي:


1. لا يستطيع المستثمرون المحليون الوصول بسهولة إلى الاستثمار في العقارات.


2. تم استبعاد الأجانب في عُمان من الملكية المباشرة للأرض (أصبح الوصول إلى عقود الإيجار
والحقوق النافعة أكثر سهولة) بخلاف:


أ . حقوق الملكية، المسموح بها للتطوير والبيع فيما بعد، لصالح مجموعات الشركات المساهمة العامة، التي
تتطلب مشاركة عمانية بنسبة 30%.


  ب. ما يتعلق بالوحدات السكنية في المجمعات السياحية المتكاملة.


ولكي تمتلك صناديق الاستثمار العقاري العقارات اللازمة للقيام بأنشطتها المرخصة من خلال الشراء، يجب
أن تخضع للشروط التالية:


1. أن يكون العقار المراد تملّكه قد تم بناؤه بالفعل وإتمامه مع شهادة إتمام صادرة من البلدية المعنية.


2. أن تقتصر الملكية على الممتلكات التجارية أو السكنية أو الصناعية أو السياحية.

ويُسمح كذلك بامتلاك مجمعات سكنية بشرط أن تبلغ مساحة المجمع السكني 10 آلاف متر مربع على الأقل.


3. لا يجوز لصناديق الاستثمار العقاري امتلاك الأراضي الشاغرة، وكذلك ملكية العقارات مع الاستخدام
الزراعي.


لا يُسمح لصناديق الاستثمار العقاري غير المملوكة بالكامل من قبل العمانيين بامتلاك عقارات في مناطق (مسندم، الضهرة، البريمي، ظفار (باستثناء ولاية صلالة)، لواء، شناص، الدقم، الجبل الأخضر، جبل شمس) بالإضافة إلى المناطق التاريخية وﻣﻨﺎﻃﻖ الامتياز واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ الأخرى اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ وزارة اﻹﺳﻜﺎن.


يحدد القرار الوزاري بوضوح الأساس القانوني لإنشاء (صناديق الاستثمار العقاري) وتشغيلها ضمن المعايير المذكورة أعلاه. ولا يحتوي القرار الوزاري على أي تفاصيل إضافية بشأن شكل أو تنظيم صناديق الاستثمار العقاري، ويجب أن يتبعه المزيد من التفاصيل من هيئة سوق المال في الوقت المناسب. لم يتم بعد اختبار ممارسة إنشاء هذه الصناديق، وتأمين التراخيص ذات الصلة من هيئة سوق المال. وتظهر التجربة أن هذه الممارسة سوف تتطور إلى حد ما مع إنشاء أول صندوق.


الإصلاح الضريبي
إن إدخال ضريبة القيمة المضافة والإصلاحات الضريبية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي سيزيد من إعادة تشكيل الأعمال، وسيكون له تأثير على أسعار السلع والخدمات. وقد صدر المرسوم السلطاني رقم 9/2017 الصادر بتاريخ 19 فبراير 2017 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 26 فبراير 2017 ("قانون ضريبة الدخل") والذي أدخل تغييرات ملحوظة على بعض أحكام قانون ضريبة الدخل في سلطنة عُمان. وبناء على التعديلات زادت عُمان معدل ضريبة الدخل من 12% إلى 15%.


وبالإضافة إلى ذلك، ستبدأ الشركات الصغيرة والمتوسطة في دفع الضرائب بدءًا من عام 2018 بمعدل 3% مع إلغاء حد الإعفاء القانوني البالغ (30.000) ثلاثون ألف ريال عماني. وفقا لذلك، سيتم فرض ضرائب على الأرباح الصافية السنوية، بغض النظر عن المبلغ. وتم إلغاء الإعفاء من ضريبة الدخل لعدد من الأنشطة، بما في ذلك السياحة والتعدين وصيد الأسماك والتعليم.
قوانين أخرى سيسمح قانون استثمار رأس المال الأجنبي، بمجرد إصداره، بملكية ومراقبة أفضل للشركات التي تم تأسيسها في عُمان من قبل المستثمرين المحليين. ومن المتوقع أن يتم السماح بالمشاركة الأجنبية بنسبة 100% القطاعات، مثل الصناعة والسياحة. وقد تم تعديل الإجراءات التشريعية من خلال إصدار المرسوم السلطاني رقم 99/2011 الذي يمنح مجلس الشورى ومجلس الدولة الحق في مراجعة أي مشروع قوانين وتقديم تعليقات عليه.


الخلاصة
مع التطورات الإيجابية في المجالات السياسية والاقتصادية والتشريعية، هناك اهتمام متزايد بالاستثمار في سلطنة عُمان – والتي وصفها بعض المعلقين بـ "سويسرا الخليج". وتستمر عُمان في تأمين نفسها في هذا المنصب، معتبرةً أن المستثمرين في نهاية المطاف، بغض النظر عن حجم استثماراتهم، يبحثون عن ولاية مستقرة، حيث يمكنهم التخطيط لنمو أعمالهم وتنميتها.


بقلم أحمد البرواني - a.albarwani@tamimi.com - مسقط
وريتشارد باكستر - r.baxter@tamimi.com - مسقط

 

© Al Tamimi & Company 2018