16 10 2018

بحضور مسؤولين حكوميين وأكثر من 50 متحدثا محليا ودوليا في مجال التحكيم، سلط أول مؤتمر دولي للتحكيم التجاري في السعودية، الضوء على التحكيم المؤسسي وتأثيره في التحول الاقتصادي، وسبل إيجاد بيئة مناسبة للاستثمار الأجنبي من خلال منصة عدلية جاذبة.

وخلال المؤتمر الذي نظمه المركز السعودي للتحكيم التجاري بالشراكة مع جمعية التحكيم الأمريكية (AAA)، وأقيم بعنوان "التحكيم المؤسسي ــ أهميته وتأثيره في التحول الاقتصادي وتشجيع الاستثمار"، أكد المتحدثون أهمية التحكيم التي تتميز بالإعانة لمرفق القضاء والسرعة والسرية ومراعاة اختيار الأطراف ومرونة الإجراءات.

وأشاروا إلى أنه خلال عام 1985 كان عدد مؤسسات التحكيم لا يتجاوز 43، أما اليوم فلا يمكن إحصاؤها، موضحين أن التحكيم التجاري يسهم في سرعة الإنجاز والفصل في المنازعات.

وقال الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد الرئيس الفخري لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي ورئيس هيئة التحكيم السياحي، إن حكومة المملكة تسعى دائما إلى التطوير في جميع المجالات وبالأخص في مجال التحكيم والقضاء.

وأشار إلى أن من أهم الأمور مثل هذه المؤتمرات وحضور كثير من المتحدثين من أنحاء العالم التي تتلاقح فيه الأفكار وهو أكبر تطور للمركز وخصوصا في العمل المؤسسي، مضيفا "إذا أخذنا بالخبرات الطويلة للمراكز الدولية وربطناها بالمركز السعودي الناشئ الفتي النشط الذي يتمتع به الآن فإن النتيجة تكون ممتازة".

وأكد أن هذه المؤتمرات هي أحد الأسس للتطوير في هذا المركز ومن أهم الأمور التي يجب التركيز عليها ثقافة التحكيم لأنه يجب أن يكون لها الشمولية فيجب أن تكون عند رجال الأعمال كما هي عند القضاة وعند سائر من يتعامل أو له صلة بالتحكيم سواء من المحامين والقانونيين أو الشرعيين أو المهندسين أو غيرهم، مشيرا إلى أهمية الدورات المكثفة لإخراج أشخاص على مستوى المسؤولية لتحمل الأمانة في قضايا التحكيم.

واستعرض الأمير بندر، تاريخ فريق التحكيم السعودي الذي أنشئ في عام 2001م لوجود الحاجة الملحة في تنظيم التحكيم في المملكة، مشيراً إلى أن أعضاءه كانوا من وزارة العدل وديوان المظالم والغرف التجارية ووزارة التجارة ووزارة التعليم وأدخل في حينه وزارة الداخلية والخارجية، مبيناً أن الهدف منها هو توحيد الجهود في التحكيم والخروج بمقترحات نراها اليوم ونلمسها.

من ناحيته، قال الشيخ الدكتور وليد الصمعاني وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء، إن التوسع في التحكيم خاصة التجاري يسهم في سرعة الفصل في المنازعات ورفع الجودة، مشدداً على أنه وسيلة مساندة لتسوية المنازعات بجانب القضاء.

وأوضح أن في نظام التحكيم الصادر عام 1433هـ، وخلال الأعمال التحضيرية، كان التوجه إعطاء أكبر مساحة من المرونة والحرية والسعة لأطراف التحكيم من ناحية اختيار الأطراف واختيار الإجراءات ومن ناحية الطعن في حكم التحكيم، موضحاً أن هذه الحرية لأطراف المنازعات خاصة في التحكيم التجاري من أهم عناصر إنجاح التحكيم.

وأكد أن القطاع الخاص يقوم بدور مهم في تفعيل التحكيم المؤسسي، وننتظر منه جهداً مضاعفاً يضاف إلى الجهد الذي يبذله مجلس الغرف السعودية في المركز السعودي للتحكيم التجاري.

وأشار إلى أن وزارة العدل قبل صدور قرار مجلس الوزراء بإنشاء المركز السعودي للتحكيم التجاري، كان لديها رؤية تتمثل في أن يكون مجال التحكيم بعيداً عن الإشراف الحكومي قدر الإمكان، وهذا ما يلقي بالتبعة ويجعل المسؤولية كبيرة لنمو وتطوير هذا القطاع المهم على الجهات المشرفة على القطاع الخاص وأهمها الغرف التجارية، مؤكداً أن القضاة شاركوا في وضع نظام التحكيم، ونرى انعكاس ذلك على تنفيذ أحكام التحكيم المحلية والدولية في وقت قياسي وفق المعايير الدولية لتنفيذ أحكام التحكيم.

وأكد اهتمام وزارة العدل بالوسائل المساندة لتسوية المنازعات، إضافة إلى الوسائل الوقائية قبل نشوب المنازعات، وتوسيع مجال توثيق العقود والإقرارات وإعطاء هذه الصلاحية للقطاع الخاص، حيث يكون هناك توعية أكبر سواء في قطاع الأعمال في المجال التجاري أو جميع المجالات عموما حيث يكون هناك حرص على تفادي النزاع قبل نشوبه.

وأضاف وزير العدل أن محاكم التنفيذ تلقت خلال السنوات الماضية كثيرا من طلبات التنفيذ سواءً لأحكام محكمين من داخل المملكة أو خارجها، وقد نُفذت خلال فترات تعد قياسية بالمعيار الدولي لتنفيذ أحكام المحكمين، ما يؤكد الأهمية الكبرى لفاعلية اللجوء للتحكيم وأنه الخيار الأنسب والأمثل لأطراف النزاع خاصة في مجال قطاع الأعمال.

ولفت إلى أن الوزارة قامت بمراجعة عدد من إجراءات المحاكم التجارية وهي الآن وضعت مسودة مشروع نظام لإجراءات المحاكم التجارية وفق أحدث المعايير الدولية، لأننا نراهن في الوزارة على أن سهولة الإجراءات تتلافى الأمور السلبية كالفساد.

من جانبه، أعلن المهندس أحمد الراجحي وزير العمل والتنمية الاجتماعية، في أولى جلسات المؤتمر، التي حملت عنوان "التحكيم المؤسسي ودوره في تحقيق "رؤية المملكة 2030"، عن انتقال المحاكم العمالية في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى وزارة العدل خلال الشهر الجاري (20 صفر)، مؤكداً أن عملية الانتقال ستنعكس إيجاباً على سوق العمل وتذلل جميع التحديات التي قد تواجه أطراف العلاقة العمالية.
 
وقال:" إن هيئة تسوية الخلافات العمالية في الوزارة استقبلت العام الماضي نحو 60 ألف قضية، نسبة التسوية الودية منها نحو 15 في المائة فقط"، بينما استقبلت الهيئة خلال الأشهر التسعة من العام الجاري نحو 60 ألف قضية، نسبة التسوية الودية منها نحو 20 في المائة، وذلك بزيادة عن العام الماضي. 

وأوضح أن هناك مشروعا مشتركا مع وزارة العدل تضمن عشرة أهداف، وذلك لقياس التغذية الراجعة، ورفع مستوى الخدمة في القضايا العمالية، لافتا إلى أن الوزارة عملت في هذا الشأن على العقود الإلكترونية التي تتصف بالشفافية من أجل تفادي الخلافات العمالية، إضافة إلى إطلاق برنامج حماية الأجور الذي يعد أحد برامج الوزارة الهادفة إلى توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة في القطاع الخاص، من حيث رفع مستوى الشفافية وحفظ حقوق الأطراف المتعاقدة.

وأفاد المهندس الراجحي، بأن البرنامج يرصد عمليات صرف الأجور لجميع العاملين والعاملات في القطاع الخاص (السعوديين والوافدين)، ويقيس مدى التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت المحدد، وبالقيمة المتفق عليها بين أطراف التعاقد، هادفاً إلى تقليص خلافات الأجور بين المنشآت والعمالة في القطاع الخاص.

بدوره، شدد الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، على ضرورة وجود بيئة استثمارية جاذبة، وهذا سيتحقق مع وجود المركز السعودي للتحكيم التجاري الذي يعزز ثقة المستثمرين.

وأضاف أن وجود بيئة استثمارية جاذبة، يتطلب منصة عدلية جاذبة، وفي ظل "رؤية المملكة 2030" واستهداف استقطاب الاستثمارات الدولية، والشركاء الدوليين، يتأكد وجود بديل مساند يتمثل في التحكيم التجاري.

وأشار إلى أن المجتمع بحاجة إلى التوعية والتعريف بمزايا التحكيم، وجديد هذه الصناعة وتحدياتها، ومجالات تطويرها، مبينا أن وزارة التجارة تبنت مبادرة لافتتاح فروع للمركز السعودي للتحكيم التجاري وإدراج شرط التحكيم الخاص بالمركز في العقود الاسترشادية الخاصة بالوزارة.

من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور حامد ميرة الرئيس التنفيذي للمركز السعودي للتحكيم التجاري إن الأحكام الصادرة من المحكمين نافذة وليس عليها استئناف وهي نقلة نوعية في مجال التحكيم، مشيرا إلى أن الطعن يتم في حالات شكلية محدودة جدا نص عليها النظام.

وأشار إلى أن المعني باستقبال طلبات الطعن هي محاكم الاستئناف، وخلال 60 يوما تأخذ صفة الإنهائية وتكون أشبه بسندات تنفيذية لازمة وتذهب بعد ذلك لمحاكم التنفيذ وتنفذها كسندات دون النظر في المحتوى. 

وأضاف، أن المركز يتم اللجوء إليه في حالتين الأولى في حال أن الأطراف نصوا في العقد على أنه في حال وقوع نزاع فإنه يتم الفصل في النزاع في المركز السعودي للتحكيم التجاري وفي حال لم يكن اتفاق مسبق يجب أن يتفق الطرفان للحصول على سرعة وكفاءة أعلى وأن يلجآ إلى المركز.

وقال إن المركز يدشن اليوم هذه المبادرات النوعية رغم حداثة سنه مقارنة بمراكز التحكيم المؤسسية الأخرى على مستوى العالم، موضحا أن المبادرة الأولى تسمى محكم الطوارئ هي منتج نوعي خاص يتعهد بموجبه المركز تعيين محكم متخصص خلال 24 ساعة من تقديم الدعوة في ظروف خاصة نصت عليها القواعد والإجراءات للفصل في هذا الطلب الذي يكون تحفظيا لحفظ مسار العدالة حتى تعين هيئة للتحكيم.

وأوضح أن المنتج الثاني يسمى قواعد الإجراءات المعجلة وهو منتج يستهدف بشكل رئيس قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة لدعمها وتشجيعها وتكلفة التحكيم فيه أقل بنحو 20 في المائة والإجراءات أسرع، وهو يهدف إلى تحقيق عدالة فاعلة وناجحة بتكلفة أقل وسرعة أعلى.

وعن المنتج الثالث وهو منتج نوعي يمثل النقلة الإلكترونية التي تشهدها القطاعات الحكومية والوزارات ويسمى تسوية المنازعات عن طريق الإنترنت، وهذا المنتج تتم تسوية المنازعة منذ تقديمها وحتى صدور الحكم دون أن يرى شخص شخصا بمعنى أنه إلكتروني بشكل كامل.

وأضاف أن المبادرة الرابعة وهي مبادرة نوعية كبرى وهي الزمالة المهنية المتخصصة أو ما يعرف بالزمالة الدولية في التحكيم التجاري وهذه الزمالة هي زمالة مهنية دولية تهدف إلى إكساب المعلومة والمهارة، وتهدف إلى إكساب أفضل المهارات للمحامين ليكونوا خبراء ومحكمين دوليين وهذه الزمالة تقدم في أكثر من 133 دولة و16 ألف زميل في العالم ويشترط عديد من المراكز هذه الزمالة للانضمام لقائمة المحايدين أو قائمة المحكمين وستكون باللغة العربية وقريبا بالإنجليزية وهي حل لدورات الوهم التي عاناها الناس لتعطي معنى المحكم الحقيقي.

وأوضح أن المبادرة الخامسة تهدف إلى توفير أجواء تنافسية وتسمى المنافسة الشبابية الدولية وهي تكمل دور الجامعات، وتستهدف طلاب القانون والشريعة وإعطاء البعد العملي في جو من المنافسة وحتى أساتذة الجامعات.

© الاقتصادية 2018