كما نرى كل يوم منذ مطلع العام الحالي، لجائحة كوفيد-19 تداعيات هائلة على الاقتصاد العالمي وأسعار السلع وحركة التجارة.

اما بالنسبة لدول منطقة الخليج والدول النفطية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط تعتبر هذه الجائحة وتداعياتها بمثابة جرس إنذار ينبهها لمخاطر الاعتماد على سوق واحدة في تصريف منتجها الرئيسي: فالنفط وحده لا يكفي 
ولكن هذا بالطبع ليس بالكلام الجديد وهناك العديد من النظريات والاقتراحات التي تداولها عدد كبير من المحللين عبر قنوات اعلامية وبحثية متعددة. 

ولدي اقتراح - من وجهة نظر محددة أكثر ومرتبطة تحديدا بالاستثمارات الصينية. 

لابد من إعادة تقييم الاعتماد المتزايد والارتباط المتبادل بين اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة والنمور الآسيوية، وعلى رأسها الصين، من جهة أخرى.

فكان احتياج الصين للطاقة الذي تكاد تلبيه بالكامل شحنات النفط والغاز من الدول العربية في السنوات الأخيرة هو المحرك الرئيسي لاستثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في المشروعات الصينية المحلية. ومن مظاهر تطور هذه العلاقة بين الدول العربية والصين تسليم عدد من مشروعات النفط والغاز الجديدة في المنطقة لمستثمرين ومشغلين صينيين.

 وهذا جيد ولكن، إن رغبة الصين القوية في تجديد روابطها الاقتصادية العالمية المرتبطة بشروطها الخاصة لن تكون الركيزة الاقتصادية والمالية التي ستبني عليها جهود التنويع الاقتصادي التي تحتاجها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة دول الخليج.

الصين تركز على مصالحها أولا 

من الممكن القول أن مبادرة الحزام والطريق التي تتبناها الصين حاليا تبدو جذابة ومليئة بالفرص بينما قد يراها البعض شكل جديد من أشكال الاستعمار وذلك لأن الدافع الأساسي لدعم الصين المالي أو الاقتصادي أو حتى الحربي لشركائها أو زبائنها لا يخدم سوى مصالحها الخاصة فقط.

 
ففي الوقت الذي انخرطت فيه الصين بشكل كبير في العمل مع كيانات حكومية في منطقة الشرق الأوسط، مثل أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية وغيرهما، كانت استثماراتها هامشية في المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو المحاور الاقتصادية الجديدة.

 
 فالمحور الرئيسي الذي يركز عليه المشغلون والمستثمرون الصينيون هو البنية التحتية والنفط والغاز والطاقة والمشروعات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات بينما يحتاج الخليج إلى استثمارات في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، الزراعة والغذاء. 
 
التحالفات الاستراتيجية بين الدول العربية والصين مختلفة تماما عن تلك التي بين السعودية والولايات المتحدة أو الإمارات والولايات المتحدة، لأن تلك التحالفات مع الولايات المتحدة عادة ما تشمل التزامات مالية واقتصادية وأمنية . 
  
وحتى رغم الانتقادات الموجهة لالتزامات واشنطن تجاه أمن المنطقة، فإن الصين لا تأخذ على عاتقها أي التزامات عسكرية إلا إذا كانت تصب في مصلحتها بشكل كامل.


وأخيرا يجب ان ندرك ان الصين قد تكون صاحبة المنتجات المذهلة، الحديثة والرخيصة ولكن لا يجب ان ننسى انها ليست صانعة أو مطورة التكنولوجيا وراء هذه الصناعات وان أسس تنويع أي اقتصاد يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا.
 
لقراءة  مقالات  سابقة  لCyril  عن  السعودية  وقطاع  الطاقة:

أوبك + وأمريكا في معركة تشبه روايات هاري بوتر

بين أزمة كورونا وتدهور أسعار النفط، تظهر فرصة لشركات النفط الوطنية

هل ستتخلص دول مجلس التعاون الخليجي من اعتمادها على النفط بحلول 2040؟

اجتماع حاسم لأوبك اليوم: استراتيجية خفض الإنتاج موضع اختبار

هل تهدد الأوضاع الحالية للسوق حلم مصر في مجال الطاقة؟

إنتاج النفط الليبي وقت القذافي وبعد القذافي.. كيف هو الوضع؟

توقعات نفطية... حال النفط ومستقبله

تعديلات قطاع الطاقة السعودي... ماذا تعني؟

ماذا سيحدث لأسعار النفط في حالة نشوب حرب مع إيران؟

استهداف الشمس ... هل الطاقة الشمسية هي الحل في الشرق الأوسط؟

هجوم بقيق غير المعادلة

نفط وغاز الجزائر .. هل ينقذوها من أزمتها الاقتصادية الحالية؟


(تم التواصل مع Cyril عبر موقع WriteCaliber)
(ترجمة وتحرير رنا منير البويطي، مترجمة ومحررة مستقلة، وعملت سابقا بموقع أصوات مصرية الذي كان يتبع مؤسسة تومسون رويترز)

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.