24 09 2018

قال مختصون اقتصاديون، إن المشاريع السياحية الجديدة التي أطلقتها السعودية ستعمل على تعزيز الميزة النسبية للمملكة مقارنة بدول المنطقة، وتفتح آفاقا رحبة أمام القطاع الخاص ليكون له دور محوري في قطاع السياحة والاستثمار.

وأكدوا لـ"الاقتصادية" أن هذه المشروعات ستزيد من حجم الامتيازات التجارية، والفرص الاستثمارية، إضافة إلى تعزيز دور المنشآت التجارية والاستثمارية، وتنويع مصادر الدخل، وتقوية الركائز الاقتصادية، فضلا عن تغييرها الطبيعة الديموغرافية للمملكة مع إقامة مشروع "نيوم" الذي يحاكي مدن المستقبل.

وقال الدكتور عبدالله الزهراني مختص في تخطيط المدن والاستثمار السياحي، إن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد فاجأ العالم بمشروع "نيوم" الذي يصب في بناء المستقبل ويقود إلى مزيد من النهوض بالوطن يصنع مستقبل أجيال ويشد العزائم ويدفع إلى العمل الإبداعي.

ولفت إلى أن مشروع "نيوم" سيكون مشروع نهضة وليس مشروعا تقليديا، وسيقود ثورة تقنية واقتصادية ومعرفية أعدت للمستقبل، ستمكن المملكة من الدخول إلى عالم الذكاء الاصطناعي، وستحقق مكتسبات اقتصادية كبيرة.

وأضاف أن معنى مسمى المشروع هو البداية والمستقبل الجديد، فنحن الآن نبني المستقبل، وهو عنوان كبير لمشروع طموح يقوده شباب يريد أن يجعل هذه البلاد نموذجا للبلدان، مؤكدا أن "نيوم" بقدر ما هو مشروع إبداعي وفريد من حيث الأهداف والأدوات، فإن مقوماته المعلنة تضمن نجاحه، لسبب وجيه هو أن المشروع يجمع بين الإبداع والتنوع، ويتيح للإنسان المبدع الدخول فيه والإسهام في تحقيق أهدافه، دون النظر إلى وطنه أو جنسه، مشيرا إلى أنه سيتم إنشاؤه ببنية تحتية جديدة، وسيكون منطقة جذب لما فيه من مميزات، لأنه من المتوقع أن يربط بين القارات الثلاث، ويمكن الوصول إليه خلال ثماني ساعات من القارات الثلاث، وإطلالته على البحر تعد عاملا جوهريا في مجال التجارة العالمية، بسبب استحواذ البحر الأحمر على نسبة 10 في المائة من حركة التجارة العالمية، التي يتوقع أن تزيد مع انطلاقة المشروع.

وتابع الزهراني، أن المشروع العملاق سيحقق مكتسبات اقتصادية هائلة وضخمة، وذلك في جلب ما يفوق ربع تريليون ريال سعودي، والحد من تسرب أموال في الاستثمارات الخارجية لأموال المواطنين لما تتوافر من قوانين تضمن نجاح وجذب المستثمرين، فضلا عن إعلان المملكة عن ضخ مبلغ 500 مليار دولار من خلال صندوق الاستثمارات العامة مما يؤدي إلى رفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من متوسط دخل الفرد لتكون من أعلى الحصص العالمية خلال السنوات المقبلة.

وأردف، "كما نلاحظ أن الاهتمام بالجانب البشري وتنميته لم يغفل عنها "نيوم"، وذلك من خلال ما أعلن من توفير مستوى معيشة متقدم، وزيادة الفرص للشباب السعودي الطموح لرفع قدراته والحصول على أفضل الفرص التعليمية والتقنية المتقدمة والابتكار، وكذلك الخدمات الصحية، نظرا لما سيوفره المشروع من نمط حياة وفق أفضل المعايير العالمية في مجالات التقنية والفنون والتعليم وغيرها، التي ستحد من هجرة الأموال، وبالتالي توجيهها إلى هذا المشروع وهو ما سيزيد من كفاءة الاقتصاد وتنمية الموارد للمملكة، منوها إلى أن نجاح هذا المشروع يعتمد بشكل كبير كما ذكر ولي العهد على الشباب السعودي الطموح في إدارته وتقديمه للعالم وفق أفضل صورة تليق بمكانة واقتصاد المملكة بين دول العالم.

من جانبه، قال حسام الغامدي المحلل الاقتصادي، إن "نيوم" من المشاريع العملاقة، وستعمل على استقطاب المستثمرين العالميين، وسيجعل المشروع تلك المنطقة من أهم العواصم الاقتصادية والعلمية من حيث التطوير والتنمية، وسوف تحوي مشاريع عملاقة وضخمة، وستولد فرصا في قطاعات استثمارية متنوعة، منها ما هو في مجال الطاقة والمياه والغذاء والعلوم التقنية والرقمية والصناعة والترفيه، ويأتي التأثير الكبير أيضا من خلال الموقع في وسط حركة التجارة العالمية، ومن المرجح أن تتمتع بسوق كبيرة جدا، خاصة بعد اتساع حجم الإنتاج والاستثمار، وهي تتميز بمدخلات الإنتاج الضرورية.
 
وأضاف، أن تلك المشاريع تعمل على توليد فرص العمل في جميع القطاعات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات المحلية والانتقال إلي التصدير، خاصة إذا تم توفير بيئة عمل احترافية وبنية تحتية جيدة، وتعزيز الابتكار والاستفادة من المميزات التنافسية وتطويرها بما يسمح برفع كفاءة الإنتاج، والمساهمة في الناتج المحلي، سوف يكون عاملا رئيسا لدعمها كي تسهم في زيادة حجم الامتيازات التجارية، وعرض الفرص الاستثمارية، وتعزيز دور المنشآت التجارية والاستثمارية، وتوفير مشاريع ذات طابع استثماري، وتنويع الركائز الاقتصادية، وإنشاء مشاريع تجارية جديدة قادرة على توفير بيئة استثمارية جاذبة، وتعزيز مبدأ الشراكة بين الدول العربية لزيادة العوائد والمردود، وتحسين دخل العاملين، وزيادة حجم الطاقة الإنتاجية المتاحة، وتحسن الاستثمار، والاستفادة من حركة التجارة والسياحة.

بدوره، قال سلمان الشمري محلل اقتصادي، إنه لا بد من العمل على التنمية الشاملة لزيادة حجم الاستثمارات السياحية، واستكمال بنيتها التحتية، والاستفادة من الجدوى الاقتصادية والتسويقية للمشروعات، بهدف تنويع مصادر الدخل، وتوليد فرص استثمارية في القطاع السياحي، وجذب مستثمرين في المجال الصناعي، ولرفع جاذبية بيئة الأعمال، والاستثمار لدى المستثمرين الأجانب لرفع مستويات النمو الاقتصادي، وفرصة لاستقطاب الاستثمارات النوعية وتعزيز البنية الاقتصادية بالمشاريع ذات القيمة المضافة، وتوليد الوظائف وزيادة أهمية دور القطاع الخاص في التنمية.

وأضاف أن مشروع المدينة الترفيهية "القدية" من المشاريع الضخمة التي تسهم في توفير فرص العمل، وهناك جدوى اقتصادية كبيرة للمشروع، وسوف تكون نسبة العائد على الاستثمار مرتفعة، منوها إلى أن منطقة "نيوم" تحوي مشاريع تقنيات المستقبل، لتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية والطائرات ذاتية القيادة والشبكات المجانية للإنترنت والتعليم المجاني على الإنترنت بمعايير عالمية.

من جهته، قال محمد الضحيان المحلل الاقتصادي إن الجزر السياحية السعودية فرص استثمارية متاحة أمام رجال الأعمال للاستفادة منها إما باستثمارها في هيئة منتجعات صحية وعلاجية وإما لإقامة الرحلات البحرية، وتعد رافدا مهما لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال، وهو ما سيجعلها مركزا ماليا واستثماريا مهما، خاصة أنها ذات طبيعة تتميز بها عن غيرها من الدول التي تعتمد علي الجزر في جذب الاستثمارات أو الدخل، مضيفا أن أكثر ما يميزها الطقس المتنوع بسبب مساحتها وهو ما يجعلها مقصدا مهما للسياح، ويرفع العوائد على الاستثمارات السياحية.

وأشار إلي أن الاستثمار في الجزر يعد عاملا مهما في تعزيز التجارة ونهضة مشاريع تطوير البنية التحتية، وإيجاد شراكات وطرح فرص في مجال الرعاية الصحية والفنادق والمنتجعات، وستنمو مشاريع قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وما يدعمه كون الاقتصاد السعودي يعد من بين الاقتصادات المهمة والمؤثرة على مستوى العالم.

من جانبه، قال الدكتور بندر المر المختص في الهندسة البيئية في قسم علوم البيئة، إن الجزر السعودية لم تتأثر بأي ملوثات وبيئتها والأحياء البحرية الموجودة فيها ليس فيها أي تلوث، ودرجة حرارة البحر من 30 إلي 34 درجة مئوية، ما يجعلها مناسبة للغواصين وفيها كائنات نادرة يتميز بها البحر الأحمر، والحياة الطبيعية في المنطقة نادرة وغير موجودة في أي مكان آخر من العالم، ولذلك سيفضلها أيضا الغواصون الباحثون عن الاكتشاف، وستكون منطقة غنية علمية بسبب الكائنات الموجودة بها التي لم تكتشف، إضافة إلى وفرة الأسماك باعتبارها منطقة ناشئة وفيها ثروة سمكية كبيرة يمكن الاستفادة منها، وسوف تكون عامل جذب لهواة الصيد.

وأضاف أن سرعة الرياح المتوسطة، تجعل الجزر مناسبة للرحلات البحرية، وتتميز بصفاء ونقاء المياه الذي يسمح برؤية القاع من سطح المياه، وهي مثالية للاسترخاء والعلاجات الطبيعية، والمنتجعات السياحية مثل جزر المالديف وهو ما سيجذب السياح للمنطقة. وقال الدكتور محمود إبراهيم الدوعان نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة الملك عبدالعزيز سابقا، إن الجزر السعودية تتميز بصفاء الماء ونقائه العالي، ونسبة الملوحة، ونمو الشعب المرجانية، وتنافس جزر إسبانيا واليونان بسبب ارتفاع درجة العكورة في المياه، وهي ما تنعكس علي الشعب المرجانية وتؤثر فيها بسبب خصائصها، فهي لا تنمو إلا في بيئة محددة، وأهمها الدرجة التي تكون بين 22 و23 درجة مئوية، وثانيا صفاء ونقاء الماء، حيث إن التلوث يوقف نمو الشعب المرجانية، مؤكدا أنها سوف تستقطب السياح من داخل المملكة وخارجها.

وأكد أن اختيار الجزر يعتمد علي عدة عوامل، أهمها أن تكون الجزر مرتفعة عن حركة المد والجزر في البحر، ولذلك من الممكن إرسال لجنة استكشافية لتدرسها بشكل متأن واف من الناحية الطبيعية والجيولوجية، علي أن تقدم تقارير بأنسب الجزر لسياحة حاليا، ويمكن إنشاء المنشآت التي تتعلق بالغوص وغيرها من الخدمات، والطقس يجعل الجزر من أنسب الأماكن للرحلات.

وأضاف أن البحر يعمل علي تلطيف الطقس بحسب التيارات المائية المارة في البحر الأحمر، حيث تلطف التيارات المائية في الصيف الطقس وتجعله معتدلا وفي الشتاء تجعله دافئا ويميل إلى الاعتدال، مبينا أن البيئة الطبيعية للشعب المرجانية وتنوع الأسماك والأحياء المائية في البحر الأحمر هي ما يبحث عنها السائح، وهي جاذبة لحركة الغوص، موضحا أنه من المعروف أن هواة الغوص يبحثون عن المناطق المناسبة في للغوص، التي تتميز بالمناطق الجميلة والشمس الساطعة.

وأفاد بأن درجة الملوحة في المنطقة الشمالية للبحر الأحمر نحو 41 من ألف، وهي مناسبة جدا، موضحا أن عدم ارتفاع نسبة الملوحة يرجع إلى شدة الحرارة، والتبخير، مبينا أن الرمال البيضاء علي الشواطئ هي نتيجة لعملية نحت علي الصخور الجيرية الموجودة في داخل البحر، وحملتها التيارات المائية إلي الشواطئ لتكون الرمال البيضاء الجميلة والنقية، والأهم أنها غير ملوثة وهي مكان مثالي لإنشاء المنتجعات الصحية، فهي بعيدة عن الملوثات السلبية التي تؤثر في جودة الماء.

وأبان أن الجزر ستكون مناسبة جدا للصيد، بسبب التنوع الحيوي الكبير، وهو ما يجعل حركة الصيد كبيرة جدا، مضيفا أنه من الممكن إقامة رحلات بحرية متنوعة للصيد والغوص، إضافة إلى إنشاء الفنادق الكبيرة والبيوت الخشبية، لتكون بأسعار متنوعة تستقطب الجميع، خاصة أن السياح يبحثون عن مناطق تتميز بالدفء والنقاء، مؤكدا أنه يمكن الاستفادة من تجارب فرنسا وإسبانيا واليونان.

© الاقتصادية 2018