21 09 2017

ذكر تقرير حديث لـ «مارمور مينا إنتليجنس»، شركة الأبحاث التابعة للمركز المالي الكويتي «المركز»، أنه على الرغم من التأثير واسع النطاق لصناديق المعاشات التقاعدية على الاقتصاد كونها ثاني أكبر فئة استثمارية في المنطقة بعد صناديق الثروة السيادية، إلا أنها لا تتلقى التغطية الكافية من الأبحاث التفصيلية المستفيضة، إذ يؤكد التقرير أن الصناديق التقاعدية، كونها واحدة من أكبر فئات المستثمرين، تعد قوة مهمة لاستقرار ونمو أسواق الخليج.

وأشار تقرير مارمور إلى أن الصناديق التقاعدية ظهرت منذ فترة قريبة في دول الخليج، باستثناء الكويت التي أسست صندوق تقاعد عام 1955، والسعودية التي أسست نظاماً شبيهاً عام 1958، وحتى وقت قريب، لم تحظ بعض المفاهيم، مثل استحقاقات التقاعد وتوزيع العائدات على المواطنين، باهتمام كبير؛ نتيجة للرواتب الحكومية السخية والمزايا الأخرى المتعلقة بها.

بالإضافة إلى ارتفاع نسبة العمالة الوافدة، وتؤدي المعلومات التي لا تتسم بالشفافية بشأن حسابات التأمين، والقيود التي تفرضها الجهات المعنية على تداول البيانات والكشف عنها علانية إلى صعوبة بالغة في تقييم ملاءة واستدامة نظم المعاشات التقاعدية الحالية.

تزايد

وأوضح التقرير أنه نتيجة للنموّ الاقتصادي السريع في دول الخليج، تزايَد إجمالي عدد السكان بأكثر من 10 أضعاف خلال ما يزيد قليلًا على نصف قرن، ما يُعدّ أسرع معدل للنموّ السكاني مقارنةً بأيّ منطقة أخرى بالعالم خلال هذه الفترة. ومِن المقدّر أن يستمر ازدياد عدد السكان بمقدّار ثُلث آخر ليصل إلى 53 مليون نسمة بحلول 2020.

وبحسب التقرير، يَنعكس النمو المتضخّم في عدد السكان والتحديّات التي تواجهه على معدلات البطالة المتزايدة باطّراد، حيث تساهم وسائل الرعاية الصحية المتطوّرة والمتوفرة حاليًّا في دول مجلس التعاون الخليجي في رفع متوسّط أعمار المتقاعدين. وأسفرت برامج التقاعد المبكّر والتعويضات المالية المرتفعة عن وجود فجوة بين الأصول والخصوم تستوجب اهتمامًا عاجلًا.

إسهام

وأفاد التقرير بأنه وبالنظر إلى الجانب الإيجابي، أسهمت الديموغرافيا الحالية لدول الخليج، التي تهيّمن عليها الفئة الشابة من السكان، في توسّع قاعدة التسجيل في برامج التقاعد والتخلّص من مزيد من الأصول. ومِن المتوقع نمو فئة صناديق المعاشات التقاعدية في المستقبل مع تحوّل دول مجلس التعاون الخليجي من خلال تصوّراتها الاقتصادية.

ووفقًا لتقديراتنا، مِن المقدّر لأصول صناديق المعاشات التقاعدية في دول المجلس أن تبلغ 602.4 مليار دولار بحلول 2020، على أن تصل إلى 938.6 مليار دولار بحلول 2050. ومِن المرجّح لجيل الألفية، الذي يدخل حاليًّا ضمن القوى العاملة، أن يَقضي من 30 إلى 40 عاماً فيها قبل التقاعد، إلا أن أنظمة التقاعد في دول التعاون لا تزال في مرحلتها الأوّلية الناشئة، ولا تموّل إلا جزئيًّا.

حيث تسدد معظم مخصّصات التقاعد من خلال المساهمات الفائضة من الموظفين، لا من خلال إيرادات أصول المعاشات التقاعدية. وقد لا يستمر هذا الوضع مستقبلًا إذا لم تحدث إصلاحات هيكلية على نظام التقاعد.

امتلاك

ووفق التقرير، تمتلك صناديق المعاشات التقاعدية حقّ الاستثمار في الأسواق المالية المحلية، حيث تسهم تلك الصناديق حاليًّا فيما يقرب من 5% من قيمة رأسمال الأسواق الخليجية. وتمتلك السعودية أعلى نسبة استثمار في الأسواق المالية، تليها الكويت. وتقوم هذه الدول بوظيفة المستثمرين الأساسيين الذين يتمتّعون بأفق استثماري بعيد المدى، ويوفّرون الدعم اللازم في أوقات الأزمات، ويحدّون من مخاطر تقلّب الأسواق.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار النمو في أصول المعاشات التقاعدية من بين الفئة الشابة من السكان، فإنّ هذه الصناديق لها القدرة على المخاطرة بنسب أعلى. ويجب استغلال هذه الفرصة لتوسيع نطاق الاستثمارات، والتعمّق في منتجات مثل صناديق المؤشّرات المتداولة وصناديق الاستثمار العقارية وغيرهما من الاستثمارات المُهيكلة.

قاعدة

أفاد التقرير أنه لا يوجد في الوقت الحالي قاعدة واحدة مناسبة للجميع يمكنها أن تحدّد المستوى الملائم للتقاعد الأساسي أو القيمة البديلة. وتحتاج دول الخليج إلى أن تأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل للوصول إلى التوليفة الصحيحة، حيث أن العوامل الثقافية مثل التركيبة الأسرية أو رغبة الأفراد للادّخار من أجل الاستعداد لخريف العمر تلعب دورًا كبيرًا.

ويجب النظر إلى العوامل الاقتصادية كذلك، مثل المستوى العام لمعيشة السّكان، والتقديرات المتعلّقة بالحدّ الأدنى من احتياجات الاستهلاك، ووجود برامج المساعدات الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية الأخرى، والتكاليف.

© البيان 2017