زاوية عربي

من عبد القادر رمضان لموقع زاوية عربي

تراجع صافي احتياطي مصر من النقد الأجنبي في شهر مارس الماضي لأول مرة منذ 14 شهر إلى 40.1 مليار دولار بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، بحسب بيانات البنك المركزي.

وأصدر المركزي المصري بيان يوضح فيه أسباب انخفاض الاحتياطي الذي استمر في الارتفاع على مدار أكثر من عام وسجل أرقام قياسية.

وقال محللون لزاوية عربي إن انخفاض الاحتياطي النقدي يعبر عن اتجاه البنك المركزي لدعم سعر صرف الجنيه والحفاظ على مستوى الأسعار، من خلال تغطية عجز العملة الأجنبية في السوق بسبب تداعيات فيروس كورونا.

وفي هذا التقرير مزيد من التفاصيل عن أسباب تراجع الاحتياطي النقدي في مصر.

ولكن أولا ما هو الاحتياطي الأجنبي المصري؟

هو مجموعة الأصول الأجنبية التي يمتلكها البنك المركزي، والتي تتضمن ذهب وعملات أجنبية واحتياطيات لدى صندوق النقد الدولي واستثمارات دولية.

ويهدف الاحتياطي إلى توفير السيولة اللازمة من العملات الأجنبية لتغطية وتأمين واردات البلاد لعدد من الشهور لا يقل عادة عن 3 أشهر.

خلفية سريعة عن احتياطي النقد الأجنبي في مصر

وصل احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي لمستوى غير مسبوق في فبراير الماضي عند 45.5 مليار دولار قبل أن يتراجع إلى حوالي 40.1 مليار دولار في نهاية مارس، بحسب بيانات البنك المركزي.

وكان احتياطي النقد الأجنبي قد تراجع بشكل كبير بعد ثورة يناير 2011 ووصل إلى مستوى 13.6 مليار دولار في يناير 2013، قبل أن يعاود الصعود تدريجيا، وفق بيانات البنك المركزي.

وكان احتياطي النقد الأجنبي المصري قبل ثورة يناير حوالي 36 مليار دولار.

وبعد تعويم الجنيه في مصر والاتفاق مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، صعد احتياطي النقد الأجنبي بشكل متواصل متخطيا مستوى 45 مليار دولار لأول مرة في تاريخه، بحسب بيانات البنك المركزي.

أسباب تراجع الاحتياطي الأجنبي في الوقت الحالي

قال البنك المركزي المصري، في بيانه الصادر مساء أمس الثلاثاء، إنه استخدم حوالي 5.4 مليار دولار من الاحتياطي النقدي لتغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي، وتراجع استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، وضمان استيراد السلع الاستراتيجية، وسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية للدولة.

وأضاف أن هذه الخطوة "تأتي التزاما بدور البنك المركزي في الحفاظ على استقرار الأسواق المصرية وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المضطربة عالميا".

وذكر المركزي أنه رغم تراجع الاحتياطيات الدولية، فإنها لا تزال تغطي واردات البلاد لمدة 8 أشهر، متخطية المعدلات الدولية التي لا تزيد في بعض الدول على 3 أشهر فقط، بحسب البيان.

تعليقات خبراء اقتصاديين

قالت سارة سعادة محللة الاقتصاد الكلي في شركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمارات في مصر، إن تراجع الاحتياطي النقدي يرجع بشكل أساسي إلى تخارج استثمارات الأجانب في أدوت الدين الحكومية.

"التقديرات تشير إلى خروج حوالي 10 مليارات دولار من استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية، وهو ما يقرب من نصف رصيد هذه الاستثمارات، وذلك بسبب موجة خروج الأجانب من الأسواق الناشئة، وليس لسبب متعلق بمصر،" بحسب ما قالته سارة في اتصال هاتفي مع زاوية عربي من القاهرة.

نبذة سريعة عن استثمارات الأجانب في أدوات الدين

أدوات الدين هي أوراق مالية مثل السندات وأذون الخزانة تطرحها الحكومة للاقتراض من أجل تغطية عجز الموازنة -  وهو الفارق بين إيرادات ومصروفات الدولة.

وبلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية 22 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2020، بحسب تصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط.

التأثيرات على الجنيه المصري

قال هاني جنينة الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لإدارة البحوث الاقتصادية في بنك استثمار برايم، إن استخدام المركزي لاحتياطي النقد الأجنبي لتغطية عجز العملة الصعبة في السوق خلال مارس، يشير إلى أن "المركزي استقر على أن الحفاظ على معدلات التضخم -عن طريق السيطرة على سعر الصرف- هو هدف شديد الأهمية في هذه المرحلة لخفض العبء علي المواطن".

ويرى هاني أن انخفاض سعر العملة في الوقت الحالي سيكون له أضرار أكبر من الإيجابيات في ظل القيود التي تفرضها دول العالم حاليا لمواجهة كورونا، وبالتالي لن تستفيد السياحة والتصدير من تراجع الجنيه.

وهو ما اتفقت معه سارة التي قالت إن الإعلان عن تراجع الاحتياطي يبرر الاستقرار النسبي في الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة، رغم تراجع موارد العملة بسبب كورونا وخصوصا السياحة واستثمارات الأجانب.

وقالت سارة إن "المركزي أخرج جزء من الاحتياطي لتلبية احتياجات السوق، والحفاظ على مستوى العملة، وهذا منطقي ومتوقع ولا يمثل مفاجئة سلبية، لأننا في ظروف استثنائية، وهذا هو الوقت الذي من أجله تبني الدولة الاحتياطيات الأجنبية". 

لا تتوقع سارة تحرك كبير في أسعار صرف الجنيه أمام الدولار وأن يحافظ على مستوياته الحالية، مع سياسة البنك المركزي التي اتبعها مؤخرا في التخلي عن جزء من الاحتياطي لتلبية العجز من العملة الصعبة في السوق.

"بناء على ما نراه من تحركات للبنك المركزي، فإن الجنيه قد يشهد انخفاض بسيط، في الشهور المقبلة، مع استعداد المركزي لمزيد من الانخفاض في الاحتياطي لتغطية العجز الناتج عن تراجع إيرادات بعض القطاعات مثل السياحة"، بحسب ما قالته سارة.

وتحول سعر صرف الجنيه للانخفاض أمام الدولار في الأسبوع الأخير من شهر فبراير الماضي، بعد أن حقق مكاسب كبيرة في الفترة السابقة، ووصل حاليا إلى حوالي 15.80 جنيه بحسب بيانات البنك المركزي.

هل نتوقع مزيد من التراجع؟

قالت سارة إن الاحتياطي الأجنبي قد يشهد مزيد من التراجع في الشهور المقبلة، ولكن بوتيرة أقل كثيرا لأن الخروج الكبير للأجانب قد حدث بالفعل في مارس الماضي.

وقال هاني إن استخدام المركزي لاحتياطي النقد الأجنبي يشير إلى "أنه يرى أن أمد الأزمة لن يطول وبالتالي فإن الانخفاض الوقتي في الاحتياطي سيتم تعويضه بمجرد تعافي ميزان المعاملات الجارية و التدفقات الاستثمارية".

وترى سارة أن الاحتياطي لا يزال في موقف قوي وقادر على تغطية واردات البلاد والتزاماتها الخارجية لفترة كبيرة، وهي لا تزال كذلك أكبر من مستوياتها قبل ثورة يناير.

(ويعمل عبدالقادر في موقع مصراوي المصري كما انه عمل سابقا في عدة مؤسسات منها، موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وجريدة البورصة المصرية، وقناة سي بي سي الفضائية المصرية)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© ZAWYA 2020

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـا