كان من المنتظر ان يصدر قانون العفو بحسب "وعد" رئيس الحكومة سعد الحريري وبعض الاشارات الصادرة من قصر بعبدا مطلع شهر شباط الحالي، لكن الاحداث السياسية التي جرت جمدت كل الملفات ومنها القانون على حساب ترتيب الوضع السياسي واعادة انتظام الحياة السياسية.

وعليه فان القانون الذي يتجول بين المقرات الرسمية من وزارة العدل الى رئاسة الجمهورية فالسراي الحكومي من المرجح ان يبصر النور في غضون الاسابيع المقبلة وفي مهلة لا تتعدى شهر نيسان بعد ان يسلك المسار القانوني ويوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وبعد ان يخضع لجلسة تشريعية استثنائية، خصوصاً وان رئيس الجمهورية يتطلع من بداية عهده الى هذا الملف فيما اعطى رئيس الحكومة كلمته لاهالي الموقوفين واللجان التي تطالبه باقرار هذا القانون الذي يشكل خطوة نوعية في المسار القانوني وفي موضوع التعامل مع قضية بهذا الحجم.

واذا كان ثمة من يعتبر ان الانتخابات النيابية شكلت عامل ضاغط ومسرع في اتجاه اقرار العفو العام، وان كل الاحزاب والقوى السياسية تتطلع اليه لتقوية شعبيتها على ابواب الانتخابات، فان هذا الملف هو بدون شك ملف كبير ودقيق يفترض التعامل معه بدراية وموضوعية لتفادي ارتكاب "فاولات" او اخطاء وليكون في مساره الصحيح، فالواضح ان القانون يخضع للمثالثة وهو موزع على الشكل التالي، الاسلاميون للحريري ومطلوبي البقاع للشيعة والهاربون الى اسرائيل للمسيحيين، وفي هذا كله فان رئيس الحكومة الذي يسعى الى العفو منذ فترة في اطار تسوية هذا الملف مع حسابات تأخذ بعين الاعتبار شعبيته السنية هو الاكثر احراجاً في هذه المسألة تحت ضغط اهالي الاسلاميين الموقوفين في سجن رومية الذين لا يمكن ان يشملهم الملف خصوصاً وان رئيس الجمهورية وضع خطاً احمر امام العفو للارهابيين ولقاتلي ضباط وعناصر الجيش اللبناني وفي مقدمة هؤلاء الأسير ومجموعة عبرا.

واذا كانت وجهة نظر اهالي الموقوفين الاسلاميين ومحاميهم بان الحكم بحق موقوفي عبرا والشيخ احمد الأسير ليس عادلاً في اطار التفاوض للدخول على خط العفو، فان رئيس الجمهورية ومعه حزب الله يرفضان رفضاً قاطعاً ان يشمل العفو الاسلاميين المتهمين بالاعتداء على الجيش وهذا الموضوع يربك رئيس الحكومة امام طائفته، ولكنه لن يكون وفق اوساط مطلعة مؤثراً او حاجزاً في طريق المرسوم خصوصاً ان تسوية يتم بحثها وفق اوساط مطلعة على ترتيب وضع السجناء الاسلاميين الذين لن يشملهم العفو بتخفيض سنوات سجنهم وعقوباتهم.

وبحسب اوساط فان المراجع الرسمية التي اطلعت على دراسة قانونية سابقة في هذا المجال فوجئت بالارقام الكبيرة للسجناء الذين سيشملهم العفو ممن صدرت بحقهم مذكرات توقيف من الطائفة الشيعية ويصل الى ما يقارب الـ 48000 مذكرة، ولحوالي ثلاثة آلاف مقيم في دولة العدو الاسرائيلي كما كان يضم عدداً من الاسلاميين، لكن المرسوم الذي يعمل عليه اليوم يحظى بسرية تامة في موضوع الارقام بعدما ادخلت عليه تعديلات كثيرة.

ملف العفو على حاجته واهميته القانونية الا ان مصالح القوى السياسية وحسابات شعبويتها تتداخل فيه ايضاً، حيث يستفيد منه الموقوفون كما السياسيين، فالتيار الوطني الحر يريد انهاء ملف المتهمين بالفرار الى اسرائيل او المبعدين قسراً كما يسميهم رئيس الجمهورية، حزب الله يرزح تحت ضغوط مذكرات التوقيف الكبيرة للشيعة والحريري يعيش ثقل ملف الاسلاميين وتحركاتهم الدائمة في الانتخابات وغيرها من المحطات.

لكن قانون العفو سيخضع اولاً وآخراً لتوجيهات رئيس الجمهورية الذي قالها بالفم الملآن لاهالي العسكريين الشهداء "لن أوقع على عفو لمن قتل ابناءكم العسكريين"، وعند حدود الكلمة الرئاسية توقفت تحركات اهالي الشهداء، حيث ان العفو سيطال فقط الجنح والجنايات الخفيفة ويستثني العمليات ذات الطابع الارهابي وجرائم القتل الفردية والعسكريين والجنايات التي تمس الامن القومي والفردي وبالطبع فان جرائم قتل المدنيين والعسكريين غير مشمولة فيه.

© Lebanon Files 2018