24 01 2017

لغرض المقال، سيتم تصنيف الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني إلى أراض مرهونة لدى المصارف مقابل قروض مصدرة، وأراض غير مرهونة. الأراضي البيضاء الخاضعة للرسوم والمرهونة إما يتحملها المقترض وإما أن يتحملها المصرف، وفي الحالة الأولى لن تتأثر ربحية البنك وعلى المقترض أن يجتهد في السداد، وفي الحالة الثانية لا شك ان البنوك ستتأثر كثيرا، فالتوقعات تشير إلى أن مجمل مبالغ الرسوم 19 مليار ريال وعلى افتراض أن 20% من الأراضي البيضاء الخاضعة للرسوم مرهونة، فذلك يعني أن المصارف ستدفع أكثر من 3- 5 مليار، وهذا لا شك سيؤثر في ربحية القطاع. ومن المتوقع أن تأخذ اتفاقيات التسهيلات المصرفية والقروض المستقبلية هذا الأمر في الحسبان، وبما يضمن تحميل الرسوم على المقترض، وبالنسبة للأراضي المرهونة مقابل قروض متعثرة فلا شك أن تحميل المصارف أعباء الرسوم سيعجل من وتيرة تسييل هذه العقارات للتخلص من أعباء الرسوم، وهذا التسييل متى حدث سيؤدي إلى تخفيض نسبة القروض المتعثرة الى القروض المصدرة بمقدار يساوي تغطية متحصلات البيع للانكشاف على القروض المصدرة (المتعثرة)، وهذا لا شك سيكون ايجابيا لتحسين النسبة وسيكون ايجابيا في تغطية القروض المعدومة، كما يؤدي الى تحرير العقارات للتطوير. كما يتوقع أن نرى قلة استخدام الاراضي البيضاء في الرهونات مقابل القروض. وإجمالا السيولة في القطاع لن تتأثر، بل سيبقى المجموع الكلي كما هو (على افتراض بقاء كافة العوامل الاخرى ثابتة)، كل ما سيحدث انتقال عوائد الرسوم من حساب من يخضعون للرسوم إلى حساب وزارة الإسكان.

ومن التأثيرات الأخرى على القطاع المصرفي، انخفاض أسعار العقارات (إذا حدث ذلك). فالقروض المصدرة مقابل رهونات عقارية تقوم على افتراض قيمة محددة، وانخفاض هذه القيمة يعني انخفاض جودة القرض وتصنيفه، ولهذا عواقب على المصارف في حالة التعثر، لأن تسييل العقار لن يغطي القرض (في أسوأ الظروف). أما اذا ارتفعت قيم العقارات من الرسوم (وهذا لم يحدث قط في أي مكان في العالم ولا اعتقد أنه سيحدث في بلادنا) فسيعزز من تصنيف القروض والرهونات.

بالنسبة للتأثير غير المباشر للرسوم على المصارف فهو إيجابي في كل حالاته، ففرض الرسوم سيدفع بملاك الأراضي البيضاء لتطويرها وعمرانها. نشاط قطاع الإنشاءات سيؤدي الى زيادة القروض المصرفية لهذا القطاع، وخصوصا القروض القصيرة الأجل (بغرض تشغيل رأس المال العامل)، وهذا لا شك إيجابي وينعكس على ربحية قطاع المصارف والانشاءات معا. كما ان محفظة القروض العقارية ستزيد في المصارف، فتوفير الحلول السكنية المناسبة والذكية، ستدفع بشريحة جديدة للاقتراض بغرض التملك.

تأثير رسوم الأراضي البيضاء إيجابي إجمالا على المصارف، وسيعزز في مجمله من جودة القروض، وسيعزز من المحافظ الاقراضية للمصارف. التأثيرات السلبية متى حدثت فستكون على المدى القصير، وستتلاشى وبل ستكون عوامل قوة للمصارف على المدى المتوسط والطويل. الغرض الأساسي من رسوم الأراضي البيضاء تحريك حركة الأراضي وقطاع الإنشاءات بما يضمن سد الفجوة بين العرض والطلب، وبما يكسر الاحتكار. ولا شك أن تجربة فرض الرسوم على الأراضي البيضاء نجحت في كل الدول التي طبقتها بالشكل والآلية الصحيحة. الأراضي ليست شكلا من أشكال حفظ الثروات ولا ينبغي أن تكون كذلك، بل هي تملك بغرض التطوير وعمران الأرض بما يضمن عدم الاخلال بحق السكن الكريم، والاستثمار في هذا مطلب.

بلادنا ماضية في تحقيق رؤية 2030، والتي ستعزز نهضتنا، وتضمن قوتنا، وتحررنا من الاعتماد شبه الكلي على النفط. بلادنا ماضية في البناء والتقدم، ومدن بلادنا كلها وبلا استثناء أم المدن، وعمارها واجب، وسيكون.

© Alyaum newspaper 2017