تهدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي أعلن عنها في 25 نيسان/أبريل 2016، إلى دخول المملكة إلى عهد جديد من الابتكارات والحداثة في جميع جوانب الحياة المتعلقة بالقرن الحادي والعشرين. وتحقيقًا لهذه الغاية، تحقق رؤية 2030 توازنًا جيدًا بين الحفاظ على تقاليد المملكة وتراثها، والتأكيد على استراتيجياتها الثلاث للتقدم، وهي:

1 - وجود مجتمع حيوي ومزدهر.

2 - المحافظة على اقتصاد متنام ومستدام في جميع القطاعات.

 

التطلع إلى طموحات وتطلعات جيل الشباب في المملكة.

 

 

في هذا السياق تسعى رؤية 2030 إلى التنسيق بين هذه الاستراتيجيات الثلاث من جانب والتقاليد والتراث السعودي من جانب آخر. ولتحقيق أهداف الرؤية وتحقيق أقصى قدر من المنافع، سعت المملكة لضمان أن تكون الاستراتيجيات الثلاث متكاملة بشكل جيد، ومتسقة مع بعضها البعض.

وقد أدى إعلان المملكة عن رؤيتها الجديدة إلى إطلاق العديد من برامج التحول الوطنية، التي أحدثت بدورها تطورات في مختلف الدوائر الرسمية. وقد أدت هذه التطورات إلى إعادة النظر في السياسات القائمة فيما يتعلق بإنفاذ حقوق الملكية الفكرية في جميع أنحاء البلد. وسوف ندرس هذه التطورات في هذه المقالة، خاصة فيما يتعلق بالجمارك السعودية.

تماشيًا مع أهداف رؤية 2030، أعلنت الجمارك السعودية مؤخرًا عن عدد من التدابير الهامة، التي من شأنها أن تعمل على تبسيط الإجراءات، وتقليل أوقات التخليص الجمركي.

وفي سياق أوسع من رؤية الحكومة السعودية الطموحة لعام 2030، يتبين أن تطبيق هذه التدابير الجديدة بالجمارك السعودية يعكس الرغبة في تحويل المملكة إلى مركز لوجستي دولي.

ويتمثل الهدف الرئيسي من هذه التدابير في إزالة جميع العقبات التي تعرقل نمو المملكة كمركز للتجارة الإقليمي والدولي. ومن ثم فإن الإجراءات الجديدة للجمارك السعودية تعتزم المساهمة في التنمية الاقتصادية للمملكة، وتدعو مباشرة إلى تغيير سياسة مراقبة الحدود الجمركية، للحد من تدفق المنتجات التي تنتهك حقوق الملكية الفكرية المحلية والإقليمية والدولية.

وسوف نبحث أولاً في الإجراءات الجديدة التي ستنفذها الجمارك السعودية، ثم نقوم بتقييم الجهود التي تبذلها الجمارك لجعل برامج الحماية الخاصة بالملكية الفكرية تتسارع مع هذه التدابير الجديدة.

إجراءات التخليص المبسطة الجديدة

ستعمل التدابير الجديدة للجمارك السعودية على تبسيط الإجراءات في مجال تخليص البضائع عن طريق الجمارك. وبناء على ذلك، سيخفض عدد الإجراءات اللازمة لتخليص البضائع، بهدف تقصير الوقت اللازم لمثل هذه الإزالة من 14 يومًا إلى 24 ساعة. كما سيتم تخفيض الوثائق المطلوبة لتخليص البضائع من 12 إلى 5 وثائق فقط وهي:

 

الفاتورة

 

شهادة المنشأ

 

طلبية التسليم

 

بوليصة الشحن

 

وثيقة تثبت طريقة الدفع

 

 

تعتزم الجمارك السعودية تنفيذ التدابير الجديدة تدريجيًا في جميع موانئ الدخول (بما في ذلك المطارات). كما أصدر أحمد الحقباني، المدير العام للجمارك السعودية، تعميمًا ينص على أنه لن تكون هناك حاجة إلى شهادة منشأ مستقلة، إذا كانت البضائع تحمل علامة ثابتة وغير قابلة للإزالة تشير إلى المنشأ. وإذا لم تحمل البضاعة مثل هذه العلامة، فستظل هناك حاجة إلى شهادة منشأ مستقلة.

وبطبيعة الحال، ستؤثر هذه التدابير الجديدة كثيرًا على جهود الجمارك السعودية في منع دخول المنتجات المقلدة. وبما أن الإجراءات الجديدة تهدف إلى تعقب التخليص الجمركي للسلع، فإن الجمارك السعودية تعترف أيضًا بضرورة تبسيط إنفاذ الملكية الفكرية في موانئ الدخول.

الاحتيال التجاري والسلع المخالفة للملكية الفكرية

تعمل الجمارك السعودية دائمًا على منع الاحتيال التجاري، خاصة فيما يتعلق باستيراد السلع المقلدة إلى المملكة. ويوضح التقرير الصادر عن منظمة الجمارك العالمية النجاح الذي حققته الجمارك السعودية مؤخرًا في هذا المجال. حيث يبين التقرير أن الجمارك السعودية حققت في عام 2016 المركز الأول، على مستوى جمارك الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، من حيث على عدد القطع المضبوطة من السلع المخالفة لحقوق الملكية الفكرية. فمن أصل 146 مليون سلعة مخالفة تم ضبطها خلال عام 2016، كان 49 مليون منها مزيفة.

ومع الإعلان عن إجراءاتها الجديدة للتتبع السريع للتخليص الجمركي، وقعت مصلحة الجمارك السعودية مؤخرا مذكرة تفاهم مع "شركة التميمي وشركاه"، لتبادل الخبرات والمعلومات في مجال الغش التجاري. وبناءً على مذكرة التفاهم تمكنت الشركة من تسجيل العلامات التجارية لعملائها مع الجمارك السعودية، من أجل مراقبة الشحنات الواردة المشتبه في أنها تحمل منتجات مزيفة. ووفقًا لهذا التسجيل، بدأت الجمارك السعودية أيضًا العمل على برنامج من شأنه تمكين المسئولين من تنبيه أصحاب المصلحة المعنيين بأي شحنة تحمل علامة تجارية واحدة أو أكثر تملكها.

ومن شأن هذا التنبيه أن يقدم تفاصيل الشحنة، ويسمح لشركة مثل "التميمي" بالتحقق من هذه التفاصيل مع أصحاب المصلحة، للتحقق من صحة المنتجات، واتخاذ الإجراءات القانونية عند الضرورة.

وسوف تستتبع هذه الإجراءات الاستجابة لتنبؤ الجمارك من خلال تقديم شكوى من شأنها أن تؤدي بعد ذلك إلى وقف الشحنة ووضع اليد على المنتجات المعنية والتحقيق في المستورد المعني. ثم تحدد الجمارك السعودية ما هي الإجراءات الأخرى الواجب اتخاذها ضد المستورد (فرض غرامة، والتخلص من المنتجات على عاتق المستورد و/أو زيادة التصعيد بإحالة القضية إلى النيابة العامة) عملا بنتائج التحقيق.

إن توقيع مذكرة التفاهم مع الجمارك السعودية وفق ما سبق يظهر علامات واعدة على مراقبة وضبط الحدود بشكل أفضل وأكثر تدقيقًا، وهو ما نأمل أن يتماشى مع إجراءات التتبع الجمركي السريعة. في المرحلة الثانية، ونأمل أن تنفذ الجمارك السعودية إجراءات مماثلة فيما يتعلق بمراقبة الحدود والتسجيل للبراءات والرسوم والنماذج الصناعية وحق المؤلف.

الملاحظات النهائية

مما لا شك فيه أن الإجراءات والتطورات الجديدة التي تنفذها الجمارك السعودية في مجال حقوق الملكية الفكرية تتفق تمامًا مع رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة لعام 2030.

وتعترف الجمارك السعودية بأهمية تحقيق التوازن بين تبسيط الإجراءات من أجل تسريع عملية تخليص البضائع، وتوفير حماية كافية وفعالة لحقوق الملكية الفكرية في جميع موانئ الدخول.

وتشهد تقارير منظمة الجمارك العالمية وبياناتها بوضوح على التداعيات الإيجابية لهذه التطورات. وفي ضوء هذه التطورات، وبموجب مذكرة التفاهم التي أبرمتها شركة التميمي مع الجمارك السعودية مؤخرًا، فإن "التميمي" أصبحت في وضع جيد جدًا من حيث قدرتها على مساعدة الزبائن المهتمين بحماية حقوق الملكية الفكرية في موانئ الدخول السعودية.

دعم التميمي للجمارك السعودية

تتمتع شركة التميمي وشركاه بأكبر ممارسة للملكية الفكرية في المنطقة، ويقوم فريق الملكية الفكرية المخصص لها في المملكة العربية السعودية بمساعدة الزبائن الذين يواجهون صعوبات في تخليص البضائع من خلال الجمارك السعودية. بالإضافة إلى ذلك، يدعم التميمي الزبائن الذين تُنتَهك حقوقهم الفكرية الفريدة، وذلك من خلال العمل مع السلطات السعودية المختصة لوضع حد للانتهاك، من خلال ضبط السلع المقلدة على سبيل المثال.

 

بقلم عثمان التميمي - o.altamimi@tamimi.com  - الرياض

© Al Tamimi & Company 2018