08 11 2017

دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة

في عالم الطيران دائم التطور، يعتبر تدريب الموظفين أمرًا بالغ الأهمية، ليس فقط من ناحية علاقات الموظفين ورؤيتهم لتحقيق أفضل الممارسات، بل لضمان الامتثال للمعايير التِجارية الدولية، مثل تلك التي حددها اتحاد النقل الجوي الدولي، والهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات العربية المتحدة.

غير أن أحد الشواغل الرئيسية لأرباب العمل– بمن فيهم أولئك الذين يعملون خارج قطاع الطيران- هو مغادرة الموظفين بعد فترة قصيرة من إنفاق المال على تدريبهم؛ فما هي التدابير المناسبة التي يمكن اتخاذها لتجنب أو ثني الموظفين عن ترك العمل قبل أن تجني الشركة ثمار وعوائد استثماراتها في التدريب، والتي قد تكون مبلغًا كبيرًا؟

ما الذي ينص عليه القانون؟

كنقطة انطلاق عامة، لا يتضمن قانون العمل الإماراتي أي أحكام صريحة تنظم الطريقة، أو الشروط، أو الظروف التي يمكن بموجبها لأصحاب العمل تقديم أو تنفيذ أو وضع أو إنشاء برامج تدريب في مكان العمل. كما أنه لم يذكر أي شيء أيضًا بشأن المبالغ المستردة لتكاليف التدريب. ومع ذلك، فإن مثل هذه المُخططات التدريبية شائعة إلى حد كبير في دولة الإمارات العربية المتحدة، وليس من المعتاد أن يقوم صاحب العمل بإدراج أحكام استرداد في عقد العمل في حالة الإنهاء خلال فترة زمنية محددة؛ وتتمثل الصعوبة في الواقع بالنسبة لمثل هذه المخططات في إنفاذ أحكام الاسترداد، والاسترداد الفعلي للتكاليف التي يتحملها صاحب العمل.

آليات الاسترداد - ما هي؟

تنص المادة (135) من قانون العمل الإماراتي على أن "لصاحب العمل أنْ يقتطع من مكافأة نهاية الخدمة" أي مبالغ تكون مستحقة من الموظف إلى صاحب العمل عند إنهاء خدمته؛ وبالتالي، طالمّا تم توقيع اتفاقية بين الطرفين-تحدد بوضوح المبالغ المستحقة، والتزامات السداد- فإنه من حق صاحب العمل أنْ يقوم باستقطاع تكاليف التدريب من قيمة مكافأة نهاية الخدمة عند إنهاء خدمة الموظف.

في المقابل- أثناء فترة العمل- تقتصر الاستقطاعات من راتب الموظف على نسبة 10% من إجمالي الراتب الشهري للموظف، وهي نسبة تقتصر عادةً على استرداد القروض، أو السُلف المقدمة، أو المرتبات الزائدة عن الحدود المقررة. فضلًا عن ذلك، فإن النقطة الرئيسية التي ينبغي مراعاتها هي أن يوثق بشكل واضح ويوقّع الطرفان منذ البداية على مثل هذه الأحكام المتعلقة باستقطاع قيمة تكاليف التدريب وأحكام استردادها وذلك لضمان الشفافية.

إنه من الشائع إلى حد كبير بالنسبة لأصحاب العمل الذين يتكبدون تكاليف التدريب أن يطلبوا من الموظفين تحرير اتفاقية مكتوبة تضمن أن الموظف سيسدد تكاليف الدورة التدريبية في حالة تقديمه استقالته خلال فترة محددة (عادةً تكون مدتها عام واحد). وفي بعض الأحيان، لن يطلب أصحاب الأعمال استقطاع قيمة تكاليف التدريب؛ خاصة إذا تم إنهاء العمل في ظل ظروف معينة، مثل "الفصل أو التسريح من الخدمة". وفي حالات أخرى، يجوز لأصحاب العمل فرض أحكام استرداد في حالات إنهاء العمل من قِبل صاحب العمل (باستثناء، الفصل من العمل مثلاً) أو استقالة الموظف.

وعادةً ما يتم تخفيض قيمة المبلغ المُسدد خلال فترة الخدمة على أساس تدريجي، وذلك لتجنب أن يُشكّل هذا شرطًا جزائيًا. وعلى سبيل المثال، يتم عادةً استرداد مبلغ نسبته 100% من تكاليف التدريب عندما يستقيل الموظف خلال الستة أشهر الأولى، ويتم استرداد مبلغ نسبته 75% إذا استقال بعد الستة أشهر التالية، واسترداد مبلغ نسبته 50% بعد ذلك، وهكذا. وبدلًا من ذلك، يمكن ربط التزام السداد بعدة عوامل أخرى؛ فعلى سبيل المثال - في حالة وجود دورة تدريبية بامتحانات- إذا أخفق الموظف في اجتياز الامتحانات ذات الصلة أو فشل في أن يحصل على المؤهلات المطلوبة؛ أو في حالة وجود دورة بدون امتحانات، إذا أخفق الموظف في حضور الدورة التدريبية. ومن العوامل الأخرى التي تتسبب في سداد تكاليف التدريب، إذا توقف الموظف عن العمل قبل الدورة، ولكن بعد أن يكون صاحب العمل قد تحمل بالفعل مسؤولية تكاليف التدريب. وفي مثل هذه الحالات، عادةً ما تُسدد نسبة 100% من التكاليف، أو تلك النسبة من التكاليف التي لا يستطيع صاحب العمل استردادها.

سيواجه أصحاب العمل غالبًا صعوبة في استقطاع المبلغ الذي لا يتكبده صاحب العمل فعليًا؛ فعلى سبيل المثال، إذا تم إجراء التدريب داخل المؤسسة، فإنه من غير المرجح أن تكون تكاليف التدريب قابلة للاسترداد حيث يصعُب تحديدها كميًا.

وفيما يخص الاسترداد الفعلي، تنشأ صعوبة أخرى إذا كان الموظف لم يصل بعد إلى العام الأول من معيار تأدية الخدمة حتى يكون مؤهلًا للحصول على مكافأة نهاية الخدمة وتقديم الاستقالة؛ وذلك بعد أن يكون صاحب العمل قد تكبد تكاليف التدريب. وفي مثل هذه الحالة، لن يكون هناك وعاء لمكافأة نهاية الخدمة يمكن من خلاله القيام بالاستقطاعات والاسترداد عن طريق رفع الدعوى المدنية ضد الموظف والتي قد تكون مُكلفةً وصعبة وطويلة الأمد. وتنشأ صعوبات مشابهة عندما يكون الموظف قد قضى ما يكفي من الخدمة لاستحقاق مكافأة نهاية الخدمة، ولكن وعاء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة ليس كافيًا لاسترداد كامل تكاليف التدريب المستحق استردادها.

ملاحظات ختامية

بشكلٍ عام، فإن هدف صاحب العمل من وضع موظفيه في برامج تدريبية هو للتأكيد على استثمار ذلك في القيادة المستقبلية للموظفين وتنمية قدراتهم، وأيضًا كوسائل تحفيز تُبقيهم في العمل لدى صاحب العمل. هذا ويكون لأحكام الاسترداد- خصوصًا إذا كانت على أساس تدريجي وواضح- تأثير على التشغيل، باعتبارها تُمثّل رادعًا فعالاً يجبر الموظف على الالتزام بالخدمة خلال فترة محددة. وعلى الرغم من أنه لا يمكن ضمان أن الموظفين لن يستخدموا البرامج التدريبية كوسائل في تعزيز قدراتهم ومهاراتهم لحساب عمل آخر، فإن أحكام الاسترداد تُستخدم كوسيلة قانونية لحماية استثمار أصحاب الأعمال، وإن كان ذلك يتم مع وجود قيود. وفيما يتعلق بقطاع الطيران، حيثُ غالبًا ما تكون تكاليف التدريب ضخمة، ينبغي النظر بعناية في استخدام أحكام الاسترداد.

مانديب كالسي - m.kalsi@tamimi.com

© Al Tamimi & Company 2017