زاوية عربي

ارتبط في السنوات الأخيرة مصطلح "أعلام المواءمة" أو "المنفعة"، أي تسجيل السفن في غير بلدان مالكيها، بالعديد من الوقائع البحرية والنزاعات الدولية في مختلف أنحاء العالم مع زيادة لجوء مالكي السفن في العالم لتلك الممارسة.

وكان آخر الأحداث المرتبطة بممارسة "أعلام المنفعة" هو انفجار مرفأ بيروت الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 171 شخص وأصيب أكثر من 6,000 آخرون. 

فبحسب تقرير لموقع بي بي سي نشر في 7 أغسطس الجاري، كانت شحنة نترات الأمونيوم التي تسببت في انفجار مرفأ بيروت وصلت إلى المرفأ على متن السفينة "إم في روساس" في نوفمبر 2013.

و"إم في روساس" هي سفينة مملوكة لشركة روسية مسجلة في بلغاريا، كانت ترفع علم مولدوفا عند وصولها بيروت، بعدما بدأت رحلتها حاملة الشحنة من ميناء باتومي في جورجيا في طريقها إلى موزمبيق لإيصال الشحنة لصالح شركة موزمبيق لتصنيع المتفجرات لأغراض تجارية.

وبحسب التقرير نفسه، أُجبرت السفينة على الرسو في مرفأ بيروت بعدما واجهت مشكلات فنية، وفقاً لما كتبه المحامون اللبنانيون الذين مثلوا طاقم السفينة في النشرة الدورية لشبكة Shippingarrested.com المعنية بحركة السفن البحرية عام 2015.

وبعدها منعت السلطات اللبنانية السفينة من الإبحار بدعوى عدم تلبيتها شروط السلامة البحرية وعدم دفع الرسوم المطلوبة في الميناء.

فما هي أعلام المنفعة وكيف بدأت؟

يرجع بدء ممارسة "أعلام المنفعة" في التاريخ إلى عام 1912 في بنما التي كانت أولى الدول التي سمحت بالتسجيل المفتوح للسفن المملوكة لأمريكيين أرادوا الهروب من الرسوم والتكلفة المرتفعة واللوائح التنظيمية المتزايدة في بلدهم الأم، وفقاً لما قاله محمد الحداد، استشاري وخبير النقل البحري ورئيس الجمعية العربية لتنمية التجارة البحرية(إنماء) لزاوية عربي.

خلفية سريعة جدا عن الجمعية العربية لتنمية التجارة البحرية:

هي منظمة مجتمع مدني غير حكومية وغير هادفة للربح تعمل في مجال تنشيط النقل والتجارة البحرية بين الدول العربية، بحسب صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك.

 

وبحسب محمد الحداد: "كانت بنما تقدم تسهيلات تشغيل للمركب بعيداً عن الشروط الإلزامية لدول مثل أمريكا".

قصة بنما مع أعلام المنفعة:

كانت بنما تسعى آنذاك إلى الاستفادة من موقعها الجغرافي الواقع على طرق التجارة البحرية العالمية حيث توجد بين قارتي أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، بحسب مجلة باسيفيك ماريتايم الشهرية الأمريكية المتخصصة في التجارة البحرية.

في البداية لجأت بنما إلى تعديل نظامها المالي بموجب القانون رقم 63 لعام 1917 للسماح بتسجيل السفن من الدول الأخرى في التجارة الساحلية لديها، وبعدها بثمان سنوات بعدما لاحظت ارتفاع الطلب على علمها سنَّت قانون رقم 8 لعام 1925 الذي نص رسمياً على أن تسجيل السفن في الدولة "مفتوح" لأي سفينة، أي أن ملاك السفن من أي جنسية يمكنهم تسجيل سفنهم لدى بنما، بحسب المجلة.

"ثم تكررت الفكرة في عدة دول مثل ليبيريا، وهندوراس وغيرها،" وفقاً لمحمد الحداد.

وبعدها بثلاثة وثلاثين عام وضعَت اتفاقية جنيف لأعالي البحار في عام 1958 يليها اتفاقية الأمم المتحدة لشروط تسجيل السفن عام 1986 اللوائح المنظمة لتسجيل السفن التي نصت على أن دولة العلم يجب أن تكون مرتبطة بالسفن إما عن طريق أن يكون لها حصة في ملكية السفينة أو توفير البحارة لتشغيل السفينة.

في العام الماضي، كان أسطول السفن المسجلة في بنما، التي يصل تعداد سكانها إلى 3 ملايين نسمة، هو الأكبر في العالم إذ ضم أكثر من 8,000 سفينة تحمل العلم البنمي، بحسب موقع "شيرأميركا" وهو موقع إلكتروني تابع لوزارة الخارجية الأمريكية.

ويفوق أسطول بنما أسطولي الولايات المتحدة والصين مجتمعين، وفقاً لمجلة سي نيوز البريطانية المتخصصة في قطاعي الناقلات والشحن، ويليه على التوالي من حيث عدد السفن أسطول ليبيريا، ثم جزر مارشال في المحيط الهادي، ثم هونغ كونغ وسنغافورة.

وذكرت سي نيوز أنه بحلول عام 2019 كان ثلاثة أرباع سفن الأسطول العالمي تقريباً مسجلة في دول غير دول مالكيها، مشيرة إلى أن الأسطول العالمي مسجل في 150 دولة، ويضم أكثر من 50 ألف سفينة تجارية تنقل في أنحاء العالم كل أنواع البضائع، ويعمل على متنها مليون بحار من كل جنسية تقريباً.

يقول محمد الحداد إن أعلام المنفعة هي ممارسة "تجارية بالأساس"، " وأصبحت مصدر دخل لدول كثيرة"، مشيراً إلى أن فائدتها تعود أيضاً على مالك السفينة، "لأنه يدفع فقط رسوم التسجيل المحددة مسبقاً من دولة العلم ولا يدفع ضرائب أو رسوم تشغيل مثلما هو الحال مع دول أخرى، ويمكنه أيضاً تعيين أفضل الأطقم من أي جنسية بتكلفة منخفضة".

وقائع أخرى مرتبطة بأعلام المنفعة

انفجار مرفأ بيروت ليس الواقعة الأولى المرتبطة بممارسة "أعلام المنفعة"، فقد كانت تلك الممارسة حاضرة في السجال الأمريكي-الإيراني في حملة الضغط الأمريكية ضد طهران.

ففي العام الماضي، ذكر موقع "شيرأميركا" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أن بنما حذفت حوالي 59 سفينة من السجلات البنمية معظمها كان مملوك لشركات تديرها الدولة الإيرانية، بعدما أعادت واشنطن فرض عقوبات على طهران في عام 2018.

وفي العام الماضي أيضاً، كانت ناقلة نفط "غريس 1" محل خلاف بين بريطانيا وإيران، بعدما احتجز مشاة البحرية الملكية البريطانية السفينة قبالة ساحل جبل طارق في الرابع من يوليو وهي ترفع علم بنما للاشتباه في أنها تنتهك العقوبات الأوروبية من خلال نقل النفط إلى سوريا.

وعلى الرغم من أن الناقلة ترفع علم بنما، فإن إيران أعلنت ملكيتها للسفينة واعترضت على احتجازها وهددت باحتجاز ناقلة نفط بريطانية في جبل طارق رداً على بريطانيا. وبعدها احتجز الحرس الثوري الإيراني ناقلة نفط تحمل اسم "ستينا إمبيرو" تحمل علم بريطانيا وتعود ملكيتها لشركة ستينا بولك السويدية، بحسب تقارير إعلامية دولية.

 

(إعداد: مريم عبد الغني، وقد عملت مريم سابقا بموقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وتلفزيون الغد العربي وموقع HuffPost Arabi)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

تغطي زاوية عربي أخبار وتحليلات اقتصادية عن الشرق الأوسط والخليج العربي وتستخدم لغة عربية بسيطة.

© ZAWYA 2020

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـا