22 11 2017

تحسن في الإيرادات والإنفاق العام وتراجع في العجز

 في تطور فاق توقعات المؤسسات الدولية، تعكس الأرقام المعلنة للميزانية في الربع الثالث تحسنًا ملحوظًا في الأداء، ولاسيما على صعيد زيادة الإيرادات غير النفطية التي تعد الرهان الأساسي في رؤية 2030، من أجل تكريس وضع اقتصادي جديد متعدد الأركان لا يقوم على النفط فقط.

وفي موقف ذي دلالة، ربما تعد المملكة الوحيدة في العالم، التي يطالبها صندوق النقد الدولي بخفض وتيرة الإصلاحات المتسارعة كما أكد وزير المالية محمد الجدعان مؤخرًا.

ويبدو للوهلة الأولى، أن العجز المالي بنهاية العام الجاري سيتراجع عن المستهدف 198 مليار ريال ليصل إلى 160 مليار ريال فقط على الأكثر، وذلك في ظل الاستناد إلى 3 قنوات أساسية في التمويل هي الاحتياطي النقدي، ورفع كفاءة الإنفاق والسندات والصكوك المحلية والدولية.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإنه يمكن الوقوف سريعًا أمام :

4 أرقام:

ارتفاع الإيرادات الإجمالية في الميزانية خلال التسعة شهور الماضية إلى 450 مليار ريال مقارنة بـ 366 مليار ريال خلال نفس الفترة من العام الماضى بزيادة قدرها 23%.

ارتفاع الإيرادات النفطية إلى 307 مليارات، وغير النفطية إلى 142 مليار ريال بنسبة تصل إلى 31%، في دلالة على التطور النوعى في زيادة الإيرادات غير النفطية التي تعول عليها المملكة في تقليص الاعتماد على النفط.

استمرار الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والخدمات البلدية بوتيرة عالية، مثلت حوالى 44% من مصروفات الميزانية، مما يعكس اهتمام الدولة برفاهية المواطنين.

ارتفاع الإيرادات في الربع الثالث إلى 142 مليار ريال بزيادة قدرها 11% عن نفس الفترة من العام السابق، فيما بلغت الإيرادات غير النفطية حوالى 47 مليار ريال بزيادة 80% عن العام الماضي، وهو الأمر الذي يعزز الثقة في الاصلاحات الاقتصادية الجارية على قدم وساق.

4 عوامل للتحسن

والواقع أن التحسن في الميزانية، إذا أخذنا في الاعتبار التراجع الملحوظ في إيرادات النفط، يرجع إلى تضافر 3 عوامل أساسية، هي رفع كفاءة الإنفاق العام من خلال التركيز على المشروعات ذات الفعالية والجدوى السريعة للمواطن، وإجراء مراجعات للتكاليف المختلفة، كان من آثارها توفير أكثر من 100 مليار ريال على مدى عام ونصف، أما العامل الثاني فيرتبط، بالتوسع في زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال الرسوم ودعم القطاع الصناعي والسياحي، وركز العامل الثالث على تنويع قنوات تمويل العجز لتشمل الاحتياطي النقدي والاعتماد على السندات المحلية والخارجية، ودعم كفاءة الإنفاق ليمثل عاملًا مهمًا في ضبط أوضاع المالية العامة في ظل تراجع الإيرادات.

وعلى الرغم من الظروف الضاغطة حاليًا، إلا أن الدين العام يبقى في المعدلات الآمنة، عند مستوى 375 مليار ريال بنهاية الربع الثالث.

ومن المؤمل أن يشهد الربع الرابع من العام الجاري تحسنًا أفضل في الأداء، يمكن البناء عليه في العام المقبل من خلال الآتي:

1 التحسن الملحوظ في أسعار النفط، إذ تجاوز السعر ستين دولارًا للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، وهو ما سيدعم الميزانية بشكل ملحوظ، خاصة في ظل تقارير أشارت إلى احتياج المملكة لمتوسط سعر يصل إلى 70 دولارًا.

2 تمثل إشادة صندوق النقد والبنك الدولي بالإصلاحات السعودية مصدر ثقة للمؤسسات الدولية، ولعل ذلك يتبدى بجلاء في ارتفاع تغطية السندات والصكوك الدولية بأكثر من 300%، وكان آخرها في أبريل الماضي بـ9 مليارات دولار.

3 التحسن الملحوظ في أسعار النفط، إذ تجاوز السعر ستين دولارًا للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، وهو ما سيدعم الميزانية بشكل ملحوظ، خاصة في ظل تقارير أشارت إلى احتياج المملكة لمتوسط سعر يصل إلى 70 دولارًا من أجل معادلة الميزانية.

4 استمرار المملكة في الإنفاق الرأسمالي من شأنه أن يمثل قاطرة دفع مستمرة للقطاع الخاص، حتى يمكن تطوير المعادلة القائمة، ويمتلك الأخير القوة الذاتية الدافعة للنهوض، وإن كان ذلك الأمر يستغرق سنوات، لإصلاح وضع قائم منذ عقود طويلة.

ولا شك أن التوجه لتمديد الفترة المستهدفة للوصول إلى التوازن المالى إلى 2022 أو 2023 من شأنه أن يقلص الضغوط على الأوضاع المالية، ويمثل عامل ارتياح لدعم الإصلاحات الاقتصادية، بما لا يرفع الأعباء المعيشية على المواطن باعتبار ذلك في صدارة أهداف الدولة.

© Al Madina 2017