تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات متقدمة في تنمية وازدهار اقتصادها وتشريعاتها، فضلاً عن التطورات الهامة في إجراءاتها القضائية. ومع ذلك، ما زلنا نرى أن العديد من العملاء الدوليين الذين يعملون، أو لديهم أنشطة اقتصادية كبيرة، في دولة الإمارات العربية المتحدة، يفضلون تسوية نزاعاتهم أمام الولايات القضائية الأجنبية، أو التحكيم، أو غيرها من المحافل، في محاولة لتجنب التقاضي أمام المحاكم الوطنية الإماراتية، لأنها تعتبر حديثة نسبيًا عند مقارنتها بالولايات القضائية الأخرى.

وتؤكد الحالات الأخيرة، بما في ذلك القضية التي تركز عليها هذه المقالة، قوة وسلطة القضاء الإماراتي وحياده المطلق. وبناء على هذه الثقة، قامت شركة التميمي وشركاه، مكتب الشارقة، بتمثيل شركة خاصة في نزاعها ضد كيان مملوك بالكامل لحكومة الشارقة أمام المحكمة الاتحادية في إمارة الشارقة نفسها ("المحكمة").

وقد كان لهذه القضية مطالبة مالية كبيرة، تجاوزت نصف مليار دولار أمريكي (حوالي ملياري درهم)، لشراء إمدادات النفط لمحطات توليد الكهرباء في إمارة الشارقة. وقد تم تسجيل القضية في عام 2011، حيث قدمت الجهة الحكومية مطالبة مضادة بشأن كفاءة التوريد من قِبَل الشركة الخاصة.

قررت المحكمة تعيين خبراء فنيين لدراسة الأسس الموضوعية والمسائل الفنية للنزاع. وفضلت المحكمة عدم تعيين خبراء من القائمة التي وافقت عليها وزارة العدل، ولكن تعيين خبراء دوليين في المحاسبة والمراجعة من المكاتب الدولية الأربعة الكبرى، وتم أيضًا تعيين خبير دولي في مجال النفط. وأصدرت المحكمة في نهاية المطاف قرارها لصالح الشركة الخاصة، ورفضت معظم طلبات الجهة الحكومية.

أصدرت محكمة الشارقة الابتدائية حكمًا في 31 يوليو 2016، ألزمت بموجبه الجهة الحكومية بدفع مبلغ 1،709،220،465 درهم إلى الشركة الخاصة. وفي الاستئناف أمام محكمة الاستئناف الاتحادية في الشارقة، أصدرت المحكمة حكمها في 14 فبراير 2017، مؤكدة حكم المحكمة الابتدائية.

واستأنف الطرفان هذه القضية أمام المحكمة الاتحادية العليا في العاصمة أبوظبي، وقررت المحكمة الاتحادية العليا رفض الطعن المقدم من قبل الهيئة الحكومية في الشارقة، وقبول الاستئناف المقدم من الشركة الخاصة فيما يتعلق بتاريخ بدء احتساب معدل الفائدة.

وبلغ المبلغ المستحق والواجب النفاذ بموجب هذا الحكم الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة 1،820،000،000 درهم. وهذا دليل كبير على مصداقية السلطة القضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة وحيادها المطلق، بغض النظر عن الخصم، حتى لو كانت سلطة حكومية، وبغض النظر عن مبلغ المطالبة.

في هذا السياق، نستنتج أن السلطة القضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة تتطور باستمرار، وتتمتع بالمصداقية والنزاهة، التي تضعها في مرتبة الولايات القضائية الحديثة والمعروفة، من حيث النزاهة القضائية وحماية المستثمرين.

من الضروري أيضًا التأكيد على أن القضاء الاتحادي قد أدرك أهمية استخدام الخبرة الأجنبية اللازمة للمساعدة في البت في القضايا المعروضة عليه، والقبول بالرسوم التي يفرضها هؤلاء الخبراء الأجانب. وفي هذه الحالة قبلت المحاكم الرسوم التي قدمتها مكاتب كل خبير معين، وبلغت قيمتها 1000000 درهم (حوالي 280 ألف دولار أمريكي). وركزت المحكمة على تلقي أدلة موضوعية وذات كفاءة من الخبراء من أجل حماية حقوق الأطراف.

لذلك، نؤكد من جديد على الأدلة القائمة على سلطة القضاء الإماراتي، وتطوره الدائم، وحياده المطلق، ونحن نرغب في استمرار ذلك.

 

بقلم ظافر شيخ أوغلي - z.oghli@tamimi.com - الشارقة

© Al Tamimi & Company 2018