26 04 2018

أكد عدد من رجال الأعمال والمستثمرين في القطاع الخاص، أن نظام "الرهن التجاري" الذي أقره مجلس الوزراء أمس الأول، يأتي استكمالا لمجموعة من الأنظمة والقوانين التي أعلنت عنها وزارة التجارة أخيرا، أبرزها نظام الإفلاس ونظام الشركات، والإعلان عن البيانات المالية للشركات، موضحين أهمية النظام في تسهيل بيئة الأعمال وتحقيق النمو وفق "رؤية 2030"، مشددين على الدور المستقبلي للمصارف في تطبيق النظام.

ويعمل النظام على حفظ حقوق أطراف العملية التجارية والمالية، ويمكن منشآت القطاع الخاص من الاستفادة من أصولها التشغيلية والحصول على التمويل بشكل فاعل.

وقال لـ "الاقتصادية" زياد البسام؛ نائب رئيس مجل إدارة غرفة جدة، إن النظام يحمي الشركات من جانب، ويوفر حماية قوية لمنع المنشآت في القطاع الخاص من الإفلاس والانهيار، مشيرا إلى صعوبة إمكانية استغلاله في غير ما وضع له، في ظل الربط الإلكتروني الحاصل بين القطاع الخاص والجهات الحكومية، كما أن ذلك مرتبط بالقوائم المالية للشركات، التي تعمل وزارة التجارة والاستثمار على إلزام الشركات بالإعلان عنها.

وحول دور المصارف المستقبلي مع هذا النظام، قال البسام، إن دور المصارف هو الدور الأهم اليوم، وبالتالي هي مطالبة بالالتزام بهذا النظام وتقديم التسهيلات الائتمانية والتمويلية للقطاع الخاص، موضحا أن المصارف تمارس جزءا من النظام حتى قبل إقراره؛ لأنها تعمل مع المدينين بطريقة تسمح لهم بتحقيق متطلبات الحماية طالما وجدوا إمكانية لدى الشركة لمعالجة أوضاعها المالية، فيدخلون في عمليات الجدولة وربما قروض جديدة.

من جانبه، علق إبراهيم بترجي؛ رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة، بأن نظام الرهن التجاري الجديد يعد من أهم الأنظمة التي أقرتها وزارة التجارة ضمن جملة من الأنظمة والتشريعات أخيرا، وما زالت تعمل حالياً على تحسين البيئة الاستثمارية في المملكة، وضمان نموها وجاذبيتها للاستثمارات الأجنبية، مما يجعلها قادرة بكل كفاءة على تحقيق الدور المطلوب منها وفق "رؤية 2030".
 
ولفت إلى أن نظام الرهن التجاري، يعد دفعة قوية للمنشآت في القطاع الخاص، وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة، للتغلب على التحديات والعثرات المالية التي تواجهها نتيجة تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية، وزيادة تكاليف الإنتاج، للمضي قدماً والاستمرار في الإنتاج وتجاوز عقبة الإفلاس خلال السنوات الأولى، وهو ما يعزز الثقة بالمعاملات التجارية مع الشركات وببيئة الأعمال، سواء محليا أو عالما، كما يتح النظام للشركات الاستمرار عبر تنظيم أعمالها وزيادة إنتاجيتها، مما يحمي التجار من السجون والعقوبات الجنائية، وحماية أموال الدائنين والمساهمين بما يحقق الحماية للأنشطة الاقتصادية من الإغلاق. 

وأشار إلى أن النظام يعد من ضمن المعايير العالمية المطبقة في الدول الصناعية وذات الاقتصادات المتقدمة لمعالجة تعثرها وحمايتها من التصفية، وهذا الإجراء يأتي ضمن الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، مما يرفع التصنيف الائتماني للمملكة وبيئة الأعمال السعودية.

ومن المتوقع أن يسهم القانون الجديد حال تفعيله في معالجة الأخطاء السابقة وتطوير منظومة التعامل مع الشركات المفلسة والمتعثرة بطريقة أكثر احترافية بما يعزز حفظ الثروات وتعزيز استقرار الاقتصاد.

وأوضح، أن إقرار المشروع صادف مرحلة إعادة الهيكلة والمتغيرات الاقتصادية التي تعيشها المملكة، موضحا أن مرحلة سن القانون أخذت وقتا طويلا قبل إقراره، ما يعني أن زمن إقراره مرتبط باكتمال منظومة تطوير الاقتصاد السعودي، والمواد والأنظمة التي تنظمه وتتحكم فيه، وليس له علاقة بمتغيرات الاقتصاد العالمية الحالية.

بدوره، قال محمد باسمح؛ أحد المستثمرين في قطاع التجارة والغذاء، إنه على الرغم من عدم وجود تفاصيل حول آلية تنفيذ النظام، إلا أنه يتطلب تنسيقا كبيرا مع المصارف ومؤسسة النقد العربي السعودي، لتفصيل آلية تمويل المصارف للمؤسسات التجارية ومدى الملاءة المالية لديها لمواجهة الطلب المتوقع على الرهن التجاري، وتعاونها في مسألة تمويل القطاع الخاص.

وتطرق باسمح في حديثه إلى أن التجار والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كانت تعاني في السابق عدم تعاون المصارف معهم في التمويل، إلا بضمانات كبيرة تمثل قيمة التمويل بالكامل بنسبة 100 في المائة، متسائلا: هل ستكون المصارف مستعدة في المرحلة المقبلة بعد تطبيق النظام الجديد الذي أقره مجلس الوزراء، في تمويل المؤسسات بنظام الرهن التجاري، لافتاً إلى أن النظام معمول به في عدد من الدول الصناعية وناجح بشكل كبير، مقابل تأمين بإعادة التمويل بنسبة 40 ــ 50 في المائة.

وقال "يجب مراعاة استكمال الجوانب المتعلقة بالنظام كافة، التي تضمن حسن تطبيق النظام كالقواعد والإجراءات الخاصة بعمل اللجنة المعنية بوزارة التجارة، وإعداد قاعدة بيانات الشركات المالية".

كما أن زيادة معدلات الفائدة بين المصارف قد يكون عامل طرد للشركات من الإقبال على الاستفادة من نظام الرهن التجاري، مشدداً على ضرورة إيجاد إجراءات تضمن عدم تدمير الشركات المحلية في حال خسارتها بعد الحصول على الأموال من المصارف بموجب نظام الرهن التجاري.

وأكدت وزارة التجارة، أن النظام يعظم استفادة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أصولها ويمكنها من رهن أصولها التشغيلية والاستفادة منها في الوقت نفسه، كما يضمن حقوق المقرضين ويسهل إجراءات التنفيذ على المال المرهون عند الإخلال، ويوسع نطاق الأصول القابلة للرهن ونطاق نفاذ عقود الرهن التجاري.

كما ذكرت الوزارة، أن إقرار نظام الرهن التجاري ينعكس إيجاباً على بيئة الأعمال، ويحسن تصنيف المملكة الائتماني، وموقعها في المؤشرات الدولية المستهدفة. ويهدف مشروع النظام الجديد بصفة أساسية إلى تعزيز سوق الائتمان في المملكة من خلال تهيئة الظروف الكفيلة بتحسين فرص حصول المنشآت التجارية على التمويل، وتحقيق استفادة أصحاب الأصول من القيمة الكامنة فيها.

وتهدف وزارة التجارة من القانون التمهيد لسلسلة أخرى من القرارات والأنظمة التي من شأنها تعزيز ثقة المستثمر الأجنبي بالسوق السعودية، وكذلك تهيئة أرضية قوية للاقتصاد السعودي لحمايته من الاختلال والانهيارات العالمية، على غرار الأنظمة التي عملت على حماية الاقتصادات الكبرى من الانهيار بعد أزمة 2009 العالمية.

© الاقتصادية 2018