مع أكثر من 4.79 مليار دولار تم إنفاقها في رسوم انتقال لاعبين رياضيين في عام 2016 وحده، أصبح السوق العالمي لانتقالات لاعبي كرة القدم مستمرًا في مساره التصاعدي؛ وأظهر انتقال اللاعب "نيمار" مؤخرًا، والذي تكلف 222 مليون يورو، أن انتقال اللاعبين يكتسب وتيرة تصاعدية.

ولأن الحصول على المواهب الكبيرة أصبح عملية باهظة التكلفة، فقد تزايد اهتمام نوادي كرة القدم بالحصول على المواهب الأصغر سنًا في كرة القدم؛ وقد وضع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ضمانات لانتقال أو تسجيل اللاعبين القاصرين (المشار إليهم بالقُصَّر) بموجب المادة 19 من لائحة الفيفا بشأن أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم.

وسوف تنظر هذه المقالة في التطبيق الحالي للمادة 19 وإنفاذها، من خلال دراسة:

(1) مقدمة وتعديل المادة 19.

(2) الاستثناءات المتاحة بموجبها.

(3) الإنفاذ والسوابق القضائية الأخيرة.

(4) أوجه القصور والقيود.

نهج أكثر صرامة

أدخلت المادة 19 لأول مرة، في طبعة عام 2001 من لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم، ما يقيد النقل الدولي للاعبين في الفئة العمرية من 10 إلى 18 سنة؛ وورد عدد قليل من الاستثناءات من القاعدة العامة التي سمحت بنقل القُصَّر دوليًا في الحالات التالية:

(1) انتقال والدا اللاعب إلى البلد الذي يقع فيه نادي العرض لأسباب لا صلة لها بكرة القدم.

(2) إذا كان عمر اللاعب من 16 إلى 18 عامًا والنقل يتم داخل الاتحاد الأوروبي أو المنطقة الاقتصادية الأوروبية.

(3) أن يقع مقر إقامة اللاعب في حدود 50 كم من الحدود الوطنية، ولا يزيد عن 100 كم من مقر النادي. 

ويتعين على النادي التقدم بطلب للحصول على موافقة بالإعفاء من لجنة شئون اللاعبين بالفيفا، وذلك من خلال الاتحاد الوطني لكرة القدم في بلد النادي، حتى يتمكن من تسجيل اللاعب. 

بالإضافة إلى ذلك، تتوسع المادة 19 في فرض القيود على اللاعبين الذين يتم تسجيلهم في النادي للمرة الأولى (أي عدم نقلهم)، إذا لم يكن اللاعب مواطنًا في البلد الذي يرغب النادي في تسجيله؛ وقد تم صياغة لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم وفقًا للمفاوضات السابقة بين الفيفا والمفوضية الأوروبية، مما يعطي انطباعًا عن المادة 19 أنها ذات قابلية للاستخدام مع القانون الأوروبي.

وفي عام 2009، تم تعديل لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم لتشمل الأندية التي لم تكن مُسجلة في الاتحاد الوطني التابع له النادي. 

وبالإضافة إلى ذلك، أنشئت في عام 2009 "اللجنة الفرعية" المكلفة بالإشراف على تطبيق المادة 19؛ ويلزم الآن أن تقوم اللجنة الفرعية بدراسة كافة طلبات الانتقالات الدولية والتسجيل الأول للقاصرين، ويجب تقديمها من خلال نظم نقل مطابقة لنظام الفيفا؛ وفي حالة رفض اللجنة الفرعية لطلبات ما، يمكن للنادي المعني أن يستأنف أمام محكمة التحكيم الرياضية في غضون 21 يومًا من تلقي أسباب قرار اللجنة الفرعية.  

التحديات والاستثناءات

لقد سمح الاجتهاد القضائي لكل من محكمة التحكيم الرياضية واللجنة الفرعية بوضع استثناءات إضافية للمادة 19؛ وعلى سبيل المثال، القُصَّر الأجانب الذين يعيشون منذ أكثر من خمس سنوات متتالية في البلد الذي يرغبون في التسجيل فيه، وكذلك تبادل الطلاب الذين يسعون للتسجيل لمدة تصل إلى سنة واحدة، وتمت الموافقة على تسجيلهم لأول مرة. وتناولت محكمة التحكيم الرياضية حالات استثنائية أخرى على أساس كل حالة على حدة، مثل الحالات التي تنطوي على لاعبين قُصَّر يسعون للتسجيل في بلد يقيمون فيه حاليًا بصفتهم لاجئين. 

في نهاية المطاف، يعتبر واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه محكمة التحكيم الرياضية وأكثرها إثارة للجدل، ما يتعلق بالحالات التي ينتقل فيها والدا اللاعب إلى البلد الذي يقع فيه النادي الجديد، وتحديد ما إذا كان ذلك لأسباب "لا علاقة لها بكرة القدم". ومن المعروف أن نادي برشلونة جلب ميسي ووالديه إلى إسبانيا عندما كان يبلغ من العمر 13 عامًا. وحدث ذلك قبل صدور المادة 19.

ورأت محكمة التحكيم الرياضية أن العمة أو الخالة (أو أي أقارب مماثلين) لا يجوز أن يتم استبدالهم عادة بوالدي القاصر من أجل تحريك هذا الاستثناء.

وتعتبر منطقة الخليج منطقة مثيرة للاهتمام، حيث أن نسبة كبيرة من السكان من غير المواطنين، وهذا يعني أن هناك عدد كبير من اللاعبين الشباب الذين جاء والديهم إلى المنطقة لأسباب غير ذات صلة بكرة القدم، أي أنهم قد يكونون قادرين على الاستفادة من الاستثناء والتوقيع بنجاح لناد محلي. 

الإنفاذ

وقد أثبتت عدد من القضايا الأخيرة، التي كان أطرافها أندية أوروبية، شدة العقوبات المفروضة وفقًا لقانون تأديب الفيفا، بشأن انتهاكات المادة 19؛ وإحدى هذه الحالات التي حصلت على تغطية إعلامية واسعة شملت نادي برشلونة، الذي عُرض على اللجنة التأديبية في عام 2013 لتسجيله 10 قاصرين، وذلك في انتهاك للائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم.

وقد تلقى النادي عقوبة عبارة عن "حظر انتقال" يمنعه من التوقيع مع أي لاعبين جدد لموسمين متتالين؛ وأيدت هذا الحظر وفي وقت لاحق محكمة التحكيم الرياضية في عام 2014، وذلك بناءً على استئناف من النادي. وفي الآونة الأخيرة، أقرت لجنة تأديب الفيفا العقوبات على ناديي ريال مدريد وأتليتيكو مدريد لخرقهما لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم بعد نتائج التحقيقات المتعلقة باللاعبين القُصر المشاركين مع كل ناد. وتلقى كلا الناديين حظرًا على انتقال وتسجيل أي لاعبين محليين أو دوليين لموسمين متتالين ابتداءً من يناير 2017، وتم تخفيض مدة الحظر على نادي ريال مدريد من قِبَل محكمة التحكيم الرياضية إلى موسم واحد، وقد انتهت الآن. 

أوجه القصور

على الرغم من التنفيذ الصارم للمادة 19 وتفسيرها، لا تزال ممارسات النقل المسيئة التي تقع خارج نطاق تغطية لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم مستمرة.

وكان هناك قلق من أن مجموعات كبيرة من اللاعبين الذين كانوا قد بلغوا 18 عامًا فقط قد تم الاتجار بهم وإرسالهم إلى محاكمات كرة القدم الجماعية في أوروبا، مع ترك اللاعبين دون مراقبة ودون تذكرة للعودة إلى ديارهم إذا لم يتم اختيارهم. 

وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من خفض الفيفا للحد الأدنى للسن لشهادات الانتقال الدولي من 12 إلى 10 سنوات (بعد تحقيق مع نادي برشلونة في عام 2013)، فقد ظلت المخاوف تتمثل في أن عقبة السن لا تزال مرتفعة جدا؛ وقد كان هناك اقتراح بأن الأندية ستنظر ببساطة إلى اللاعبين الأصغر سنًا، وهناك بعض الأدلة على ذلك؛ ففي عام 2013، وقع نادي ريال مدريد ونادي برشلونة مع لاعبين في سن التاسعة وهما تاكوهيرو ناكاي من اليابان، وساندرو رييز من الفلبين. 

التقدم في العمر

كما تنص لائحة أوضاع اللاعبين وانتقالاتهم على أنه لا يمكن للاعبين القُصَّر توقيع عقد مهني لمدة تزيد على ثلاث سنوات؛ وهذا يعني أنه عندما تنتهي مدة العقد بعد عيد ميلاد اللاعب الثامن عشر (لذلك لا يمكن أن تكون هذه اللحظة في وقت لاحق قبل عيد ميلاده الحادي والعشرين) يكون اللاعب حرًا في اختيار النادي الذي سيقوم بالتوقيع له.

ولا يمكن أن يقوم النادي السابق بإجبار اللاعب على توقيع عقد مهني جديد مع النادي نفسه. ومن وجهة نظر النادي، قد يبدو هذا الحكم قاسيًا، حيث أنهم دربوا وطوروا اللاعب، وأنفقوا وقتًا ومالًا كبيرين في سبيل القيام بذلك؛ ومع ذلك، قد يحق للنادي الحصول على "تعويض التدريب"؛ ويتم دفع تعويضات التدريب إلى نوادي تدريب اللاعب، وفقًا لصيغة معينة، عندما يوقع اللاعب أول عقد مهني، وفي كل مرة يتم نقله فيها حتى نهاية الموسم من عيد ميلاده الثالث والعشرين.

خاتمة

حالة انتقال "نيمار" تأخذنا إلى منطقة مجهولة وغير محددة فيما يتعلق بتقييم قيمة اللاعب؛ وسوف يؤدي المسار التصاعدي المستمر في رسوم الانتقال إلى ضغط لا مفر منه على الأندية للنظر في توظيف أكثر بتكلفة زهيدة، من خلال الاستثمار في اللاعبين الشباب. ومع ذلك، فهي ليست سوقًا حرة ومفتوحة بسبب القيود المعقولة التي وضعتها الفيفا.

ومع ذلك، فإن فرصة الحصول على إعفاء لانتقال أو تسجيل اللاعبين الشباب ربما يكون أعلى في منطقة الخليج من أي منطقة أخرى في العالم بسبب التركيبة السكانية والاستثناءات، حيث ينتقل والدا اللاعب إلى البلاد لأسباب لا علاقة لها بكرة القدم. ومن ناحية أخرى، فإن للاتحادات المحلية لكرة القدم حصصًا فيما يتعلق بعدد اللاعبين الأجانب المسموح لهم باللعب في الفريق الأول لكرة القدم. وفي نهاية المطاف، فإن الأمر يتعلق باتحادات كرة القدم المحلية ونواديها، للنظر فيما إذا كان السماح لعدد أكبر من اللاعبين الشباب المقيمين سيتوافق مع أهدافهم.

كتبه/ إيفور ماكجيتيجان - i.mcgettigan@tamimi.com - دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة

إيفور ماكجيتيجان (i.mcgettigan@tamimi.com) هو شريك في ممارسات التوظيف وعضو أساسي في ممارسة التميمي للقانون الرياضي. عمل إيفور لدى الاتحادات الرياضية والنوادي والفرق في مجموعة من القضايا.

© Al Tamimi & Company 2017