08 11 2017

دبي، الإمارات العربية المتحدة

في إطار متابعة مقالنا بشأن تحديث القانون المنشور في شهر مارس 2017، تحت عنوان "محكمة إماراتية تستبعد مطالبة مورد خزانات نقل النفط المادية المرفوعة ضد مالك السفينة"؛ تقدم هذه المقالة لمحة عامة عن الحكم اللاحق الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة (قضية الاستئناف رقم 655 لسنة 2016/ استئناف تجاري) فيما يتعلق بمسألة التزود بالوقود.

تتناول القضية مسألة إعسار المورد المتعاقد على توريد خزانات نقل النفط خلال تنفيذ العقد، والنتائج والآثار القانونية المترتبة على ذلك، وجوانب العلاج عندما يطلب صاحب السفينة توفير خزانات نقل النفط من المورد المتعاقد، والذي طلب بدوره خزانات نقل النفط من المورد المادي لها. لم يحصل المورد المادي على قيمة خزانات نقل الوقود التي تم توريدها بسبب إعسار المورد المتعاقد في وقت لاحق؛ وبالتالي فإن القضية المطروحة أمام المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية كانت تتعلق بإذا ما كان المورد المادي لخزانات نقل النفط يمكنه رفع مطالبة ضد السفينة وضد مالكها يطلب فيها استرداد قيمة الخزانات التي لم يتم دفع قيمتها.

معلومات أساسية

طلبت الشركة المالكة للسفينة ("مالك السفينة") من المورد المتعاقد على توريد خزانات نقل النفط ("المورد المتعاقد") تزويد السفينة ("السفينة") بخزانات نقل النفط، نفط الوقود البحري ونفط الغاز البحري ("خزانات نقل النفط")؛ وبعد هذا الطلب، أرسل المورد المتعاقد أمر شراء خزانات نقل النفط من شركة تصنيع خزانات تزويد السفن بالوقود ("المورد المادي") وطلب مالك السفينة من المورد المادي إمداد وتزويد السفينة بخزانات نقل النفط. ومن ثم قام المورد المادي بإمداد السفينة مباشرة بخزانات نقل النفط المطلوبة، ووقّع ربان السفينة/المهندس المسؤول على إشعار التسليم وختمه، مما يؤكد استلام خزانات نقل النفط؛ وبعد ذلك أصبح المورد المتعاقد على توريد خزانات نقل النفط معسرًا، ولم يدفع ثمن خزانات نقل النفط التي تم توريدها للمورد المادي.

طبيعة الدعوى

بتاريخ 19 مايو 2015 حصل المورد المادي الذي يتعامل مع شركة توريد خزانات نقل النفط على أمر احتجاز من محكمة الفجيرة        ضد سفينة شقيقة للسفينة المذكورة ("السفينة المحتجزة")، والتي كانت متوقفة في ميناء الفجيرة في هذا الوقت. قام المورد المادي استنادًا إلى أمر الاحتجاز المذكور بطلب تقديم أمر الشراء، وإشعار تسليم خزانات الوقود، والفواتير التجارية الخاصة بخزانات نقل النفط. وفي 26 مايو 2015، قدم المورد المادي مطالبة موضوعية أمام محكمة الفجيرة الابتدائية ضد السفينة المحتجزة ومُلاك السفينة ومديري السفينة المحتجزة والمورد المتعاقد المعسر ("المدعي عليهم"). كانت المطالبة بقيمة 175,196 دولار أمريكي، وذلك نظير التكاليف غير المدفوعة الخاصة بخزانات نقل النفط الموردة، وطلب من المحكمة المصادقة على أمر الاحتجاز الصادر ضد السفينة المحتجزة.

 

 

محكمة الفجيرة الابتدائية

بتاريخ 25 أكتوبر 2015، أصدرت محكمة الفجيرة الابتدائية حُكمها بتحمل مُلاك السفينة ومديري السفينة المحتجزة والمورد المتعاقد المسؤولية المشتركة، بأن تدفع للمورد المادي مبلغ وقدره 175,196 دولار أمريكي، بالإضافة إلى فائدة متكبدة عن الفترة من 26 مايو 2015 حتى تاريخ السداد بالكامل؛ كما صادقت المحكمة على أمر الحجز على أموال الضمان المضادة الخاصة بصاحب السفينة، التي تم إيداعها في المحكمة من قبل مالك السفينة للإفراج عن السفينة المحتجزة.

محكمة الاستئناف في الفجيرة

في شهر نوفمبر 2015، طعن ملاك السفينة والمورد المتعاقد ("المستأنفون") على حُكم المحكمة الابتدائية من خلال رفع دعوي استئناف أمام محكمة الاستئناف في الفجيرة؛ وادعى المستأنفون أن مُلاك السفينة ليس لديهم صفه ليتم رفع دعوى ضدهم في هذه المطالبة، وكما يتضح من ملف القضية فلم تكن هناك أي علاقة تعاقدية بين مُلاك السفينة وبين المورد المادي فيما يتعلق بخزانات نقل النفط. علاوة على ذلك، تم الادعاء بأن العلاقة التعاقدية فيما يتعلق بخزانات نقل النفط كانت بين المورد المتعاقد ومالك السفينة. وبالتالي، فإنه ينبغي أن يتم رفض مطالبة المورد المادي المُقدمة ضد مُلاك السفينة استنادًا إلى المادة 252 من قانون المعاملات المدنية، والتي تنص على ما يلي: [أ] لا يجوز أن يفرض العقد التزامًا على الطرف الثالث، لكن يجوز أن يخلق حقَا يشترك فيه".

قرار محكمة الاستئناف في الفجيرة

أصدرت محكمة الاستئناف في الفجيرة حُكمها بتاريخ 9 نوفمبر 2016، وقضت بإلغاء الحُكم الصادر عن المحكمة الابتدائية، وإلغاء مطالبة المورد المادي المرفوعة ضد مُلاك السفينة، وقررت أنه لا توجد علاقة تعاقدية بين مُلاك السفينة والمورد المادي فيما يتعلق بخزانات نقل النفط؛ واستندت محكمة الاستئناف في الحُكم الصادر عنها على المادة 252 المذكورة أعلاه من قانون المعاملات المدنية. علاوة على ذلك، رأت المحكمة أن المورد التعاقدي المُعسر يجب أن يتحمل مسؤولية سداد تكاليف خزانات نقل النفط غير المدفوعة، حيث أن العلاقة التعاقدية التي تتعلق بخزانات نقل النفط قد تم إنشاؤها بين ملاك السفينة والمورد المتعاقد.

المحكمة الاتحادية العليا

طعن المورد المادي بتاريخ 24 نوفمبر 2016 على قرار محكمة الاستئناف من خلال تقديم استئناف أمام المحكمة الاتحادية العليا؛ وأفاد المورد المادي أن مذكرة تسليم خزانات نقل النفط قد تم التوقيع عليها من قبل ربان السفينة/المهندس الرئيسي وختمها بختم السفينة، مما يؤكد استلام خزانات نقل الوقود. وحيث أن ربان السفينة يمثل مُلاك السفينة فقد ادعي المورد المادي أنه من الواضح أن هناك علاقة تعاقدية مباشرة بين مالك السفينة (عبر ربان السفينة) والمورد المادي؛ وبالتالي، قال المورد المادي إن حكم محكمة الاستئناف يجب أن يتم إلغاؤه. وقد اعتمد المورد المادي على المادة 137 من القانون التجاري البحري والتي تنص على ما يلي:

"يتحمل مالك السفينة المسؤولية مدنيًا عن أخطاء الربان والبحارة والمرشد، وأي شخص آخر في خدمة السفينة، متى وقعت منهم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، ويحق للمالك الرجوع إلى الشخص المُخطئ".

وبالمثل يكون المالك مسؤولًا عن التزامات ربان السفينة، والتي تنشأ عن التعاملات التي تتأثر به، والعقود التي دخل فيها في حدود صلاحياته المشروعة".

قرار المحكمة الاتحادية العليا

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها بتاريخ 18 أبريل 2017، حيث قررت تأييد حُكم محكمة الاستئناف؛ واعتمدت المحكمة الاتحادية العليا في حكمها على ما يلي:

1.      يتضح من ملف القضية أن العلاقة التعاقدية فيما يتعلق بخزانات نقل النفط كانت بين المقاول المتعاقد ومالك السفينة، وكانت هذه العلاقة التعاقدية تستند على أمر الشراء.

2.      يتضح من ملف القضية أنه لم تكن هناك علاقة تعاقدية فيما يتعلق بخزانات نقل النفط بين مُلاك السفينة والمورد المادي.

3.      تنص المادة 151 من قانون المعاملات المدنية على أن "الشخص الذي قام بإبرام العقد باسمه أو لحسابه يتعين أن يكون ملتزمًا بأحكام العقد باستثناء الأشخاص الآخرين.

4.      تنص المادة 252 من قانون المعاملات المدنية على: [أ] أنه لا يجوز أن يفرض العقد التزامًا على الطرف الثالث، لكن يجوز أن يخلق حقَا يشترك فيه".

5.      لا تُعتبر المسألة بين المورد المادي والمقاول التعاقدي، وهو ثمن مخازن نقل النفط الموردة، بمثابة "ديون بحرية"، وبالتالي لا يُطبق القانون التجاري البحري الإماراتي على هذه المسألة.

ملاحظات

بموجب المادة 115 من القانون التجاري البحري (قانون رقم 26 لسنة 1981)، لا يجوز احتجاز السفينة إلا إذا كان الدين الذي عليها "دين بحري"؛ وتحدد المادة 115 من القانون التجاري البحري ما يتعين اعتباره "ديناً بحريًا" بما في ذلك:

1.      يكون من المقبول وضع السفينة تحت الاحتجاز التحفظي بموجب الأمر الصادر عن المحكمة المدنية المختصة. ولا يجوز تنفيذ أمر الاحتجاز من هذا القبيل إلا لاستيفاء الديون البحرية.

2.      يُقصد بمصطلح "الدين البحري" المطالبة التي تتعلق بحق ناشئ عن أي من الأسباب التالية:

‌أ)        الأضرار التي تسببها السفينة بسبب الاصطدام أو ما شابه ذلك.

‌ب)    الخسائر في الأرواح أو الإصابات الشخصية التي تسببها السفينة، والأخطار الناجمة عن استخدامها.

‌ج)     المساعدة والإنقاذ.

‌د)       العقود التي تتعلق باستخدام السفينة أو استغلالها، بموجب عقد استئجار السفينة أو خلاف ذلك.

‌ه)     الخسائر أو الأضرار التي تلحق بالبضائع أو المنتجات التي يتم نقلها على متن السفينة.

‌و)      الخسائر البحرية المشتركة.

‌ز)      سحب السفينة أو قطرها أو إرشادها.

‌ح)     إمدادات المنتجات أو المعدات اللازمة للاستفادة من السفينة أو صيانتها، أيًا كان المكان الذي ستتم فيه الإمدادات.

‌ط)     بناء السفينة أو إصلاحها أو تجهيزها، وتكاليف وجودها في حوض السفن.

‌ي)     المبالغ المستخدمة من قبل ربان السفينة ومسؤولي الشحن والمستأجرين أو الوكلاء على حساب السفينة – أو على حساب مالك السفينة.

‌ك)     أجور ربان السفينة أو المسؤولين وطاقم السفينة، والأشخاص الآخرين الذين يعملون على متن السفينة، بموجب عقد توظيف بحري.

‌ل)      نزاع بشأن ملكية السفينة.

‌م)       نزاع يتعلق بالملكية المشتركة للسفينة، أو حيازتها أو استخدامها، أو حق الحصول على الأرباح التي تحققها السفينة.

‌ن)      الرهن البحري.

ووفقًا لذلك، فإن حكم المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه القضية، يتماشى مع الأحكام الصادرة مؤخرًا عن المحكمة الإماراتية، فيما يتعلق بمسألة تزويد ناقلات النفط. ومع ذلك، فإن النهج الجديد في هذا الحكم هو أن المحكمة العليا وجدت أن العلاقة بين المورد المادي والمورد المتعاقد، فيما يتعلق بعقود توريد خزانات نقل النفط، لا تعتبر من الديون البحرية؛ وبالتالي لا تندرج ضمن إطار القانون التجاري البحري الإماراتي.

ومن ثم، يشير هذا الحكم إلى أن الموردين الماديين لن يكونوا قادرين على السعي للحصول على إجراءات ضد السفينة أو مُلاك السفينة بخصوص خزانات النفط التي لم يتم دفع قيمتها، والتي قد تم توريدها إلى سفنهم استنادًا إلى طلبات الشراء أو طلبات الموردين المتعاقدين. علاوة على ذلك، سوف تقتصر مطالبات الموردين الماديين تمامًا على استرداد قيمة خزانات نقل النفط من الموردين المتعاقدين.

طارق عديس - t.idais@tamimi.com

© Al Tamimi & Company 2017