من أيدن لويس

تونس 6 مارس آذار (رويترز) - تعرض اثنان من أكبر حقول النفط في ليبيا يصل إنتاجهما معا إلى نحو 400 ألف برميل يوميا للإغلاق في تعاقب سريع، وهو ما يخلق شكوكا جديدة بشأن التعافي الجزئي للإنتاج النفطي في البلد العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

وظل إنتاج النفط في ليبيا عند نحو مليون برميل يوميا لأشهر، وجرى حل معظم الإغلاقات التي حدثت في الآونة الأخيرة سريعا. واستمر إغلاق كان قد بدأ يوم الأحد في الشرارة، أكبر حقول ليبيا، أقل من 24 ساعة.

لكن التوقفات التي حدثت في الآونة الأخيرة بسبب حراس في حقل الفيل لديهم شكاوى بشأن الرواتب والمزايا، وبسبب مالك عقار قال إنه يريد إزالة نفايات من أرضه، تلقى الضوء على المخاطر المستمرة على الإنتاج في بلد ليست به قوات أمنية مركزية ولا سيطرة سياسية.

* ما حجم الإمكانيات الليبية؟

لدى ليبيا أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في أفريقيا، وهي مورد مهم للخام الخفيف المنخفض الكبريت إلى أوروبا.

وفي عام 1970 تقريبا كانت ليبيا تنتج ما يزيد عن ثلاثة ملايين برميل يوميا. وقبل الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي والتي أدت إلى الإطاحة بمعمر القذافي ومقتله قبل سبع سنوات، كانت ليبيا تنتج أكثر من 1.6 مليون برميل يوميا.

وفي العام الماضي عرضت المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة خططا تهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 2.2 مليون برميل يوميا بحلول 2023، لكنها قالت إن هذا يحتاج استثمارات بنحو 18 مليار دولار.

ولدى شركات نفط أجنبية من بينها إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وكونوكو فيليبس وهيس الأمريكيتين حصص في الإنتاج عبر مشاريع مشتركة مع المؤسسة الوطنية للنفط.

*لماذا انخفض الإنتاج بعد 2011؟

منذ انتفاضة عام 2011 في ليبيا، يشهد البلد الذي به عدد قليل من السكان انقساما في السلطة. وقد استخدمت مجموعات محلية منشآت النفط كأداوات مساومة من أجل الضغط لتحقيق مطالب مالية وسياسية.

وعطلت فصائل مسلحة في أنحاء البلاد الإنتاج في حقول وموانئ رئيسية. شمل ذلك إغلاقا دام طويلا لمرافئ في الهلال النفطي الواقع في شرق ليبيا خلال الفترة من 2014 إلى 2016. وأدت عمليات الإغلاق العشوائي لفترات طويلة إلى انخفاض الضغط في آبار النفط.

ومع انخفاض إيرادات ليبيا بسبب تعطيل الإنتاج وتدني أسعار الخام، أصبحت المطالبات بالرواتب والتنمية المحلية وفرص العمل، والتي تذكي عمليات الإغلاق، أكثر انتشارا.

وهاجم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية حقول نفط وموانئ في عامي 2015 و2016 قبل أن تتصدى لهم قوات محلية وتجبرهم على الانسحاب. لكن لم يتم إصلاح الأضرار التي تسبب بها مقاتلو التنظيم لصهاريج التخزين في أكبر مينائين في ليبيا وهما السدر وراس لانوف. وتظل حقول من بينها المبروك والغاني مغلقة.

وبعدما أفرزت انتخابات كانت مثارا للخلاف في 2014 حكومتين متنافستين إحداهما في طرابلس والأخرى في شرق البلاد، حاولت فصائل في الشرق بيع النفط بشكل مستقل لكن تلك المحاولات باءت بالفشل. بيد أن الانقسام عزز الضبابية في قطاع النفط الليبي.

* ما المخاطر الحالية؟

تشمل أسباب الإغلاقات في الآونة الأخيرة احتجاجات الحراس، وضغط مجموعات مسلحة من أجل إطلاق سراح أعضائها المسجونين وما يبدو من مناورات سياسية في الشرق.

وفي بعض الأحيان تحدث إغلاقات في حقول نائية أو في مرافئ، ويكون ذلك بفعل أشخاص لديهم القدرة على الوصول إلى صناديق التحكم التي بها صمامات خطوط الأنابيب. وكان الإنتاج توقف بشكل متكرر في حقل الشرارة الرئيسي بسبب إغلاق مجموعات قرب الزنتان لخط أنابيب طويل يمتد إلى الساحل. وصارت مدينة الزنتان الواقعة غرب البلاد تتمتع بنفوذ عسكري خلال انتفاضة عام 2011.

وفي أغلب الأحيان لا يكون بيد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، والتي ليست لديها سلطة على المجموعات المسلحة حتى في العاصمة، سوى القليل مما يمكن فعله لإنهاء الإغلاقات.

ومن المفترض أن يتولى حرس المنشآت النفطية حماية منشآت النفط. لكن وضع هؤلاء الرسمي، شأنه شأن القوات الأمنية في أنحاء أخرى من البلاد، مفروض ذاتيا كما أن تحركاتهم تحكمها مصالح محلية النطاق بعيدا عن أي سلطة مركزية.

وحتى مع انتهاء عمليات حصار دامت لفترات أطول بداية من منتصف عام 2016، شكلت القيود المالية عائقا أساسيا أمام زيادة إنتاج ليبيا. وتتسم العلاقات بين المؤسسة الوطنية للنفط وحكومة الوفاق بالتوتر، حيث اشتكت المؤسسة مرارا من انقطاع مخصصات الميزانية في حين تقول حكومة الوفاق إن مواردها الخاصة محدودة.

ويلوح في الأفق أيضا خطر سياسي أكبر، إذ تعارض فصائل في شرق البلاد الذي يضم معظم ثروة ليبيا النفطية حكومة الوفاق وتقول إنها لا توزع ما يكفي من الدخل النفطي على المناطق الشرقية. وهدد بعض المتشددين في الشرق بوقف إنتاج النفط على الرغم من أن الجيش الوطني الليبي المتمركز في شرق البلاد حاليا، والذي لديه علاقات جيدة مع المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، أبقى الحقول والموانئ مفتوحة.

ولا يزال الوضع الأمني متقلبا، ففي ديسمبر كانون الأول تسبب تفجير خط أنابيب بشرق ليبيا في توقف ضخ ما يصل إلى 100 ألف برميل يوميا وإن كان سرعان ما تم إصلاح الخط. وتمارس الشركات العالمية نشاطها بحرا لكن وجودها البري يظل محدودا، وهو الأمر الذي يُبقي معظم برامج الاستكشاف والتطوير متوقفة.

*ماذا عن أوبك؟

جرى إعفاء ليبيا بجانب نيجيريا من تخفيضات إنتاج قادتها أوبك بهدف دعم أسعار الخام وجرى تمديدها حتى نهاية 2018.

وعلى الرغم من التكهنات بأن البلدين اللذين يعانيان من اضطرابات سيتعرضان لضغوط من أجل الانضمام إلى اتفاق تقييد الإمدادات، فإنهما ألمحا إلى نيتهما زيادة الإنتاج.

(إعداد معتز محمد للنشرة العربية - تحرير إسلام يحيى)