كتبت/ أسماء عبد الظاهر

أعلنت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي، عن تشكل استراتيجية الشراكة السعودية - الإماراتية، التي أطلق عليها إسم "استراتيجية العزم"، والتي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدولتين، وتوحيد المواقف سياسيًا.

وأكد خبراء لـِ " زاوية" أنّ الاستراتيجية سوف تزيد من فرص التكامل الاقتصادي بين المملكة والإمارات، علاوة على تعزيز الاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية " وام" عن سلطان المنصوري، وزير الاقتصاد الإماراتي، أنّ مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي واستراتيجية العزم المنبثقة عنه، يفتحان آفاقاً جديدة للتعاون في مشروعات اقتصادية استراتيجية تدفع عجلة النمو في كلا البلدين.

وقال المنصوري"إنّ استراتيجية العزم أتاحت للطرفين الإماراتي والسعودي التعاون في قضايا غاية في الأهمية في ما يتعلق بريادة الأعمال والسياحة والتراث الوطني والقطاع اللوجيستي والبنية التحتية. وأضاف: "حددنا من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم في هذا الشأن كيفية تطوير المطارات والموانئ الموجودة في البلدين، وتعزيز دورها في دعم الاقتصاد، بالإضافة إلى سبل تعزيز وسائل الربط الجوي بين البلدين من خلال سياسة الأجواء المفتوحة."

التكامل الاقتصادي

>

علي العنزي محلل وخبير اقتصادي سعودي


يقول على العنزي، المحلل والخبير بمؤسسة الجزيرة السعودية:" "شعب واحد في بلدين"، هذا هو الشعار الجديد للشعبَين الاماراتي والسعودي، وكل ما تقوم به القيادات الرشيدة هو لمصلحة الشعبين ورفاهيتهم، كل وسائل التواصل ما بين الشعبين سخرتها الحكومات لتوحيد المصير لتحقيق أهداف الخير للبلدين، فالترابط الذي زرع سواءً كان عسكري أو تجاري أو مواقف سياسية موحدة، هي لإنشاء تكتل قوي على المستوى الدولي، يوضع ألف حساب وحساب في كل تحركاته وتوجهاته."

وأضاف العنزي " ما تم الإعلان عنه في الأمس القريب ما هو إلا أحد تلك الثمرات التي يقتطفها أبناء الشعبين، فنتائج هذا الإعلان عن استراتيجية العزم من خلال المجلس التنسيقي المشترك والتي تقع تحت مظلتها تنفيذ 64 اتفاقية ومشروع عسكري وتنموي واقتصادي وهي نتاج جهود ما يقارب 350 مسؤول حكومي وأكثر من 139 جهة عمل حكومية وسياسية وعسكرية على مدار عام كامل من المشاورات والاجتماعات، كان الهدف الرئيس لها خلق تكامل اقتصادي ما بين السعودية والإمارات، ورفع قيمة التبادل التجاري إلى أعلى المستويات، فالقيادتين تسعيان إلى خلق تكتل قوي ليس فقط ما بين البلدين وإنما ينتقل الى الاستثمار الخارجي مما يوجِد رأي موحّد وقرار سياسي واقتصادي ثابت الأهداف والقرار، ويزيد من حجم الاستثمارات بين البلدين والتكامل الاقتصادي."

ونصّت "استراتيجية العزم" على إنشاء مجلس مشترك لتنسيق الاستثمارات الخارجية.

كما أكدت على ضرورة تمكين القطاع المصرفي في البلدين، والعمل على مواءمة الإجراءات والتشريعات الاقتصادية بينهما، والتعاون في تطوير تقنيات التكنولوجيا المالية الحديثة، وفقًا للبيان الرسمي الصادر من قبل الاجتماع التنسيقي.

وقد تم ‏الاتفاق على استراتيجية موحدة للأمن الغذائي، وخطة موحدة للمخزون الطبي، ومنظومة أمن إمدادات مشتركة، واستثمار مشترك في النفط والغاز والبتروكيماويات. كذلك تم الاتفاق على إنشاء شركة للاستثمار الزراعي برأسمال يبلغ 1.4 مليار دولار، وصندوق استثماري مشترك للطاقة المتجددة، وصندوق ثالث للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وعلى إيجاد قاعدة بيانات صناعية موحدة، وفقًا للبيان الرسمي.

لجنة عليا مشتركة

أكدت آمنه الناخي، مدير عام في حكومة الشارقة، وخبيرة اقتصادية لموقع زاوية عربي: "العلاقات الأخوية بين الشعبين الخليجيين الإماراتي والسعودي تعود إلى فترة طويلة من الزمن، وقد أرسى قواعدها المتينة المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، اللذين حرصا على توثيقها باستمرار، وغرساها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر على نهج التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية. ومتابعة لهذا النهج الحكيم وحرصاً من القيادة في البلدين الشقيقين على ترسيخ العلاقات فيما بينهما، تم تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو 2014، برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.

>

 

آمنه الناخي، مدير عام في حكومة الشارقة

أضافت الناخي: " أثمرت جهود اللجنة في إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين في مايو 2016، وتمكن المجلس من عقد خلوة العزم مرتين: الأولى في 21 فبراير 2017 بأبوظبي، بمشاركة أكثر من 150 مسؤولاً حكومياً، شكلوا تسعة فرق عمل بوجود عدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين.

تابعت الناخي: "والثانية في 13 أبريل 2017 بالرياض، اجتمع فيها 200 مسؤول من الحكومتين وتم تشكيل 11 فريق عمل لمناقشة آليات تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين، وإيجاد حلول مبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، وذلك من خلال عدد من المواضيع، منها: البنية التحتية والإسكان، والشراكات الخارجية، والإنتاج والصناعة، والزراعة والمياه، والخدمات والأسواق المالية، والقطاع اللوجستي، والنفط والغاز والبتروكيماويات، والشباب، والتطوير الحكومي، والخدمات الحكومية، وريادة الأعمال، والسياحة، والطاقة المتجددة، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة."

وقالت الناخي لموقع زاوية عربي: "الاستثمارات السعودية في الإمارات تصل إلى 4.5 مليار دولار، بينما يبلغ حجم المشاريع الاستثمارية الإماراتية في السعودية إلى 15 مليار دولار فيما يصل التبادل التجاري بين البلدين إلى 84 مليار دولار، أما التبادل التجاري غير النفطي فهو 15.9 مليار دولار وتوجد 2942 علامة تجارية سعودية مسجلة في الإمارات. وكي نفهم الحجم الاقتصادي الضخم والمهم للتنسيق بين البلدين دعونا ننظر إلى الأرقام المشتركة عن البلدين معاً، حيث يصل مجموع صادرات البلدين إلى 750 مليار دولار، ومجموع الواردات 548 مليار دولار، والناتج الإجمالي المحلي 1 تريليون دولار، ويصل حجم الانفاق السنوي على البنية التحتية 150 مليار دولار."

 

تبادل تجاري

كشفت بيانات رسمية صادرة عن الهيئة الاتحادية للجمارك في الإمارات عن ارتفاع إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية العام لدولة الإمارات مع دول مجلس التعاون الخليجي من حيث القيمة إلى 167.2 مليار درهم في عام 2017 أي ما يعادل 45.5 مليار دولار أمريكي، حيث جاءت المملكة العربية السعودية في مقدمة دول الخليج بحجم تجارة يبلغ 79.2 مليار درهم بما يعادل 21.5 مليار دولار أمريكي وبنسبة مساهمة 47%، تليها سلطنة عمان بقيمة تقدر بــ 36  مليار درهم ( 9.8 مليار دولار ) وبنسبة مساهمة 21%، والكويت بقيمة تقدر بـــ 25.4 مليار درهم (6.9 مليار دولار ) وبنسبة مساهمة 15%، وأخيراً مملكة البحرين بنسبة مساهمة 10% وبقيمة تقدر بـــ 17.1 مليار درهم( 4.6 مليار دولار).

وتعد السعودية ثاني أهم وجهة عالمية لإعادة التصدير من الإمارات، مستحوذة على 9% من إجمالي إعادة التصدير في البلاد خلال عام 2016، في حين حلت الأولى عربياً بنسبة 29% من إجمالي إعادة التصدير للدول العربية، وعلى صعيد دول مجلس التعاون، فتستحوذ على ما نسبته 47%، أما في الاستيراد فإن 45% من الواردات الإماراتية من دول مجلس التعاون مصدرها السعودية.

المصدر: الهيئة العامة للإحصاء السعودية

وفي المقابل، فإن الإمارات تأتي في المرتبة السادسة عالمياً بصفتها أهم شريك تجاري للسعودية مستحوذة على ما نسبته 6.1% من إجمالي تجارة السعودية لعام 2016، وفي المرتبة الأولى عربياً وخليجيًا بصفتها أهم شريك تجاري للسعودية مستحوذة على ما نسبته 56% من إجمالي تجارة السعودية مع دول مجلس التعاون لعام 2016.

ردود الفعل

وغرّد آلاف من السعوديين والإمارتين تعليقًا على إعلان #مجلس_التنسيق_السعودي_الاماراتي، وقال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، "من جدّة، عروس البحر الأحمر، وعبر #مجلس_التنسيق_السعودي_الاماراتي يرسل البلدين رسائل إيجابية إلى عالم عربي أحوج ما يكون لها، الشراكة الصادقة المخلصة تزيل كل العوائق وتفتح الآفاق وتكرّس الإيجابية والتفاؤل والإنجاز."

وقال وزير الإعلام السعودي عواد بن صالح العواد، "يأتي انعقاد #مجلس_التنسيق_السعودي_الإماراتي برئاسة سمو سيدي #ولي_العهد، وسمو الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي؛ لتعميق الأواصر بين البلدين الشقيقين وتكثيف سبل التعاون المثمر في كافة المجالات لما فيه الخير والنفع للشعبين الشقيقين."

صالح الرشيد، محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية، غرّد قائلًا " اتفق #مجلس_التنسيق_السعودي_الإماراتي على استحداث صندوق يستثمر في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ويسهّل من انسيابية الحركة في المنافذ، ويبني قاعدة بيانات صناعية موحدة، أهنئ قيادة المملكة والإمارات وأشكر لهما هذه الاتفاقية المساهمة في دعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

كتبت/ أسماء عبد الظاهر

تحرير / جنى سلوم

© ZAWYA 2018