06 09 2016

( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")

إنه ليس من المدهش، في خضم الجهود المتواصلة نحو تعزيز التحول من الاقتصاد القائم على النفط إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، أن ينصب التركيز على التعليم باعتباره محور الاهتمام الرئيسي في الرؤية المستقبلية لمملكة البحرين 2030؛ حيث تعمل المملكة على رفع المعايير ومستوى الأداء في مدارسها ومؤسساتها الخاصة بالتعليم المهني وجامعاتها من خلال التركيز على أنظمة التعليم بالمنطقة وقياس معدلات نجاحها النسبية في ظل وجود سوق عالمي تنافسي بصورة متزايدة. وقد تم ترجمة هذا إلى نظام تشريعي، ولا سيما إنشاء الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب عام 2008، والتي تتولى مراقبة وتقييم أداء المدارس والجامعات بمملكة البحرين؛ بالإضافة إلى وضع الامتحانات الوطنية لكافة الطلاب في كل من المدارس الحكومية والخاصة في الصف الثالث، والسادس والتاسع والثاني عشر.

يُنظر إلى البحرين في الغالب باعتبارها الفيصل أو الحكم فيما يتعلق بالتطور العصري والتحرر في نطاق دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث تفخر المملكة بتأسيسها لأقدم نظام تعليم حكومي في منطقة الخليج، كما أن معدلات التعليم تعد من بين أعلى المعدلات في العالم العربي؛ ووفقًا لآخر الإحصاءات التي نشرتها منظمة اليونسكو، فإن معدل التعليم في البحرين قد وصل بصورة مذهلة لنسبة 99.77% في عام 2015. هذا ويرجع السبب وراء هذا المعدل المرتفع للتعليم إلى أن القوانين بمملكة البحرين تنص على إلزامية التعليم بين الأطفال من سن 6 وحتى 15 سنة، وأن الآباء الذين يمتنعون عن إلحاق أطفالهم الذين تنطبق عليهم الشروط بالمدارس قد يتم تحويلهم إلى النائب العام وحتى أنهم قد يتعرضون للعقوبة الجنائية.

تتحلى وزارة التربية والتعليم بأربع مبادئ رئيسية تقع في القلب من دورها الشامل والكلي في تنظيم والإشراف على كافة الأنشطة المرتبطة بالتعليم في البحرين؛ وتتمثل هذه المبادئ في "التعلم من أجل الوجود، التعلم من أجل المعرفة، التعلم من أجل العمل والتعلم من أجل التعايش مع الآخرين". ومن أجل المساعدة في تبسيط هذه المبادئ، قامت وزارة التربية والتعليم باتخاذ عدة خطوات لتشكيل العقول الصغيرة والناشئة بالمملكة ليصبحوا أعضاء فاعلين ومؤثرين في المجتمع؛ وأن التكنولوجيا، على وجه الخصوص، تقوم بشكل متزايد بإحداث ثورة في نظام التعليم بطرق شتى، فعلى سبيل المثال، تعد إمكانية حمل الحواسب المحمولة، والهواتف الذكية وأجهزة الآيباد من بين الأشياء التي ساعدت طلاب اليوم في الانخراط بصورة أكثر في بناء معارفهم الخاصة، كما أنها جعلت من البحث الأكاديمي أمرًا أكثر سهولة ويسرًا مما كان عليه في السابق. إن مبدأ التعلم "من أجل التعايش مع الآخرين" لم يعد ينطبق فقط على نطاق العناصر المباشرة المحيطة بالمرء؛ ومن أجل ضمان أن يصبح طلاب المدارس الحكومية بمملكة البحرين على دراية ومعرفة بالتعليم الإلكتروني، فقد تم تزويد المدارس الحكومية بالحواسب الإلكترونية من خلال برامج ومشروعات مثل "مدارس الملك حمد للمستقبل" عام 2004؛ كما قامت وزارة التربية والتعليم أيضًا بتنفيذ مشروع على نطاق ضخم يهدف إلى تدريب آلاف المعلمين والمديرين والمتخصصين على استخدام تقنية المعلومات، وتتضمن بعض معايير النجاح المحتملة المرتبطة بها على المراجعات المستقلة للجودة، الامتحانات الوطنية والنتائج المحققة في الاختبارات الدولية فيما يتعلق بالأداء المدرسي (ويُقصد بها الاختبارات الدولية المعروفة باسم تيميس، وبيزا وبيرلز).

نبذة تاريخية عن التعليم في البحرين

لقد أُنشئت أول مدرسة حكومية للبنين في عام 1919 وكانت تسمى "مدرسة الهداية الخليفية"؛ ثم بعد ذلك أُنشئت أول مدرسة حكومية للبنات في عام 1928، وكانت تسمى "مدرسة خديجة الكبرى". ويُظهر تقرير لعام 2015/2016 أصدرته وزارة التربية والتعليم بأن هناك حاليًا ما يقدر بعدد 208 مدرسة حكومية، 75 مدرسة خاصة، بالإضافة إلى 14 جامعة في أنحاء المملكة.

وكشهادة على التنوع الخصب والثري للمملكة، تقدم وزارة التربية والتعليم خدمة التعليم المجاني لكلا من الطلاب البحرينيين وغير البحرينيين على حد سواء في المدارس الحكومية. هذا ولطالما كان التعليم إلزاميًا في البحرين، وكوسيلة لتحفيز الناس على الاستفادة من خدمة المدارس الحكومية المقدمة لهم، تقدم وزارة التربية والتعليم أيضًا الكتب المدرسية في كل المواد الدراسية مجانًا وبدون تكلفة مع بداية كل عام دراسي.

زيادة عدد المدارس الخاصة الدولية والمحلية والمؤسسات التعليمية

كانت أول مدرسة دولية تفتح أبوابها بمملكة البحرين هي "مدرسة الكنيسة المصلحة الهولندية الأمريكية" في عام 1892؛ وهي تعد كدليل على قبول الدولة منذ القدم للتعدد الثقافي واحترام حرية العقيدة، فقد كانت المناهج الدراسية بالمدرسة تنصب بصورة أساسية على مناهج اللغة الإنجليزية والرياضيات ودراسة المسيحية.  

تعد "مدرسة القديس كريستوفر"، والتي تم إنشاؤها كمبادرة سريعة لتعليم أطفال المقيمين المغتربين الذين تزايد عددهم بالبحرين، بمثابة قصة رائعة تحكي كيف أن مدرسة كنيسة صغيرة كان بها 39 تلميذاً قد تطورت وتحولت إلى مؤسسة تعليمية مرموقة على المستوى الدولي؛ وتعد واحدة من بين أفضل عشر مدارس دولية على مستوى العالم (وفقًا لصحيفة الجارديان الإنجليزية عام 2008)- وهي المدرسة الوحيدة بالمنطقة ضمن هذه القائمة.

إنشاء المدارس

هناك 35 مدرسة دولية من بين 75 مدرسة خاصة في مملكة البحرين؛ ومن أجل إنشاء مؤسسة تعليمية خاصة، هناك شروط معينة يجب الإيفاء بها والتي تشمل الحصول على موافقة مسبقة والفحص النهائي للموقع من جانب مديرية التعليم الخاص التابعة لوزارة التربية والتعليم، والتي تتولى فحص مواصفات المبنى المحدد وهي تشمل اعتماد الموقع من مجلس المدينة، وموافقة هيئة الدفاع المدني فيما يتعلق بسلامة الحريق، وكذلك موافقة إدارة المرور فيما يتعلق بوقوف المركبات ووصول الطرق لمنشآت المؤسسة التعليمية. كما يتعين على المستثمرين أيضًا الإيفاء بعدد من الشروط والمتطلبات الشخصية، مثل أن يكون سن المستثمر لا يقل عن 25 عامًا كحد أدنى، وأن يكون حاصلًا على شهادة المدارس الثانوية العامة أو ما يعادلها وأن لا يكون من بين العاملين أو الموظفين المدنيين المنتسبين لأي مؤسسات خاصة أو جهات حكومية. وعلاوة على ذلك، هناك حد أدنى من رأس المال المتطلب لإنشاء هذه المؤسسة ويقدر بحوالي 50,000 دينار بحريني؛ وعلى خلاف بقية دول مجلس التعاون الخليجي، يمكن أن تكون المؤسسات التعليمية ومؤسسات التعليم العالي بمملكة البحرين مملوكة للأجانب بنسبة 100%، وهو الأمر الذي قد يمثل عاملاً رئيسيًا في نجاح وازدهار الكثير من المؤسسات التعليمية الدولية بالمملكة. هناك أشكال عديدة من الأنشطة التي يمكن للمدرسة أو المؤسسة التعليمية أن تختار القيام بها تحت مظلة "التعليم"؛ على سبيل المثال، يمكن للأعضاء المؤسسين، في نطاق التعليم الخاص، أن يختاروا إنشاء مدرسة خاصة محلية (والتي تقوم بالتدريس وصولاً للمرحلة الثانوية) أو معهد تعليمي محلي.

مؤسسات التعليم العالي الخاصة        

لقد تم افتتاح "جامعة بوليتكنك البحرين" في عام 1968، كأول جامعة بحرينية تفتح أبوابها لكل من الطلاب المحليين والدوليين، ككلية فنية حكومية بالخليج؛ وبالإضافة إلى الجامعات الحكومية الرئيسية الأربعة التي يمكن للطلاب الدوليين الدراسة بها، هناك العديد من المؤسسات التعليمية الخاصة والمتاح لهم التسجيل بها أيضا. هذا وتعد إجراءات التقدم والشروط العامة المتعلقة بإنشاء مؤسسة تعليم عالي خاصة بمملكة البحرين مماثلة لتلك الإجراءات المتعلقة بإنشاء أي مدرسة محلية خاصة أو معهد تعليمي محلي.

هذا ويمنح سجل المملكة الممتد، بكونها مركزًا ماليًا رائدًا بالمنطقة على مدار الأربعين عامًا الماضية، إمكانيات وفرصًا مذهلة لجذب الطلاب من دول مجلس التعاون الخليجي للدراسة بها؛ كما تعد الجودة المتميزة لمستوى الحياة بها وكذلك الموقع الجغرافي المتميز من بين العوامل التي تأخذها وزارة التربية والتعليم في الاعتبار في إطار جهودها لتقديم ضمان جودة جديد وآليات للاعتماد، والتي من المحتمل أن تقلل بصورة ملحوظة من مخاوف الدول المجاورة حول مدى جودة مؤسسات التعليم العالي الخاصة؛ وقد تم معالجة هذه المسألة ضمن الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي للفترة من 2014-2024، وقد انعكس التنفيذ من خلال القرار الوزاري رقم 38 لعام 2015، والذي يحدد الإطار الخاص بالمراجعة التنظيمية لمؤسسات التعليم العالي من قبل الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب، والتي حددت ثمانية معايير للمراجعة وهي الهدف والهيكل الإداري (الحوكمة)، ضمان الجودة، تقنية المعلومات والبنية التحتية، جودة التعلم والتدريس، خدمات دعم الطلاب، الموارد البشرية، الأبحاث والمشاركة المجتمعية.

خاتمة  

بداية من موجة الجامعات الحديثة التي ميَّزت بداية الألفية الجديدة، ووصولًا إلى الجهود الواضحة التي بُذلت في كل من المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة من أجل دمج التكنولوجيا بطرق من شأنها أن تخلق تجربة تعلم أكثر فاعلية وتحفيزًا للطلاب، تُبشِّر النجاحات التي حققتها مملكة البحرين في مجال تطوير نظام التعليم بمستقبل واعد بالفعل لهذا القطاع الحيوي.                 

© Al Tamimi & Company 2016