تعتبر البورصة المصرية (أو ما كانت تعرف من قبل باسم بورصتي القاهرة والإسكندرية) من أقدم البورصات العالمية التي يتعدى عمرها أكثر من 100 عام. وفي الوقت الذي تعلن فيه البورصة المصرية عن فتح باب الترشح لعضوية مجلس إدارتها لدورة جديدة لأربعة أعوام من عام 2021 حتى عام 2025، نجد تغير في نشاط السوق من حيث مزيج قيم التداول بالمقارنة تاريخياً من حيث نوع المستثمر (أفراد مقابل مؤسسات) وأيضاً الجنسية (مصريين مقابل عرب وأجانب). 

مما لا شك فيه أن أزمة كورونا كانت أحد أهم أسباب هذه التغير الذي حدث خلال الفترة القصيرة الماضية ... قصيرة مقارنة بتاريخ البورصة المصرية.

على سبيل المثال، كانت نسبة تعاملات المستثمرين الأفراد في البورصة المصرية من حيث تداولات الأسهم تقريباً 50% كمتوسط شهري وذلك خلال أول 6 أشهر من عام 2020، متساوية مع نسبة المؤسسات. ولكن جاء النصف الثاني من عام 2020 باتجاه جديد وهو ارتفاع نسبة الأفراد لمتوسط شهري بلغ تقريباً 70% أي ارتفاع بمعدل 40% في حيت انخفضت نسبة المؤسسات إلى 30%. واستمر هذا الاتجاه في عام 2021 حتى الآن بنفس النسبة في المتوسط. 

وفيما يلي 4 ملاحظات: 

أولاً: جاء ارتفاع نسبة المستثمرين الأفراد نتيجة اهتمامهم بالأسهم الصغيرة والمتوسطة ذات القيمة السوقية المنخفضة ونسبة التداول الحر المحدودة وهو ما لا يتطرق إليه معظم المؤسسات التي تضع معدلات سيولة التداول نصب أعينها قبل الدخول في أي سهم. وبالتالي وجدنا مؤشر السوق الرئيسي EGX30 ينخفض خلال عام 2020 بنسبة 22% بينما ارتفع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة EGX70 بنسبة 69%. 

ثانياً: ما ساعد على ارتفاع نسبة المستثمرين الأفراد هو استخدامهم لآلية الشراء بالهامش التي تعظم من قدرتهم الشرائية وهو ما يساعد بدوره في إضافة زخم مضاعف عند الشراء وبالتالي ترتفع الأسهم بقوة أكبر. في المقابل، نجد معظم المؤسسات وخصوصاً تلك التي تدير صناديق للاستثمار لا تستطيع استخدام هذه الآلية حسب القواعد المعمول بها بالسوق. وبالتالي فقدت هذه المؤسسات مصدر هام للسيولة.

ثالثاً: مع تفشي فيروس كورونا عالمياً، اندفع المستثمرون الأجانب للخروج من سوق الأسهم المصرية باحثين عن أسواق أسهم أخرى ذات عائد مرتفع وسيولة عالية مثل السوق الأمريكي الذي استفادت أسهم كثيرة فيه من أزمة كورونا مثل أسهم التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية وغيرها.

وساعد ذلك انخفاض أسعار الفائدة في السوق الأمريكي مما دعم من ارتفاعات الأسهم الأمريكية خلال فترة ما بعد كورونا.

وبالفعل، انخفضت نسبة تداولات الأجانب من متوسط شهري بلغ 26% في أول 6 أشهر من 2020 لتصل إلى متوسط شهري بلغ 12% في النصف الثاني من العام وهو ما يقارب نفس المتوسط الشهري في أول 5 أشهر من عام 2021 أيضاً.

كانت تداولات الأجانب خلال عام 2020 عبارة عن صافي بيع بإجمالي قارب الـ 17 مليار جنيه مصري (أي أكثر من مليار دولار أمريكي)، مسجلين صافي بيع في كل شهر من عام 2020.

وخلال أول 5 أشهر من عام 2021، استمرت تداولات الأجانب كصافي بيع بإجمالي تعدى الـ 3 مليار جنيه مصري (أي حوالي 200 مليون دولار أمريكي)، وكان شهر يناير الشهر الوحيد الذي سجل فيه الأجانب صافي شراء. 

رابعاً: في المقابل، سجلت المؤسسات المصرية صافي شراء خلال كل شهر من عام 2020 بإجمالي بلغ 19 مليار جنيه تقريباً وإجمالي 2 مليار جنيه خلال أول 5 أشهر من عام 2021 مما يشير إلى أن المؤسسات المصرية ترى أن في انخفاض بعض الأسهم المصرية خلال فترة ما بعد كورونا فرصة لالتقاط الأسهم الرخيصة ذات القيمة بغض النظر عن المضاربات السريعة ذات العمر القصير وهي سمة تداولات الأفراد بصفة عامة. 

منذ بداية أزمة كورونا في عام 2020، تغير نشاط المتداولين في سوق الأسهم المصرية ليقوده المستثمرون الأفراد. وبينما تخارجت المؤسسات الأجنبية، استمرت المؤسسات المصرية في الشراء وإن كانت بزخم أقل من المستثمرين الأفراد الذين استغلوا الشراء بالهامش لزيادة قوتهم الشرائية وهو ما قد ينذر بالخطر إذا ما اتجهت أسعار الأسهم التي يستثمرون بها إلى الانخفاض حيث سيكون الانخفاض مضاعف أيضاً. ويبقى السؤال، إلى متى يستمر الحال على هذا المنوال؟ 

(إعداد: عمرو حسين الألفي، المحلل المالي بزاوية عربي ورئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية في مصر وهو حاصل على شهادة المحلل المالي المعتمد "CFA") 

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com) 

 

© Opinion 2021

المقال يعبر فقط عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية استثمارية معيّنة.